- ست الملك
وسط كنوز الآثار الإسلامية التي يزخر بها شارع المعز لدين الله الفاطمي في قلب القاهرة التاريخية، تقف مجموعة السلطان قلاوون شامخة وشاهدة على عظمة وروعة المعمار في العصر المملوكي، والمجموعة التي تضم بيمارستان وقبة ومدرسة قلاوون تعد من أهم المزارات السياحية التي تبهر الزائرين من شتى أنحاء العالم، هذه المجموعة جزء أصيل من تاريخ الشارع العريق وأسهمت في إكساب المباني التاريخية مسحة جمالية متألقة وسط النسيج الحضاري المتمازج.
ومجموعة قلاوون من آثار العصر المملوكي العربي وتطل الواجهة الشرقية لها على شارع المعز لدين الله وتتكون من قسمين، البحري الواقع على يمين الداخل من الباب الرئيسي وهي واجهة المقبرة التي دفن بها المنصور قلاوون وتعلوها القبة، والقبلي ويضم المدرسة، وبين القبة والمدرسة دهليز طويل يؤدي إلى البيمارستان «المستشفى» الذي بقي منه الإيوان الشرقي والإيوان الغربي ويحتفظ بكامل روعته الأثرية المعمارية.
وتميز المجموعة واجهة المدرسة المزخرفة بالحنايا المحمولة على عمد من الرخام يتوسطها شبابيك بمصبغات نحاسية، كما يلفت النظر القبة المزخرفة بالفسيفساء والخشب المذهب ومحمولة على أربعة أعمدة اسطوانية سميكة من الجرانيت الأحمر وجدرانها مكسوة بالرخام وهذه القبة دفن تحتها السلطان المنصور قلاوون وابنه الملك الناصر محمد.
ويذكر التاريخ أن المنصور قلاوون قد احتسى قدحاً من الشراب وهو يشاهد البيمارستان عندما أتم بناءه وقال «قد وقفت هذا على مثلي ومن دوني وجعلته وقفاً على الملك والذكور والاناث والكبير والصغير والحر والعبد والجندي والأميرِ».
ويعد مستشفى قلاوون أقدم مستشفى في مصر على الإطلاق وقد بناه السلطان محاولة منه للتكفير عن ذنوبه حيث قتل من عوام المصريين أعداداً هائلة على مدى ثلاثة أيام فقط وفق ما ذكره ابن اياس في كتابه «بدائع الزهور في وقائع الدهور» وأمر السلطان ببناء البيمارستان ليؤدي وظيفته في علاج كافة الأمراض حتى عام 1856 حيث تخصص في علاج أصحاب الأمراض العقلية، ولو أن البيمارستان معناه في اللغة العربية دار المرضى، إلا أن المصريين يخصون به المجانين والمستشفيات التي يعالجون بها حتى الآن، مع اختصاره إلى لفظ «المارستان» ورغم انه من أهم الآثار الإسلامية إلا أنه ما زال يستقبل المرضى إلى الآن بعد أن تخصص منذ عام 1915 في علاج أمراض العيون فقط.
وقد ذكر ابن تغر بردي في كتابه أن الناس في مصر أبغضوا قلاوون سنين كثيرة إلى أن أرضاهم بكثرة الجهاد في الفتوحات، وجاء أيضا في النجوم الزاهرة أن المنصور منشئ البيمارستان تسلطن على عرش مصر 12 عاما بداية من عام 678 للهجرة بعد خلع الملك السعيد ملامشي واستمر في الحكم حتى عام 689 .
وقد جعل المنصور قلاوون للبيمارستان جملة أوقاف على رواتب خيرية كما ذكر ابن اياس وفعل من افعال الخير ما لم يفعله غيره من الملوك ليكفر عن فعله بالناس لعل الحسنات تذهب السيئات.
ست الملك
- ومن المعروف أن مستشفى قلاوون أقيم محل قاعة ست الملك حيث أبقاها قلاوون على حالها ووصفها المقريزي قائلا «كانت ذات إيوانات أربعة بكل إيوان سلسبيل وتدور قاعتها فسقية يصل إليها الماء من الشاذوران».
والمدقق فيما تبقى من الفناء القديم يلمس بعين باحثة عن الروعة، مدى الدقة التي بنيت بها الجدران، فالقسم الشرقي به فسقية رخامية تنساب إليها المياه من سلسبيل صغير، كما توجد به نوافذ يحيطها افريز به كتابات كوفية، كذلك توجد بقايا من الإيوان الغربي وبه سلسبيل، محلاة حافته برسوم لحيوانات تنحدر فوقها المياه إلى فسقية ثم مجراة من الرخام تتلاقى مع المجراة المقابلة لها.
وما زال المستشفى يستقبل مرضاه حتى الآن حيث انتقلت تبعيته على مر الزمن من وزارة الأوقاف إلى وزارة الصحة إلا أن المبنى يتبع هيئة الآثار المصرية نظراً لقيمته الأثرية والتاريخية.
المدرسة وتعد مدرسة قلاوون تحفة معمارية وفنية شغلت بال المهتمين بالآثار الإسلامية في مصر والعالم وقد اقيمت على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد حيث تتكون من صحن اوسط تحيط به اربعة إيوانات أكبرها إيوان القبلة، والصحن مكشوف مستطيل في شكله، تتوسطه فوارة، وتفتح الإيوانات الاربعة بكامل اتساعها على الصحن، وتحيط بجدران الصحن ست من الخلاوى وذلك من الجهة الشمالية الشرقية وقد فرشت الأرضيات بالأحجار أما السقوف فهي أنصاف أقبية برميلية، والإيوان الجنوبي الشرقي المعروف ب«القبلة» مساحته مستطيلة وأرضيته مفروشة بالحجر ويغطى بسقف خشبي معرق ويتصدر الجدار الجنوبي الشرقي المحراب وهو عبارة عن «رحنية» نصف دائرية طاقيته مزخرفة بالنباتات، يحيط بها شريط كتابي يعلوه شباك مزخرف ويغلق على الإيوان حجاب خشبي له مصراعان خشبيان وتتشابه في التصميم الإيوانات الأخرى.
أما الواجهة فتطل على شارع المعز لدين الله ويوجد بها ثلاث حنيات رأسية تمتد بارتفاع نافذتين تطلان على القبة الضريحية، أما النافذة الثالثة فتطل على إيوان القبلة، ويعلو الثلاث نوافذ عتب حجري عليه شريط كتابي نفيس تتوسطه زخرفة نباتية. رغم أن أول من أمر بإنشاء المدرسة هو السلطان العادل كتبغا المنصوري، إلا أن منشئ مدرسة قلاوون فعليا هو الملك الناصر محمد بن قلاوون، لأن كتبغا رفع بناء المدرسة حتى الطراز الذهبي بالواجهة وجلب لها بابا من الرخام كان بإحدى كنائس عكا، إلا أن كتب التاريخ قالت إن محمد بن قلاوون اختير سلطاناً بعد قتل أخيه الأشرف عام 693 هجرية لكنه ما لبث أن خلع من السلطنة بعد عام واحد على يد العادل كتبغا، ثم عاد الملك محمد بن قلاوون للحكم مرة ثانية واشترى المدرسة قبل اتمامها وأكملها وأنشأ بها القبة ونقل إليها رفات والدته ودفن بها ابنه انوك وكان في الثامنة عشرة من عمره.
ترميمات وقد أولت وزارة الثقافة المصرية اهتماماً كبيراً بمجموعة قلاوون خاصة بعد ظهور مشكلة تراكم الأملاح بالأثر وقد ساهمت لجنة حفظ الآثار العربية في حماية مجموعة قلاوون وترميمها بالإضافة إلى مساهمات المعهد الألماني وتم إجراء كافة أعمال الترميمات للمدرسة والمستشفى والقبة على نفس النسق الأثري القديم.
موضوعك من زمان ولم يلقَ ترحيباً كعادة المواضيع التاريخية
ولكن من يعشق التاريخ والأماكن الأثرية فلابد أن يتوقف عند هذا الموضوع طويلاً
ففي شارع المعز لدين الله .. وسط القاهرة الفاطمية .. ترك لنا أحد المماليك وهو السلطان قلاوون .. وأولاده الكثير من الآثار الخالدة إلى الآن
منها بيمارستان ( مستشفى ) ومنها جامع قلاوون .. قبة قلاوون .. مدرسة قلاون ... إلخ من الآثار الرائعة والتي تبين عظمة المعمار الإسلامي والمصري في ذلك الوقت
الأجانب هناك بالآلاف يزورون هذه المناطق .. وكل منهم مشدود لها وكأنه ينتمي لهذه الحضارة الإسلامية
وهذه صورة لجامع المنصورة قلاوون ........