يعتبر طبق الكبة أحد أشهر الأطباق التقليدية في لبنان، والذي عادة ما يزين مائدة الطعام مهما تنوعت المناسبات. وإذا زرت بيروت فلا بد أن تتذوق هذا الطبق في أي مطعم تطأه قدماك، كونه يشكل إحدى الركائز الأساسية من لائحة الطعام التي يقدمها، وعادة ما يأخذ هذا الطبق أشكالا متعددة، وأشهرها الكبة المحشوة باللحم والصنوبر وتدخل ضمن لائحة المازة اللبنانية التي تفتتح بها الجلسة الأصيلة على مائدة طعام غنية بالأصناف اللذيذة التي يسيل لها اللعاب وتفتح الشهية.
مطعم “كبة زمان” في الأشرفية أخذ على عاتقه ومنذ نحو عشر سنوات تقديم 16 نوعا من الكبة، نقلها من الشمال إلى بيروت، كون الكبة الشمالية هي الأشهر في لبنان خاصة المعروفة ب”قرص الدهن الزغرتاوي”، وتكون مؤلفة من قطعتين إحداهما مسطحة وهي الطبقة السفلى، والثانية مستديرة مقولبة وتشكل الطبقة العليا منها.
ويقول أسعد سعادة، صاحب المطعم وابن مؤسسه حليم، إن الفكرة من المطعم هي تقديم الكبة على الطريقة الشمالية وبالتحديد الزغرتاوية (تيمنا ببلدة زغرتا) التي ينتمون إليها، وإنه ووالده ووالدته يشكلون الفريق الأساسي العامل في مطبخه كون والدته (تريز) ترفض أن يقوم أحد غيرها بخلطة الكبة الشمالية التي تعلمت كيفية صنعها من والدتها (هند) وهذه الأخيرة اكتسبت طريقة صنعها أيضا من والدتها (جدّة تريز وتدعى فريدة) والتي ما زالت حتى اليوم تمارس هذه المهنة وتساعد أحفادها بها أيام الأعياد، حيث تكثر طلبات الزبائن على طبق الكبة بشكل عام.
الكبة المشوية على الفحم هي من اختصاص المطعم، وهي خليط من البرغل ولحم الماعز محشوة بالدهن (اللية) التي تجعل مذاقها مميزا، وقلة من المطاعم البيروتية تقدمها. أما الكبة الأصابع المحشوة باللحم والبصل والصنوبر فهي الأكثر شهرة ورواجا، فيما تعتبر الكبة الصاجية والمحشوة بالجوز والدهن مضافة إليها خلطة من البهارات من أنواع الكبة النادر صنعها في لبنان خصوصا أنها مستقدمة من مدينة حلب السورية. وتنقسم أطباق الكبة المطهوة إلى نوعين: المقلية والمشوية. فالمقلية تتضمن الكبة الفارغة التي تستعمل في اللبنية والمحشوة باللحمة والصنوبر أو باللبنة والصنوبر والصاجية، فيما المشوية تشمل الكبة بالزبد أو الزيت أو اليقطين، وهذا الطبق الأخير يعتبر من الأطباق اللبنانية العريقة ويرتبط ارتباطا مباشرا بالقرية اللبنانية، وحاليا يصنف من الأطباق الصحية المنصوح به من قبل اختصاصيي الغذاء ومقدمي برامج الطبخ على شاشات التلفزيون، أما كيفية صنعه وحسب طريقة السيدة تريز فتتطلب خبرة و”نفسا طيبا” كما يقول أهل الجبل.
ويرى أسعد سعادة أن زبائنه وغالبيتهم من أعمار متقدمة يعتبرون الكبة النيئة من ألذ الأطباق وأصعبها تحضيرا، لأنها تتطلب مقادير معينة وطريقة تحضير تختلف اختلافا كبيرا عن أطباق الكبة المطهوة. ومن الأخطاء التي يقع فيها من يحضر هذا الطبق لزاجته أو رائحته غير المحببة، بسبب عدم استعمال المياه المثلجة أثناء خلطه. ومن الأطباق التي تدخل في لائحة الكبّة النيئة والتي لا تخضع للنار بشكل أو بآخر “التابلة” و”الهبرة”، وهذه الأكلات تدخل في فئة المازات اللبنانية المعروفة وتؤكل مع الثوم المطحون والمخلوط بالزيت.
وترى السيدة تريز أن البهارات تلعب دورا كبيرا في طريقة تحضير الكبة على أنواعها، لا سيما “الكبة بالصينية” والتي تخبز بالفرن، إذ يتفنن البعض بإضافة “المردكوش” إليها على الطريقة الجنوبية أو “الكمون” على الطريقة العكارية (نسبة لمنطقة عكار الشمالية)، إنما هي شخصيا فلا تستعمل الملح بل تكتفي بإضافة البهار الأسود الحلو أو دبس الرمان إلى الحشوة وذلك حسب رغبة الزبون.
ومن يقصد مطعم “كبة زمان” لا شك أنه تلفته جلسته الهادئة وقعدته البسيطة التي تشعرك بأنك في بيتك لغياب مظاهر الفخامة أو الرفاهية فيه. أما ديكوره الملائم لاسمه فيذكرك بمنازل القرية التي تجلس فيها على كرسي حديد مطعم بالقش وطاولة خشب فتتناول طعامك وأنت تشعر بالراحة.
ومن الأطباق البيتوتية التي يمتاز بتقديمها “الفوارغ والمقادم وورق العنب” وهي من الأطباق اللبنانية التي يجيد تحضيرها الجيل القديم، فيما أصبح من النادر أن تجد من يتناولها من جيل الشباب خصوصا أن طريقة تحضيرها صعبة، ومذاقها مميز بحيث لا يستهوي الكثير منهم.
كما يقدم مطعم “كبة زمان” الطبق اليومي لزبائنه الذين يطلبونه بواسطة التوصيل السريع إلى مراكز عملهم أو يقصدون المطعم مباشرة في ساعة الغداء المخصصة لهم يوميا في أوقات الدوام، ومن بين هذه الأطباق الشيش برك والملوخية والمغربية والصيادية والدجاج بالفرن والكبة بالصينية والمجدرة والمدردرة وغيرها من الأطباق التي يستمتع الزبون بتناولها فتذكره بأكلات البيت. كما يقدم كل أنواع طبق الفتة ك”الفتة بالحمص” و”الفتة باللبن” و”فتة اللسانات”. أما من لا يملك الوقت الكافي لصنع الكبة على أنواعها والمعجنات فإنها متوافرة في مطعم “كبة زمان” مفرّزة أو مطهوة، ويقوم المطعم بتوصيلها للمنازل حسب الطلب.