- رمضان في المغرب ..(عواشر مبروكة)
رمضان في المغرب ..(عواشر مبروكة)
اعداد : عبد الواحد استيتو - المغرب : " عواشر مبروكة " .. بهذه الجملة يستقبل المغاربة شهر رمضان مهنئين بعضهم البعض و السعادة تملأ عيونهم ، و هي جملة بالدارجة المغربية تعني " أيام مباركة " .للشهر رمضان بالمغرب طعم خاص ، طعم لا يدركه الا من عاشه أو من عاينه . النشاط و الحركة التجارية أشياء لا تنقص المجتمع المغربي في رمضان ، رغم أن الفترة ما بين الفجر و الظهر تعرف فتورا ملحوظا مع خلو الشوارع من المارة و الباعة على السواء .
بعد هذا ، تعرف الأسواق حركة رائجة جدا . " الشباكية " و " البغرير " و السّفوف " قد تكون الكلمات الأكثر ترددا بين الباعة و المشترين ، فهذه الأكلات المغربية هي الأكثر تواجدا على الموائد في هذا الشهر ، فلا غرو من أن تعرف محلاتها اقبالا منقطع النظير .
يقول سمير م ، تاجر : " في شهر رمضان تزداد حركة البيع و الشراء بكثرة . المستهلك في هذا الشهر يشتهي أكلات كثيرة ، في الغالب هو لن يأكل ربع ما يشتريه . لكن سوء التقدير هذا من طرف الزبون يبقى في صالحنا على أية حال " .
حركة المواصلات تعرف – أيضا – نشاطا كبيرا يؤدي في الغالب الى حوادث لا تكون خطيرة لحسن الحظ لأن الازدحام و الاختناق لا يسمحان بذلك و مع اقتراب وقت آذان المغرب يصبح احتمال حدوثها أكبر مع السرعة الفائقة من طرف السائقين الذين تبدو لهم مائدة الافطار على مرمى حجر .
من جانب آخر ، تعرف المساجد توافدا كبيرا منذ أول يوم مانحة دليلا قويا بأن الشياطين ترفل حقّا في قيودها . كبار، صغار و شباب ، الكل يداوم على الصلاة بالمسجد . و يبقى لصلاة العشاء و ما يليها من تراويح النصيب الأكبر من اقبال المصلين .
يقول عبده الحسين ، 23 سنة : " الجو رائع حقا ، أتمنى لو كانت الأيام كلها رمضان . أفضل أن أصلي بمسجد ( ...) فلإمامه قراءة متأنية و صوت متميز يجعلني أخشع في صلاتي أكثر مما أفعل في مسجد آخر" .
تجد ، هاهنا ، في كل الأحياء غالبا ، مسجدا أو أكثر يكون الأكثر استقطابا للمصلين نظرا للجو الايماني الذي يمنحه ، و هذا لا ينفي البتة أن المساجد الأخرى تمتلء بدورها .
و ما قلناه عن صلاة العشاء ينطبق – أيضا – على صلاة الفجر التي تمنح المصلين نشاطا فائقا على ما يبدو ، فبعد الصلاة تتكون جماعات هنا و هناك خائضة في نقاشات لا تنتهي الا عند طلوع الشمس حيث يذهب الجميع لأخذ قسط من الراحة في انتظار يوم رمضاني جديد .
لم تنجح الساعات بمنبهاتها القوية في ان تجعل " الطبّال " - أو المسحراتي كما يسميه المشارقة – ينقرض . لازالت جل الأحياء ، و ربما كلها ، تهتز تحت ضربات الطبل قبل الفجر بساعتين أو أكثر . و لا أحد يتذمر من ذلك بالطبع .. الكل هاهنا يحب صوت الطبل الذي يهب رمضان نكهته الخاصة . أكيد أنه لا أحد يعتمد على " الطبال " لايقاظه وقت السحور . لكنه هنا ، و الجميع يحبون وجوده .
يقول محمد ح ، 35 سنة : " طبعا ، نحن لا نعتمد عليه في الغالب ، فلكل منا طريقته في الاستيقاظ ، لكننا لا نحب أن نفتقده أبدا " .
الاعلام المغربي ، المكتوب على وجه الخصوص ، يعرف أنه عليه اخراج كل أسلحته المتمثلة في المواضيع الدينية و الأبواب الترفيهية . كل الجرائد تضع برنامجا خاصا بهذا الشهر يتضمن حلقات متسلسلة ، هكذا تضمن أن القارئ سيتابعها طوال الشهر .
المواضيع الدينية يخصص لها أكثر من صفحة يومية ، و مع النفحة الايمانية الرمضانية يمكن أن تضمن هذه المنابر الاعلامية أن الأمور ستسير على مايرام خلال هذا الشهر ، دون الحديث عن المسابقات التي لا تخلو منها جل الجرائد ، ان لم نقل كلها .
يقول م . ح ( صاحب مكتبة ) : " في الأيام العادية لا تعرف الجرائد كل هذا الاقبال . أما في هذا الشهر فأكاد أجزم أنني قد لا أعيد أية نسخة للموزع " .القراءة من الطقوس المحببة في رمضان بالمغرب ، حتى بالنسبة لمن لم يعتد ذلك .و لا تستغرب اذا وجدت بعد المقاهي و قد فتحت أبوابها خلال النهار ، فذلك اكراما لزبائنها كي يجدو مكانا مريحا لحل شبكات الكلمات المتقاطعة التي لا تشكو بدورها من قلة القبال في هذا الشهر .
يمكن أن نقول أن لشهر رمضان بالمغرب موقع خاص في قلب كل مغربي ، و مع اقتراب انقضائه تبدو العيون حزينة و لسان حالها يقول " ذهب الحبيب " .. دون أن يخفي هذا الحزن فرحة مرتقبة بضيف جديد .. عيد الفطر .
وتحياتي
من قلم سياب لايعرف الحدود ولا الكلل.
سلمت أناملك أباعبدالرحمن
تحياتي
ابوخالد