- الرباط
- شلاه
- سطات
- مولاي عبد الله
- الجديدة
- آزمور
- الدار البيضاء
يمكن تصنيف المسلك الثالث بجدارة بانه نموذج للطرق الموحدية, فقد كان في عهد الموحدين يربطمراكش بالرباط وطنجة وسبتة من جهة, وبفاس ومكناس من جهة اخرى. عند خروج المسافر من مراكش باتجاه الشمال الغربي, يتعيّن عليه ان يعبر جسرا مؤلفا من 27 قنطرة, وهذا الجسر بناه المرابطون وأصلح من شأنه الموحدون في القرن الثاني عشر, وبعد الجسر يصل الى سيدي بوعثمان وهي اول محطة مهمة أنشأ فيها الموحدون مشاريع مائية على جانب كبير من الأهمية. ِ
سلا
على الضفة المقابلة من نهر بورقراق تقوم مدينة سلا, وهي مدينة مغرقة في القدم على مايبدو, الا انها لاتزال تحتفظ لنفسها باسرار أصولها, ففي القرن الحادي عشر غادر امراء بني عشرة شلاه ليقيموا في سلا, وقد أسسوا فيها مملكة ضاهت ممالك دول الطوائف الاندلسية.
وبعد استيلاء الموحدين على سلا (1145-1146) قاموا بتنفيذ مشاريع ضخمة للري واصلحوا المسجد الكبير بعد انتصارهم في معركة الأرك العام 1195 .
وبين القرنين الحادي عشر والرابع عشر شهدت سلا ازدهارا تجاريا وزراعيا حقيقيا فقد كانت تستورد الزيت من اشبيلية وتصدر اليها القمح وشمع العسل والجلود والصوف والنيلة , وتوجد في سلا مكتبة مؤسسة الصبيحي التي اقامتها اعرق عائلات سلا ووضعتها في خدمة الجمهور برصيدها الهام من المخطوطات التي يبلغ عددها اربعة آلاف منها 1300 موثقة , بالاضافة الى مئتي الف وثيقة مصنفة واربعمئة الف كتاب مطبوع.
الرباط
أسّس المرابطون العاصمة الحالية للمغرب في اواسط القرن الثاني عشر, فقد بنى فيها عبد المؤمن "رباط الفتح" وهي نواة مدينة محصنة شملت بالاضافة الى القلعة, مسجدا ودارا للخلافة, ويعتبر حفيده يعقوب المنصور, المؤسس الحقيقي لمدينة الرباط, فقد ذكر المؤرخ "المراكشي" أن المدينة اكتمل بناؤها في عهد ابي يوسف المنصور, بما في ذلك السور والبوابات".
ان بابيّ "الرواح" و"الأوداية" اللذان يقعان في الجانب الغربي من السور, ويتميزان بهندستهما التاريخية وزخارفهما المشبّكة وأفاريزهما المنقوشة بعبارات كتبت بالخط الكوفي, يعتبران من الانجازات المتميزة للفن الموحدي في اوج ازدهاره, وقد تحول البابان حاليا الى صالات للمعارض.
ويتعيّن علينا ايضا ان نبرز مكانة انقاض مسجد حسان الضخمة التي تمتد على مساحة هكتارين ونصف, وقد بقي المسجد دون ان يكتمل انجازه, أما مئذنته الشهيرة فلاتزال شاهدا حيا على اكبر مشروع عمراني قام به الموحدون.
ومحاكاة للآثار المعمارية التي طبعت مئذنة اشبيلية "لاخيرالدا" ومئذنة الكتبية, تم بناء ضريح محمد الخامس في رحاب مسجد حسان, كرمز على حرارة وعمق التقدير الذي يكنه جلالة الملك الحسن الثاني لوالده الملك محمد الخامس.
كانت الرباط مدينة مضيافة آوت الاندلسيين الذين لجأوا اليها بعد طردهم من اسبانيا واستقروا فيها على موجات متلاحقة بين القرنين الثالث عشر والرابع عشر, وجاءت اولى هذه الموجات عام 1239 وكانت تضم مهاجرين من بلنسية وانحاء أندلسية اخرى.
وضمن الموجة الاخيرة, وصل آلاف الموريسكيين الذي طردوا بقرار من الملك فيليب الثالث في العام 1609 واستقروا في قصبة الأوداية وبنوا المدينة الحالية ولايزالون يحتفظون بفنونهم وصنائعهم الرفيعة, ولاتزال كنية بعض العائلات اليوم شاهدة على اصلها الاسباني مثل , تريدانو وبالامينو وبيرو وفينخيرو وبرغش وبالافريج ... الخ.
وتعتبر الرباط عاصمة ثقافية وهي ايضا مدينة المتاحف, فمتحف الأوداية المقام في مبنى يعود للقرن السابع عشر وتم ترميمه حاليا, يعرض قطعا فنية مختلفة من الخزف والحلي والمجوهرات والملابس التقليدية والمطرزات والسجاد والاسطرلابات وبعض المخطوطات من عصر الموحدين , أما على شاطيء النهر فيقع متحف الفنون الشعبية مقابل مجمع الصناعات التقليدية حيث يمكن تأمل الحرفيين اثناء عملهم, ويقع متحف الآثار القديمة في المدينة الحديثة ويعرض للزائر نماذج من القطع التي تعود الى ما قبل التأريخ وأخرى من العصر الاسلامي الوسيط.
شلاه
لقد بدأ ذكر شلاه على لسان المؤرخين القدماء في القرن الاول الميلادي, غير انها كانت محطة فينيقية على ما يبدو في القرن السابع قبل الميلاد, الا ان سيلا (أو شلاح حسب النصوص العربية) لم تظهر للوجود فعليا الا بحلول القرن الثالث عشر ,وهي تضم ينابيع وخرائب قديمة ومقبرة ملكية وقباب ... الخ وكل ذلك يجعل من شلاه موقعا مهما للتقاليد الشعبية ويضفي عليها جاذبية خاصة.
سطات
ومن سيدي بوعثمان نتوجه الى سطات التي أصبحت اليوم مدينة عصرية عامرة بنشاطات اقتصادية وصناعية عديدة, وكانت في الماضي محطة لاغنى عنها للقوافل بفضل ينابيعها الكثيرة التي يتزود المسافرون منها بالماء, وأقيمت هناك قصبة مولاي اسماعيل (نهاية القرن الثامن عشر-بداية القرن التاسع عشر), واشتهرت سطات منذ زمن, بسوق الخيول العربية ولازالت تحيي تقاليد الخيل القديمة المعروفة باسم "ركوب الخيل".
مولاي عبد الله
هجرت طيط في القرن 16 وانبعثت من جديد تحت اسم مولاي عبدالله، وهو اسم مؤسسها العابد التقي, وفي كل سنة خلال شهر اغسطس, بعد الحصاد, تشهد المدينة "موسما" ضخما يحيي نشاط هذه المدينة الصغيرة التي يسكنها الصيادون, ويفد اليها فرسان السهول الاطلسية ليستعرضوا فنونهم وخيولهم الرائعة.
الجديدة
على بعد بضعة كيلومترات شمال مولاي عبدالله’ تمتد الجديدة على طول الساحل بابنيتها البيضاء وبسواد اسوارها البرتغالية التي بنيت في القرن السادس عشر. وبعد احراقها على ايدي البرتغاليين عند جلائهم عنها, سكنتها على امتداد القرن التاسع عشر قبائل عربية من منطقة دكالة المجاورة الى جانب جالية يهودية قدمت من آزمور. وفي ايامنا هذه تجتذب اليها خلال الصيف اعدادا كبيرة من المصطافين المغاربة.
آزمور
تعتبر أزمور الواقعة شمال الجديدة , من اقدم المدن واكثرها روعة على الساحل الاطلسي, ففي اواسط القرن الرابع عشر كتب عنها ابن الخطيب يقول :"انها عروس الربيع والخريف ومدينة آزمور هي اولى المحطات على الطريق الغربية , فهي تتوسط المسافة بين مراكش والرباط, وكانت تقيم علاقات تجارية عبر البحر مع الاندلس, وخصوصا مع مدينة مالقة.
الدار البيضاء
على بعد 80 كيلومترا شمال آزمور نلتقي الدار البيضاء التي كانت تسمى "انفا" في كتابات العصور الوسطى والتي غدت احدث مدن المغرب المعاصر , وقد ذكر الادريسي عن نشاط ميناء انفا أن سفن الأندلس التجاريةكانت تؤمها بحثا عن القمح والشعير.
و"المدينة الجديدة" التي يعودتاريخها الى اوائل الاربعينيات هي مزيج من البناء التقليدي الذي لايهمل متطلبات الحداثة, الا ان احدث واجمل ما في الدار البيضاء حاليا, هو مسجد الحسن الثاني, الذي يعتبر عملا فريدا من نوعه في العالم الاسلامي , وعلى خلاف الاماكن الدينيّة الاخرى في المغرب, فان مسجد الحسن الثاني مفتوح أمام الزوار الاجانب غير المسلمين.
وبعد الدار البيضاء, يتابع درب الموحدين طريقه باتجاه الشمال محاذيًا الساحل الأطلسي حتى يبلغ الرباط التي اصبحت اليوم عاصمة المملكة المغربية.
المسافر