- "الجيمس" أحجار كريمة
- المسلمون في سريلانكا
هذا الموضوع استفدت منه كمعلومات علمية موثقة وتاريخية هامة قبل سفري إلى سيرلانكا .. نشرته مجلة العربي الكويتية الشهيرة، والتي تعتبر من أوائل المجلات والمصادر العربية في التعريف بالدول والأماكن حول العالم.. أتمنى لكم قراءاة ممتعة واستفادة كاملة
أن يتحدث المرء عن سريلانكا أو جزيرة الشاي فهذا يعني أنه يستطيع الحديث عن روضة من الجنة بسطها الخالق على جزء من كوكبنا الأرضي..إذ يكفي السائح أن يصل إلى مدينة نورالي لتطالعه بساتين الشاي الممتدة إلى حيث يمتد البصر.
وما أن يشبع ناظريه من خضرة الشاي حتى تطالعه غابات المطاط وجوز الهند ومزارع الأرز وزهور الأوركيد. تلك طبيعة سريلانكا الجذابة التي تفوح فيها روائح التوابل الغريبة، ولقد حبا الله هذه الجزيرة بالأحجار الكريمة " الجيمس" التي تعد بميزاتها الرائعة الأولى في العالم.
لذلك كانت سيلان محط أنظار المستعمرين فتوالى عليها البرتغاليون والهولنديون والإنجليز، وبسبب التأثير الخارجي تعددت فيها الأديان كالبوذية والهندوسية والمسيحية والإسلام.
ولعل الشيء المؤلم فيها هو وضع المسلمين الذين يعدهم نمور التاميل صيداً سهلاً فيقتلونهم أو يشردونهم وينهبون أموالهم..تلك هي مأساة مسلمي سيلان، سيلان عرفها العرب قديما باسم سرنديب، فكانت سفنهم تجوب سواحلها للاتجار بالأخشاب والحرير والتوابل والعطور، وهي بذلك من أقدم المحطات التجارية التي عرفها العرب والصينيون. وابتداء من القرن السادس عشر الميلادي تناوب البرتغاليون والهولنديون والإنجليز على استعمارها، فعرفت منذ ذلك الوقت باسم سيلان أو سيلون، إلا أن الإنجليز الذين فازوا بالغنيمة مع بداية القرن الثامن عشر الميلادي ألحقوها مستعمرة تابعة للتاج البريطاني فشجعوا أهالي البلاد على غرس الأشجار وبخاصة أشجار المطاط وجوز الهند والشاي بغرض الانتفاع الاقتصادي إلى أقصى حد من موارد هذه الجزيرة، وبعد انتهاء الحرب العالمية بسنوات قليلة حصلت سيلان على استقلالها، وقررت أن تبقى عضواً في الكومنولث البريطاني، وفي عام 1972 أعادت رئيسة الجمهورية حينذاك السيدة سيرامافو بندرانيكا الاسم السنهالى القديم للجزيرة فعرفت باسم سريلانكا وتعني باللغة السنهالية النقطة المقدسة أو البقعة المقدسة، والسنهال هم أكبر وأقدم شعب يقطن سريلانكا ويعتنقون البوذية، ثم يليهم التاميل ويعتنقون الهندوسية، وهنالك أقليتان من المسلمين والمسيحيين .
سيلان والشاي وقد اشتهرت سيلان أو سريلانكا بجودة إنتاجها من الشاي، ويعود الفضل في ذلك إلى الإنجليزي الكابتن جيمس هيلر الذي أدخل فيها زراعة الشاي عام 1839، فقد قام بإحضار شجيرات الشاي من الصين، ووجد بعد تجارب أن منطقة نورالى الجبلية والواقعة وسط الجزيرة من أحسن المناطق التي تناسب هذه الزراعة، وفي زيارتنا لنورالي التي يبلغ ارتفاعها حوالي ثلاثة آلاف متر عن سطح البحر، كان الطقس باردا ممطرا قليل الرطوبة، وعلى مدى البصر لا تقع العين إلا على بساتين الشاي وأشجاره القصيرة التي لا يتجاوز ارتفاعها المتر الواحد، وهي شجرة دائمة الخضرة، معمرة تصل إلى ما فوق الثمانين سنة، ويقوم المزارعون كل ثلاث سنوات بتقليم فروعها وتشذيبها حتى تنبت غصونا جديدة، وغالبا ما تقوم النساء بجني أوراق الشاي في الصباح ويضعنها في سلال خاصة يحملنها على ظهورهن. ويوضح مرافقنا أن هنالك ثلاثة أنواع للشاي من حيث الجودة، الأول هو النوع الذي تزرع أشجاره على ارتفاع يقرب من الألف قدم عن سطح البحر ، الثاني هو الذي يزرع على ارتفاع ما بين ألف والألفين وخمسمائة قدم، أما الثالث وهو أجود أنواع الشاي فهو ما يزرع على ارتفاع أكثر من ألفين وخمسمائة قدم فوق سطح البحر، وتعد منطقة نورالى من أحسن مناطق زراعة الشاي في سريلانكا لأنها منطقة ترتفع إلى نحو أكثر من ثلاثة آلاف قدم عن سطح البحر، ومن المعروف أن السكان الأصليين لسريلانكا وهم من السنهال رفضوا أن يعملوا في مزارع الشاي تحت وصاية الإنجليز، مما اضطرهم لجلب عمال لزراعة الشاي من جنوب الهند، وهكذا توافد الهندوس التاميل إلى الجزيرة وبقيت ملكية مزارع الشاي مع حكومة السنهال، وبذلك تدير الحكومة هذه المزارع وتتصرف بالإنتاج.
مصنع شاي لابوكاليه وأثناء جولتنا بين مزارع الشاي كانت لنا زيارة لأحد مصانع تجهيز الشاي في نورالي ويطلق عليه مصنع لابوكاليه وهو واحد من أكبر مصانع تجهيز الشاي في سريلانكا حيث يبلغ عدد عماله نحو ألفي عامل بينهم نحو 900 من قاطفات أوراق الشاي من المزارع. تقول السيدة تيتا هاورا المشرفة الإدارية على المصنع: من كل خمسة كيلو جرامات من الأوراق الخضراء التي تجمع في اليوم نستطيع الحصول على كيلو جرام واحد فقط من الشاي بعد ن تمر هذه الأوراق بمراحل التصنيع المختلفة من تجفيف وطحن وتنقية وفرز وتعبئة ، وإلى أن توضع في صناديق خشبية مغلفة بأوراق من الالومنيوم أوفي بالات مخصصة . ويوجد في سريلانكا أكثر من 500 مصنع لتجهيز الشاي ، أغلبها في منطقتى نورالى وكاندي . ثم ترسل صناديق الشاي وبالاته إلى مدينة كولومبو حيث تقوم شركات انجليزية ويابانية متخصصة بإضافة بعض النكهات والمذاقات المحببة الى خليط الشاي الهندي والسيلاني والماليزي في عبوات متنوعة، وإعادة تصديره إلى أنحاء العالم .
المطاط وجوز الهند ويحتل محصول المطاط المرتبة الثانية في اقتصاد سريلانكا ، فأشجار المطاط تزرع كثافة في المنطقة الجنوبية من الجزيرة ، فهناك نحو ستمائة ألف فدان من الأرض مزروعة بأشجار المطاطا.
وأثناء جولتنا في هذه المنطقة شاهدنا المزارعين وهم يجمعون المادة البيضاء التي تفرزها أشجار المطاط، ويصبونها في أوان مخصصة في الوقت الذي يكون الجو فيه صحوا. ومن المعروف أن سريلانكا تنتج المطاط الناعم الذي يستخدم له نوع خاص من السماد وتقدر المساحة المزروعة بأشجار المطاط بنحو 794 هكتارا. أما محصول جوز الهند وهو من المحاصيل التقليدية التي ارتبطت بمنطقة شبه القارة الهندية، وبخاصة المنطقة الجنوبية فتحتل المرتبة الثالثة من مراتب الدخل القومي للبلاد، وأشجار جوز الهند على نوعين: الأول يميل إلى اللون الأحمر أو البرتقالي، وهو مخصص ليشرب ماؤه، وهذا النوع يباع في أسواق المدينة وعلى طرقات السفر الرئيسية. أما النوع الثاني من جوز الهند فهو الأخضر وهو الأهم حيث يستخدم للطبخ ويستخرج منه الزيت الذي يستخدم في صناعات الزيوت النباتية الذي كان يعرف قديما في الكويت باسم الحل ، ويستخدم هذا الزيت في صناعة بعض الأدوية في الطب الشعبي وبخاصة لآلام الصداع كما تستخدمه النساء لتطويل شعورهن.
وغالبا ما تنمو أشجار جوز الهند أو النارجيل على امتداد السواحل الجنوبية للجزيرة بين مدينتي بيروالا وكالوترا اللتين تقعان على شاطئ البحر وتنتجان نحو 75% من إنتاج سريلانكا من جوز الهند، ويستخرج من أشجار جوز الهند مع بداية تفتح زهرتها عصارة يطلق عليها (تودي) تستخدم في صنع نوع من المشروبات الكحولية الشعبية، ويطلق عليه "كوكونت تودى" ففي مدينتي بيروالا وكالوترا يشاهد المرء عربات تجرها الثيران وضعت عليها براميل خشبية وممتلئة بعصارة شجرة جوز الهند حيث تنقل في مصانع المشروبات الكحولية فيضاف إليها بعض أنواع الكحول والنكهات وتعبأ في زجاجات خاصة تباع تحت أسم كوكونت تودى.
أما إنتاج سريلانكا من محصول جوز الهند فقد بلغ أكثر من 5.2 مليون ثمرة عام 1994 ويعد هذا أعلى إنتاج للبلاد منذ عام 1986 ويرجع السبب في ذلك إلى المناخ الجيد الذي نعمت به البلاد في العام الماضي.
السياحةومنذ منتصف الثمانينيات أولت الحكومة السنهالية جانبا من اهتماماتها إلى السياحة. والحق أن موقع سريلانكا المداري في المحيط الهندي وتنوع مناطقها يعطيانها مناخا ممتازا على مدار العام، فأشعة الشمس الدافئة، والمطر الذي ينهمر بين الحين والآخر، ثم تلك الخضرة اليانعة التي تمتاز بها الجزيرة والجبال الخضراء المنحدرة القمم، والشلالات العالية في كل من نورالي وكاندي، ثم حدائق الشاي المنتشرة التي تبهر الأبصار والسواحل الرملية الدافئة كلها تجذب السائحين لقضاء بضعة أيام في أحضان هذه الجزيرة الوادعة. لقد حرص رئيس وأعضاء المكتب السياحي في مدينة كولمبو عندما أخبرناهم بعزمنا القيام باستطلاع مصور لسريلانكا أن يرسموا لنا برنامجا حافلا يغطي مختلف أرجاء الجزيرة لمدة عشرة أيام كي نعطي هذه الجزيرة ما تستحقه من عناية.
خلال رحلتنا هذه قطعنا مسافة تقارب 1600 كيلو متر بدأناها من العاصمة كولمبو التي تعج بحركة تجارية عامرة وهي إحدى المناطق المدارية النموذجية في العالم وتمتاز بحديقة حيواناتها الرائعة، وبميناء تحتشد فيه البواخر بأنواعها، وعندما اقتربنا من بوابة الميناء، رجعت بي الذاكرة إلى سفن الكويت الخشبية ذات الأشرعة البيضاء والمثلثة التي كانت ترسو في الميناء وتفرغ حمولتها من تمور ثم تحمل ما تجود به هذه الجزيرة من خيرات، تلك العلاقة التجارية الوطيدة التي كانت تربط الكويت مع موانىء المحيط الهندي، وبخاصة ميناء كولمبو. وكانت محطتنا الأولى مدينة سيجاريا حيث ملجأ الفيلة المفقودة والصغيرة فقد خصصت لها حديقة كبيرة لرعايتها وتربيتها ويهتم بها المربون والسياس، ثم تقوم الحكومة السنهالية بإهداء هذه الفيلة إلى حدائق حيوانات الدول الصديقة أو تباع بعضها كحيوانات مدربة لألعاب السيرك. وفي سيجاريا قلعة صخرية أثرية تعود إلى القرن الخامس الميلادي.
وفي الطريق إلى مدينة كاندي زرنا الحديقة الملكية للتوابل، وتبلغ مساحتها نحو 85 هكتارا ، وهي حديقة سياحية فريدة، تحوي العديد من أصناف أشجار التوابل المختلفة مثل أشجار الفلفل بأنواعه وكذلك القرنفل والهيل "الحبهان" وأشجار جوزة الطيب والقرفة وأشجار خشب الصندل والزنجبيل وأنواع لا حصر لها من التوابل، وفي الحديقة قسم خاص لبيع كميات من هذه التوابل للسياح وكذلك تباع الأعشاب الطبية التي تستخدم للعلاج الشعبي أو ما يعرف بالعلاج الشرقي، أما الفواكه الموجودة في هذه الحديقة فهي كثيرة ومتنوعة وأهمها الباباي والكاكاو والموز والمانجو والافوكاتو، والحديقة مزدحمة بالأشجار المتنوعة، بحيث لا تتجاوز المسافة بين الشجرة وجارتها نصف المتر فقط.
وتمضي الرحلة بنا إلى مدينة كاندي، وهي مدينة جميلة تبعد عن العاصمة كولمبو نحو 130 كيلو مترا وتشتهر بمزارع الأرز، ويعد الأرز الغذاء الرئيسي واليومي للشعب السيلاني وهم مغرمون بإضافة البهارات التي تجود بها أرضهم إلى أنواع الطعام التي يتناولونها، والمعروف أن محصول الأرز يعد من المحاصيل المهمة للشعب السيلاني حيث يزرع في موسمين سنويا. وتعد كاندي ثاني أكبر المدن في سيريلانكا، وهي مدينة أقيمت وسط غابة طبيعية وهي أول مدينة تقام بهذه الطريقة، وتمتاز بوجود معبد بوذي يرجع تاريخه إلى عام 1593 بني في عهد الملك "فيلا مادرما سوريا" وأمام هذا المعبد الكبير بحيرة صناعية حفرت في عهد الملك "سرويكلاماراجاسنها" عام 1782، ويقدم المسرح الملحق بالمعبد عرضا ورقصات ذات طابع مميز وعروضا لراقصين وراقصات يقومون بالسير على الجمر وهم حفاة دون أن يبدو عليهم الألم وهي عروض فيها غرابة وإتقان ، وفي كاندي حديقة عامة مخصصة للزهور بجميع أنواعها وهي كبيرة تقدر مساحتها بنحو 1470 هكتارا يقول المشرف على إدارتها: أن في هذه الحديقة نحو عشرة آلاف نوع من الأشجار والزهور، وبها أطول أشجار النخيل، حيث تحوي عشرة أنواع مختلفة، وهناك أكثر من مائة نوع من أزهار الاوركيد وقد تأسست هذه الحديقة التي كانت جزءا من غابة تحيط بمدينة كاندي عام 1912 أبان استعمار الإنجليزي لسريلانكا، وهي أكبر الحدائق العامة في سريلانكا قاطبة، وبها نوع من الشجر النادر الذي أوشك على الاندثار اسمه الكبج، وبعض النباتات والأعشاب التي تستخدم للدواء الشعبي، إضافة إلى أشجار البامبو بأنواعها وأنواع من أشجار جوز الهند تعرف باسم "دوبل كوكونت"، وتشتهر كاندي بأنها سوق رائجة للتماثيل الخشبية والتحف اليدوية، وبخاصة الفيلة التي تحتل جانبا مهما من هذه المنحوتات التي يقبل عليها السياح بكثرة، بالإضافة إلى التحف والهدايا المصنوعة من المعادن المختلفة، كما تمتاز كاندي بفنونها الزاهية وشعائرها الدينية الغريبة، حيث تبقى التقاليد حية ومزدهرة، وإحدى تلك الشعائر المهرجان الذي يقام لمدة عشرة أيام والذي يطلق عليه (اسالابراهيرا) ففي هذا المهرجان الذي يقام في أغسطس من كل عام، يلبس زعماء القبائل ملابس تقليدية ترجع إلى القرون الوسطى ويسيرون بين قارعي الطبول والراقصين ونحو مائة فيل مكسوة بالملابس الزاهية فيجوبون شوارع العاصمة القديمة لسيلان حاملين المصابيح والمشاعل .
عرابي في كاندي وفي مدينة كاندي أقيم متحف للزعيم المصري الخالد أحمد عرابي الذي نفاه الإنجليز هو ومجموعة من رفاقه بعد فشل ثورته إلى جزيرة سيلان. فأقام في كاندي بين عام 1883 إلى عام 1901 . وهنا المتحف هو عبارة عن منزل من طابقين يضم تمثالا كبيرا للزعيم عرابي مع صور فوتوغرافية وزيتية لمختلف أطوار حياته، ولرفاقه الذين كانوا معه في المنفى، وهم مجموعة من الضباط منهم: علي باشا فهمي والشاعر محمود سامي البارودي، ومن المعروف أن الزعيم عرابي خاض معركة القصاصين في التاسع من سبتمبر عام 1882 م، وكانت هذه المعركة بين القوات الإنجليزية والقوات المصرية المدافعة عن منطقة القصاصين، وقد استبسلت فيها القوات المصرية ، ويضم المتحف صورا لبعض القرارات التاريخية التي أصدرها مجلس الأمة المصري بوجوب إعادة الزعيم عرابي إلى وزارة الجهادية والبحرية بعد تنحيته عنها، وفي المتحف لوحة رخامية نقشت عليها أبيات شعرية قالها محمود سامي البارودي في كاندي متألما إذ يقول: أبيت عليلا في سرنديب ساهرا أعالج ما ألقاه من لوعتي وحدي قد طال شوقي إلى الديار ولكن أين من معي من أقام بكاندي وقد افتتح هذا المتحف في 13 نوفمبر عام 1983.
نورالي ...إنجلترا الصغيرة ومن مدينة كاندي، واصلنا جولتنا السياحية لنصل إلى مدينة نورالي أو مدينة الشاي السيلاني، وهي تبعد عن العاصمة كولمبو بنحو 160 كيلو مترا عبر طريق ضيق لا يتسع بالكاد إلا العربة واحدة وأخرى آتية ، وتعد واحدا من أجمل تلال آسيا على الإطلاق، حيث تمتاز بربيع إنجليزي على مدار السنة، وقد وصلنا في نورالي إلى أعلى قمة جبل في سريلانكا وهو جبل بيوبلاجرا الذي يبلغ ارتفاعه نحو 8281 قدما عن سطح البحر، ومن هذه الارتفاعات تتكون الأنهار الستة وروافدها التي تجري في الجزيرة وأشهرها نهر "مهاولي" ونهر "كلن " ونهر "كالونجي"، ونهر" لوي كانجا"، وتشتهر نورالي بفنادقها الجميلة وبيوتها وإداراتها المبنية وفق الهندسة الإنجليزية المعمارية حتى أنهم يطلقون على نورالى إنجلترا الصغيرة.
وبالقرب من مدينة نورالي هناك مدينة يالا التي تشتهر بحديقة حيواناتها المفتوحة، وقد تجولنا في الغابة المفتوحة وشاهدنا مجموعة من الحيوانات المفترسة كأنثى الأسد والذئاب، والدببة والأيائل، وشاهدنا الطيور ذات الريش الجميل مثل طائر الجنة والطاووس وطائر الرفراف. وفي المساء زرنا " هيكاردوا" وقلعتها الهولندية الأثرية التي ترجع إلى القرن السابع عشر الميلادي حيث استعمر الهولنديون جزيرة سريلانكا بعد أن طردوا البرتغاليين ويذكر أن لهم مساهمات جيدة في النمو الاقتصادي للجزيرة وازدهارها. إلا أن الإنجليز بدورهم طردوا الهولنديين عام 1795، وأصبحت سريلانكا منذ ذلك الوقت مستعمرة تابعة للتاج البريطاني.
أما هواة السباحة وألعاب البحر فيجدون بغيتهم على امتداد تلك السواحل الطويلة للجزيرة التي يبلغ طولها نحو 1600 كيلو متر وهي مشمسة دافئة، وتنهمر الأمطار خلال فترات على رمالها البيضاء وخاصة ساحل المرجان وساحل بنتونا اللذين يؤمهما السائحون من جميع الآفاق، فهناك نواد رياضية بحرية فيها معدات الرياضة المائية كالسباحة والغوص والإبحار في زوارق مخصصة وفيها معدات لصيد الأسماك المدارية، وفي هذه المدن تتوافر أشهر الفنادق العالمية التي تناسب جميع المستويات.
"الجيمس" أحجار كريمة
وتشتهر سريلانكا بأن أراضيها تحوي نوعا من الأحجار الكريمة يطلق عليه اسم جيمس GEMS وهي أحجار كريمة تأتي في المرتبة الثانية بعد أحجار الألماس المشهورة، وتوجد هذه الأحجار في مناطق متعددة من سريلانكا، وبخاصة في رتنابورا التي تعرف باسم مدينة المجوهرات، وبلمدولا وبلانجودي وكهارات كى ونويتي جلا واهليليا جودا. ومن المعروف أن أحجار الجيمس هذه توجد في أنحاء متفرقة من العالم مثل سريلانكا وتايلاند وبورما والبرازيل وجنوب إفريقيا، إلا أن سريلانكا تأتي في المرتبة الأولى بين تلك الدول ، ويمتاز الجيمس الموجود في سريلانكا بجودته وبشهرته العالمية، تقول الروايات إن سيدنا سليمان قد أهدى ياقوتة حمراء كبيرة الحجم إلى بلقيس ملكة سبأ من جزيرة سيلان، وقد وصف ماركو بولو المجوهرات الموجودة في سيلان وخاصة الروبي الأحمر الذي تشتهر به الجزيرة. ويعتبر حجر الياقوت الأحمر الذي يطلق عليه اسم روبي نادرا إلا أن حجر الزفير الأزرق هو في الواقع من أجود تلك الأحجار الكريمة في سريلانكا ومن المعروف أن الحجر الأزرق الذي يزن 400 قيراط والذي يرصع التاج البريطاني مأخوذ من سريلانكا، وبالإضافة إلى ذلك هنالك حجر الاوتومارييه وهو أزرق فاتح وحجر التوباز وهو أصفر اللون، وحجر السفايا لا يوجد إلا في سريلانكا حيث يستخرج من مناجم كورندسن، ويقسم المتخصصون حجر الجيمس إلى نوعين، الحجر الطبيعي والحجر شبه الطبيعي. يقول السيل محمد رازفين أحد تجار الجيمس إن حجر الجيمس الطبيعي يمتاز بصلابته، فكلما كان الحجر صلبا ازدادت جودته، أما الميزة الأخرى لحجر الجيمس فهو اللون والنقاوة ثم الانعكاس واللمعان، والمعروف أن حجر الجيمس الذي يطلق عليه اسم سفايا الذي يظهر في ألوان مختلفة هي: الأزرق والأصفر والأخضر لا يوجد إلا في سريلانكا. أما آخر هذه الأنواع من الأحجار الكريمة فهو ما يطلق علية اسم المون ستون وهو قليل الصلابة، وكذلك حجر الكوارتز والتوباز، ويضيف التاجر محمد رازفين أن أحسن أنواع الجيمس هو النوع الذي يطلق عليه اسم الاكسندرايت وهو بالطبع أغلى نوع ويمتاز بلونيه الأخضر والأحمر.
المسلمون في سريلانكا
تعد سيلان مركزا للنشاط التجاري منذ أقدم العصور لما اشتهرت به من إنتاج التوابل والأخشاب والجواهر، وكان العرب من أقدم الأمم التي لها علاقات تجارية مع سيلان ، لذا اتخذوها موطنا لهم وأطلقوا عليها اسم سرنديب أو جزيرة الياقوت، ومع ظهور الإسلام وانتشاره ازداد هذا النشاط التجاري، فكانت البضائع تنقل من سيلان إلى اليمن، ومنها بالقوافل إلى أنحاء العالم الإسلامي ، وبالتالي كانت التجارة هي القنطرة التي عبر عليها الإسلام إلى جزيرة سيلان، وقد كان هؤلاء التجار مثالا للأمانة والوفاء، ودعاة مخلصين للدين، وكان انتشار الإسلام في سيلان شبيها إلى حد كبير بانتشاره في أقطار جنوب شرق آسيا، كما كان لمسلمي جنوب الهند دور بارز في نشر الإسلام في سيلان ، واستطاعت المجموعة الإسلامية في سيلان أن تحظى بنفوذ كبير وممتاز، إلا أن الدول الاستعمارية التي احتلت سيلان وهي البرتغال وهولندا وإنجلترا قلصت نفوذ المسلمين في الجزيرة. حتى أن هذه الدول الاستعمارية أبادت قرى مسلمة بأكملها وحاولت إزالة الوجود الإسلامي من الجزيرة. وأخذ المسلمون يتلمسون طرقا يستطيعون من خلالها إثبات وجودهم، فكان الاهتمام بالتعليم الحديث والاستفادة منه دون أن يؤثر في قيمهم الروحية أو معتقداتهم، ونشط المصلح الاجتماعي محمد قاسم سيدي لبي فحاول تطوير دراسة اللغة العربية بين السيلانيين، وفي تلك الفترة ازدهر أسلوب جديد لتدريس اللغة التاميلية لغة مسلمي سيلان، وذلك عن طريق كتابتها بالأحرف العربية، واللغة التاميلية تشبه إلى حد كبير اللغة السواحلية، كما قام في الفترة ذاتها علماء من جنوب الهند بزيارة سيلان وحضوا المسلمين على التعليم، وكان من بين هؤلاء العلماء "ما بلي" الذي يعد من كبار مفكري جنوب الهند، وقد كتب عدة مؤلفات باللغتين العربية والتاميلية أشهرها كتابه "فتح الديانة" في الفقه الإسلامي وقد ترجم إلى الإنجليزية وشرح فيه أصول الفقه الإسلامي بأسلوب شائق بعيدا عن تعقيد المصطلحات الفقهية. ومع استقلال سيلان عام 1948 أصبح المسلمون يلعبون دورا مميزا في الحياة العامة ولهم دور في المجالات الاقتصادية والسياسية والإدارية برغم أن نسبتهم لا تتجاوز 10% من جملة السكان. وقد خطوا خطوات واسعة في التعليم، ودخلت أعداد كبيرة منهم الجامعات، وهم الآن يشغلون جانبا. مني الوظائف الإدارية في الدولة.
كما يعملون بالتجارة وبخاصة تجارة الأقمشة والأحجار الكريمة، كما أن لهم محاكمهم القضائية الخاصة بهم ، وتخصص إذاعة سيلان ساعة كل يوم لبث البرامج الإسلامية، ويعد عيدا الفطر والأضحى عطلة رسمية في البلاد.
أما المشاكل التي يواجهها مسلمو سيلان كما يقول الدكتور شكري مدير الجامعة النظيمية الإسلامية فأهمها كيفية حماية الشباب المسلم من الوقوع فريسة للفلسفات والمذاهب المادية الحديثة فنحن بحاجة إلى علماء لا يقتصرون على التبحر في العلوم الإسلامية فقط بل يكونون على علم وا