- بريجيت هاوزر سوويس من المكتب الفدرالي للهجرة
- شُبهات
- المسألة ليست بهذه البساطة...
- تمييز أو احتياط؟
إن كنت شابا أعزبا شاء القدر عند ولادتك أن فتحت عينيك في المغرب أو تونس أو غانا أو كوت ديفوار أو حتى إيران... فلا تحلم كثيرا بقضاء ولو عطلة قصيرة في سويسرا.
فأنت تسقط بسهولة في خانة من ترفض السلطات منحهم التأشيرة بسبب عدم ضمان مغادرتهم لسويسرا بعد انقضاء مدة ال"فيزا". وهذا ينطبق على الشبان، ذكورا وإناثا. لكن المكتب الفدرالي للهجرة يؤكد أن معدل الرفض يضل ضئيلا بالنسبة لمنطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
"في القاهرة، والدار البيضاء وبيشاوار أو بوينوس إيريس، تتكون طوابير طويلة منذ الفجر، ومرارا حتى خلال الليل، أمام قنصليات الدول الأوروبية والولايات المتحدة التي تحولت إلى قلاع مُحصنة يُستعصى الوصول إليها. أيامُ انتظار كاملة تحت شمس حارقة أو أمطار طوفانية، مع مكافئة (الطوابير) أحيانا بفظاظةِ قوات حفظ الأمن المحلية، المكلفة بتطويق حشد طالبي التأشيرة. قواتٌ لا تمتنع مرارا عن ابتزاز أموال الراغبين في الاستفادة من فرصة أفضل (لدخول تلك القلاع)".
هذا الوصف جاء في مقال نشرته صحيفة "لوماتان ديمونش" الصادرة بالفرنسية في لوزان (عدد 12 أغسطس2007) بعنوان "تأشيرات ورجال". كاتب المقال، فيلا (Willa) استعرض الفرق الكبير بين استعدادات أبناء سويسرا وغيرها من الدول الغنية لقضاء العطل الصيفية في مختلف بقاع العالم، وهو عالم باتوا "يمتلكونه" بشكل ما، وبين أبناء دول الجنوب الذين "يخضعون للإذلال من قبل موظفين يحتقرونهم ويشكون في نواياهم، ويشترطون توصيات وضمانات لا نهاية لها، ويسعون على ما يبدو إلى ثبط عزيمة طالبي التأشيرة"، على حد تعبير مُوقع المقال.
فبينما ينعم أبناء أوروبا وأمريكا الشمالية بوفرة عروض وكالات الأسفار لاكتشاف وجهات خلابة واقتصادية، حتى أنهم يحارون في اختيار قبلتهم الصيفية أو الشتوية أو غيرها، في دول تخلت عن فرض التأشيرة لإنعاش قطاعها السياحي، يخوض أبناء دول الجنوب ما يُشبه حربا للحصول على تلك "الفيزا" الثمينة التي بات يُنظر إليها ك"مفتاح للجنة". لكن تلك الجنة لا يدخلها بطبيعة الحال كل من هب ودب.
منظر الطوابير الطويلة أمام القنصليات والسفارات الغربية في دول الجنوب باتت مشهدا معتادا في العديد من الدول العربية، حتى أن طالبي التأشيرة تأقلموا مع هذا الوضع وابتكروا طرقا للتخفيف من تعب الاستيقاظ فجرا لضمان مكان مُتقدم في الطابور، إذ يلجأ بعضهم إلى "استئجار" شخص يقضي الليلة أمام السفارة أو القنصلية المعنية، ويسلم مكانه لدافع الأجرة لدى وصول هذا الأخير قبل دقائق قليلة من فتح السفارة لأبوابها.
لا يوجد "رفضٌ" مبني على مُجرد شُبهة
بريجيت هاوزر سوويس من المكتب الفدرالي للهجرة
شُبهات
لا شك أن أسلوب معاملة طالبي التأشيرة يختلف من سفارة إلى أخرى ومن موظف إلى آخر، إذ لا يمكن التعميم المُطلق في هذا المجال، لكن الأكيد أن فئة الشباب العازب هي التي تواجه أكبر العراقيل. وقد أثار هذه المسألة مقالٌ لصحيفة "فانت كاتر أور" التي تصدر بالفرنسية أيضا في لوزان (عدد 14 أغسطس 2007) بعنوان: "السياح من الشباب العازب ليسوا موضع ترحيب في سويسرا".
واستشهد كاتب المقال، أنطوان غروجون، بمثال شقيقتين إيرانيتين (23 و27 عاما) رفضت السفارة السويسرية في طهران منحهما التأشيرة لأداء زيارة قصيرة لأقارب لهما في كانتون جنيف (زوج مختلط متقاعد سويسري/إيراني). وكان نفس الزوج قد استدعى قريبة إيرانية شابة قبل عامين، حصلت على التأشيرة بدون أية مشاكل.
وعلى وثيقة الرفض، أشَّرت السلطات على خانة "مغادرة سويسرا غير مضمونة بعد انقضاء الإقامة"، أي أن السلطات تخشى أن تتذرع الشقيقتان بالزيارة العائلية وتستغلان الفرصة للالتحاق بالمهاجرين غير الشرعيين في سويسرا. فهما شابتان عازبتان، وهاتان صفتان تحولتا إلى شبهتين.
تقول خالة الشقيقتين فرانسواز فاسي في لقاءها مع صحيفة "فانت كاتر أور": "يفترضون (أي السلطات) أن لديهما نوايا غير شريفة. وعندما تُسلِّمان شهادة تثبت أنهما تزاولان عملا في إيران، وبالتالي لا تنويان الهجرة، تشتبه السفارة السويسرية من تلقاء نفسها أن هذه الأوراق مزورة. وعندما أسمع هذا، أخجل من كوني سويسرية".
ونوه كاتب المقال إلى أن حالة الأختين الإيرانيتين ليست منعزلة إذ يزخر موقع المحكمة الإدارية الفدرالية على الإنترنت بأحكام صدرت في حق شبان من المغرب وتونس (وبلدان إفريقية أخرى) طعنوا في رفض السلطات منحهم التأشيرة لزيارة عائلاتهم في سويسرا أو حضور زواج أحد الأقرباء.
لكن معارضتهم لقرار السلطات لم تأت بالثمار المرجوة إذ كان رد القضاء كالتالي: "مع الأخذ بعين الاعتبار الحالة الشخصية والمهنية والأسرية لطالب التأشيرة (شاب عازب وعاطل عن العمل) والحالة الاجتماعية والاقتصادية السائدة في بلده الأصلي، لا تبدو مغادرة المعني بالأمر لسويسرا في نهاية الإقامة مضمونة بالقدر الكافي".
وتستند المحكمة في قراراتها المعروضة على موقعها الإلكتروني إلى التجارب التي أوضحت في حالات مشابهة أن "عددا كبيرا من الأجانب" يسعون إلى الاستقرار في سويسرا "بكافة الوسائل"، وأنه ليس بوسع الكنفدرالية استقبال كافة الأجانب الراغبين في القدوم إليها، ولئن تعلق الأمر بفترات قصيرة. لذلك يوصي القضاة كل مضيف سويسري راغب في رؤية أقاربه، الذهاب إليهم بدل استدعائهم!
المسألة ليست بهذه البساطة...
تطرُّق وسائل الإعلام السويسرية للصعوبات المتزايدة التي يواجهها الشباب العازب من دول إفريقية وشرقية للحصول على "الإذن" بزيارة بلاد الألب لم يأت من عدم، إذ يعكسُ تناول هذا الموضوع، خاصة أثناء العطلة الصيفية، استياء عميقا في صفوف عدد كبير من الأجانب المقيمين في سويسرا وحتى المواطنين السويسريين الذين لهم أقارب في تلك المناطق "غير المحظوظة" من العالم. ومن هؤلاء من لم يعد حتى يجرأ على استدعاء قريبة شابة أو قريب شاب لأنه أصبح على قناعة أن الأمر لن يجدي نفعا، وأنه سيضيع وقته ووقت قريبه ليصطدم في نهاية المطاف برفض السلطات.
لكن الأمور ليست بهذه البساطة، إذ يجب التذكير والإقرار بأن عددا كبيرا من شباب دول الجنوب يصل بالفعل إلى سويسرا وغيرها من الدول الغربية بتأشيرة سياحة، ثم يُتلف جواز سفره بعد انتهاء مدة الإقامة لينضم إلى قائمة المهاجرين السريين. وهذا ليس بسبق خبري.
ملايين الشباب يحلمون ب"الجنة الغربية"، ولو كان الوصول إليها مُمكنا على متن "قوارب الموت" فقط. ملايين الشباب باتوا يتغنون بقطع شعبية من قبيل "عْطُوني الفيزا والباسْبَور، من كازا لمارساي" أو "يا لبابور يا مونامور خرجني من لا ميزير" التي تحولت إلى شبه شعار مغاربي للهجرة.
لكن ليس كل شاب عربي أو إفريقي أو آسيوي... يرغب في مغادرة موطنه. منهم من يريد فقط زيارة الأحباب واكتشاف بلدان وثقافات ومناظر أخرى. لكن الحابل يختلط بالنابل عندما يتعلق الأمر بطلب التأشيرة ويوضع معظم الشباب العازب وخاصة العاطل في سلة واحدة.
تمييز أو احتياط؟
ألا يُعتبر ذلك تمييزا على أساس العمر والجنسية إزاء هؤلاء الشباب لمجرد شبهة؟ وكيف تُبرر السلطات السويسرية رفض منح التأشيرة القصيرة المدى لهذه الفئة من السياح؟
كان هذان السؤالان من ضمن جملة من الأسئلة التي طرحتها سويس انفو على السيدة بريجيت هاوزر سوويس، رئيسة قسم الإعلام والاتصال في المكتب الفدرالي للهجرة في برن. أجابت بالمختصر المفيد، وقالت: "لا يوجد رفض مبني على مجرد شبهة. إن قرارات الرفض التي تُتخذ في إطار التجمعات الأسرية تجد تبريرها في الوضع "غير المستقر" (أو حتى المؤقت) للأسر المقيمة في سويسرا، والتي لا يمكن أن تستفيد مبدئيا من تجمع للعائلة (أي فئة الطلبة، والحاصلون على حق مكوث مؤقت، وطالبو اللجوء).
وأوضحت السيدة هاوزر سوويس أن السبب الرئيسي للرفض هو "المغادرة غير المضمونة لسويسرا" بعد انقضاء مدة التأشيرة، مؤكدة أن المكتب الفدرالي للهجرة لم يضع "لائحة لدول تمثل خطرا في مجال الهجرة". وكان المتحدث السابق باسم المكتب الفدرالي للهجرة، دومينيك بوايا، قد أكد أيضا في تصريحات لصحيفة "فانت كاتر أور" (في نفس المقال المذكور أعلاه) وجود بلدان تمثل "خطرا" في مجال الهجرة، خاصة في إفريقيا والمشرق، منوها في المقابل إلى عدم وجود أي "لائحة سوداء".
وأضافت المتحدثة هاوزر سوويس في تصريحاتها لسويس انفو أن نسبة رفض السلطات منح التأشيرة تضل ضئيلة بالنسبة لبلدان الشرق الأوسط والمغربي العربي، مستشهدة ببعض الأمثلة من إحصائيات عام 2006 (رفض 300 تأشيرة لمواطنين من الإمارات العربية المتحدة من أصل 12000 طلبا، 440 لمواطنين من المغرب من أصل 6092).
لكن واقع العديد من شباب الخليج الذين يتوافدون على سويسرا بأعداد كبيرة خلال العطلة الصيفية، ويستعرض بعضهم سياراتهم الخاصة التي نقلوها خصيصا من بلدانهم للتجول في شوارع جنيف خلال أعياد مدينة البحيرة الشهيرة، هذا الواقع يختلف كثيرا عن شباب المغرب أو تونس أو الجزائر مثلا. فهل تحظى منطقة الخليج بوضع خاص على مستوى منح التأشيرات؟
عن هذا السؤال، تجيب السيدة هاوزر سوويس بالقول: "إن منح التأشيرة من صلاحيات مكاتب التمثيل السويسري في عين المكان التي تستشير مع المكتب الفدرالي للهجرة و/ أو كانتون الإقامة في حال الشك (في ملف الطلب). ويُسلم قرار الرفض الرسمي لمنح التأشيرة (مع إمكانية الطعن في القرار) للمكتب الفدرالي للهجرة.
غير أن الأرقام تتحدث عن نفسها لدى مقارنة عدد الطلبات ونسب الرفض في كل من الإمارات والمغرب..على سبيل المثال.
من سويس انفو
ممكن أن تتطلع على مثل هذه الأخبار في الصفحة المخصصة للأخبار الخفيفة
https://artravelers.com/p/re/142601
وياهلا فيك في البوابة الحمراء