1. سلحفاة كريتا كريتا


2. رمال إزتوزو الساحرة


3. الأماكن السياحية في داليان وجوارها


4. كيف تذهب إلى داليان؟

داليان جنة من جنان الله البديعة التي خلقها على الأرض. أقامها أهلها على شاطئ القنوات الأسطورية التي تربط بحيرة كويجكيز ببحر الأبيض المتوسط. لا تزال البلدلة تحافظ على جمالها الطبيعي رغم ماضيها الذي يعود إلى خمسة آلاف سنة، وقربها من المنتجعات السياحية المشهورة في منطقة إيجه. الأمر الذي يدفع الكثيرين إلى التساؤل عن سر بقاء هذا النسيج الطبيعي، في وقت تتعرض فيه أخواتها من الأماكن الأخرى إلى أشرس الهجمات التدميرية في اللحظة التي تكتشف فيها.
السر في ذلك كما يقول بعض السكان يعود إلى أنها تبعد عن الطريق الرئيسي باثني عشر كلومترا، وهو ما أتاح لها المجال لكي تبقى بعيدة عن الأعين كجنة خفية حتى اليوم. تقع داليان في منطقة إيجه غربي تركيا، وهي تابعة إلى قضاء أورتاجا في مدينة موغله. العدد السكاني يزيد عن خمسة آلاف نسمة. الألوان الغالبة على البلدة وجوارها زرقة السماء والبحر، وخضرة الغابات، وصفرة الشواطئ الذهبية. كان سكان البلدة يكسبون معاشهم فيما مضى من اصطياد السمك وزراعة القطن. أما اليوم فالسياحة هي الشريان الرئيسي الذي يصب عليهم الأموال من جميع أنحاء العالم.

سلحفاة كريتا كريتا

لم يبق في العالم سوى سبعة أنواع من السلاحف البحرية، وكلها مهددة بالانقراض. قديما كانت سلحفاة كريتا كريتا تترك بيضها في كثير من شواطئ البحر الأبيض المتوسط. بيد أن انتشار العمران السكاني سلب هذه الحيوانات سواحلها، فهبط عدد الشواطئ بسرعة ولم يبق سوى سبعة عشر شاطئا تأوي إليه لتبيض فيه. شواطئ إزتوزو الذهبية إحدى تلك الأماكن حيث تأتي جماعات الكريتا كريتا لتترك بيضها بين شهري مايو وأكتوبر. ويحرص أهل داليان ومنظمات البيئة على الحفاظ على هذه المخلوقات اللطيفة التي تخرج من بيضها خلال خمسة وخمسين يوما وتهرع إلى مياه البحر الساحرة. صورة ساحل إزتوزو من الجبل تأخذ العقل والقلب معا. وقد اعتبرت الأمم المتحدة المنطقة في إطار الأماكن المقرر الحفاظ عليها بيئيا.
في مواسم التفريخ يتطوع عدد كبير من السكان والزائرين لحراسة هذه الحيوانات. نعم لقد تم تشكيل مجموعات للحفاظ على بقاء هذه المخلوقات على قيد الحياة. ولهم حق في ذلك، فالثعلب مثلا من أكبر الراغبين في أكل بيض الكريتا كريتا. أنفه الحساس لا يخيب بيضة واحدة.. والمتطوعون لا ينامون الليل لحراسة البيض ومنع أي أحد من إشعال الأنوار التي قد تتسبب في إضاعة السلحفاة الوليدة لطريقها إلى البحر ومن ثم موتها عطشا. رغم كل هذه الحراسة المشددة لا تنجو معظم السلاحف الوليدة من سطو الطيور القناصة أو السرطانات أو الأسماك الكبيرة في البحر. والنتيجة المؤلمة أنه لا تبقى على قيد الحياة سوى أربع أو خمس من مائة سلحفاة. هذا ولا تنس إذا أتيت إلى بحيرة إيزتوزو أن تشاهد السرطان الأزرق المشهور عالميا.

رمال إزتوزو الساحرة

إذا كنت من عشاق السباحة والعوم فشاطئ إزتوزو أفضل مكان لذلك. علما بأن هناك أماكن أخرى قرب وجوار داليان لا تقل روعة للسباحة والعوم والاستجمام. رمال الشاطئ رقيقة صفراء.. مياه البحر ضحلة ونظيفة ونقية كالمرآة.. والشمس رائعة... الطريف، أنه بإمكانك أن تدخل البحر تسعة أشهر كاملة.. المياه فاترة ولينة.. والسباحة هنا لذة لا يمكن نسيان مذاقها. يوجد بلاجان على طرفي بحيرة إزتوزو. إذا أردت الذهاب إلى بلاج بوغاز فلا بد من أن تقوم بجولة في القناة على زورق. وأنا أعتقد أن تلك الجولة لوحدها تكفي للمجيء إلى داليان، طبعا إن كنت ممن يحبون المغامرة والاكتشاف والمتعة.
القناة تمتد في الالتواء كالحية.. تضيق أحيانا وتتسع أحيانا أخرى.. المشاهد أكثر من جميلة.. السياح يلتقطون الصور ويشاهدون أعواد القصب الكثيفة المنتشرة على امتداد الجدول في حيرة وانبهار. أخيرا وبعد رحلة تستغرق أربعين دقيقة تصل إلى بلاج بوغاز. الغريب أن قسما من الماء حلو وقسما آخر مالح، لأن بحيرة إزتوزو مزيج من مياه البحر الأبيض وبحيرة كويجكيز. العوم في هذه المياه العذبة ثم الانتقال إلى المياه المالحة واللعب بين أمواجها اللينة متعة لا توصف وتجربة شيقة لا تعاش إلا هنا.
قبل أن أنتقل بك إلى مكان آخر أحب أن أذكر لك بعض التحذيرات والنصائح التي يجب مراعاتها للحفاظ على سلاحف كريتا كريتا. عندما تتجول في الشاطئ ليلا فلا تمسك بيدك أي نور، لأن السلحفاة الأم تأتي إلى الشاطئ ليلا لتترك بيضها تحت الرمال. فإذا رأت نورا أو سمعت صوتا ما فزعت فعادت إلى البحر بسرعة، واضطرت إلى ترك بيضها في مياه البحر المالح، وذلك يؤدي إلى ضياع البيض. ولا تلق قمامة على الساحل أو في الماء، لأن الكريتا قد تظن بالخطأ القمامة طعاما فتأكلها، وذلك يتسبب في موتها خنقا. وإذا رأيت سلحفاة تفتح حفرة لبيضها فلا تزعجها ولا تحدث أي صوت أو تشعل أي نور، بل التزم الصمت والهدوء حتى لا تقفل السلحفاة عائدة إلى البحر دون إنهاء مهمتها.
لنفترض أنك وجدت أثناء تجوالك في الساحل سلحفاة صغيرة تحاول الوصول إلى مياه البحر.. فلا تطمع بها فتأخذها إلى منزلك أو تحاول مساعدتها فتحملها إلى البحر. فذلك لا ينفعها بل يضرها، لأنها أثناء زحفها على رمال الساحل تتعرف على الرمال بغريزتها وذلك يمكنها من العودة إلى نفس الساحل للبيض والتفريخ. ولا تنس أن لتلك الحيوانات اللطيفة أيضا حق في الاستفادة من نعمة الحياة.

الأماكن السياحية في داليان وجوارها

شواطئ إزتوزو هي أفضل خيار للسباحة والتمشي والاستجمام. إلى جانب آثار مدينة كاؤنس الرومانية الشهيرة بمبانيها وحماماتها ومعابدها الضخمة. كما نقترح عليك الذهاب إلى مقابر الملوك الرومانيين المنحوتة في الجبل. فالمشهد من هناك مروع من جهة ورائع من جهة أخرى. ولا تستطيع التقاط أجمل صورة لجمال داليان والقناة والرمال الذهبية والخضرة الرائعة إلا من هنا.
ولكي تذهب إلى حمامات الوحل فعليك أن تركب زورقا، وتسير من بلدة داليان حوالي كلومتر نحو بحيرة كويجكيز. أصبحت حمامات الوحل هذه مطمح السياح في السنوات الأخيرة إلى جانب شاطئ إزتوزو والمدينة الرومانية. ويقال بأن الوحل يلين البشرة ويشفي من بعض الأمراض كالتكلس والروماتيزم وإصابات عظم الفقار. بيد أن معظم السياح غالبا ما يذهبون إلى الحمامات للمتعة فقط. وهناك حمامات مياه ساخنة يأتيها الزئرون من أقاصي البلاد ومن المنطقة نفسها بحثا عن الشفاء لبعض الأمراض، وتدعى بحمامات "سلطانية". وقد درج أمراء الرومان والسلاجقة والسلاطين العثمانيون على زيارتها بين الحين والآخر، ومن ثم دعيت باسم "سلطانية".
ولا ننسى الشلال والخلجان الصغيرة للسباحة والتنزه واستنشاق الهواء النقي. كما لا ننسى القرى المجاورة التي تقدم للزائر أطعمة محلية لذيذة وضيافة كريمة دافئة. وإذا كنت من عشاق المغامرة وتميل إلى رياضة الرافتنغ وركوب الأمواج فبإمكانك أن تمارس ذلك في جدول دالامان.
داليان جنة منعزلة عن العالم. لا تزال الفطرة والطبيعة تعيش هناك أصالتها وهدوءها... بعيدا عن زحام المدن الكبيرة وضوضاء سياراتها ومصانعها...

كيف تذهب إلى داليان؟

مطار دالامان يبعد عن بلدة داليان بخمسة وعشرين كلومترا فقط. وخطوط الجو التركية تقوم برحلات كل يوم إلى هناك من اسطنبول وأنقرة. أما إذا أحببت الوصول إليها بالحافلة فالرحلة تستغرق من اسطنبول ثلاث عشرة ساعة، ومن أنقرة تسع ساعات، أما من إزمير فحوالي خمس ساعات. الحافلة تأتي بك إلى قضاء أورتاجا، ومنها تستقل الميكرو أو حافلة البلدية التي توصلك في ربع ساعة إلى داليان. أما بالنسبة للإقامة فالفنادق والموتيلات متوفرة. الحقيقة أنني رأيت هناك ما لم أره من قبل، وقضيت وقتا رائعا أحسست فيه كأنني بعثت من جديد.. وأتحين فرصة أخرى لكي أطير إلى تلك الجنة النائية لأخلو فيها بنفسي بعيدا عن الضوضاء والزحمة والمشاكل...
م
ل
ط
و
ش
وتحياتي