- انطلقت مع حافلات النقل الصغيرة التي تجوب العاصمة.. وفي الحدائق
- دمشق: هشام عدرة
المقاهي والمطاعم المتنقلة ظاهرة جديد في دمشق
انطلقت مع حافلات النقل الصغيرة التي تجوب العاصمة.. وفي الحدائق
دمشق: هشام عدرة
انتشرت في دمشق قبل عدة سنوات وسائل نقل داخلي صغيرة ومريحة تتسع لحوالي 15 راكباً يتسنى لمستخدميها الركوب جميعاً على مقاعد بعكس وسائل النقل الكبيرة (الحافلات) التي كانت سائدة بشكل كبير قبل عشرات السنوات وتناقص عددها لصالح هذه الحافلات الصغيرة التي يسميها الدمشقيون (السنافر) لصغر حجمها ولاستطاعتها المرور بسرعة بين السيارات، كما يطلقون عليها (الفئران البيضاء) حيث يطغى اللون الأبيض على معظم هذه الحافلات. ومع انتشار هذه الحافلات على جميع خطوط النقل الداخلي بدمشق وتخصيص مواقف نظامية لها في معظم شوارع دمشق وحاراتها، بدأت تظهر مهنة جديدة لأشخاص تركز معظمهم على مواقف هذه السرافيس، وهم أصحاب ما سمي (المقاهي والمطاعم المتنقلة) حيث استفادوا من حاجة سائقي السرافيس الذين يعملون ساعات طويلة من آلياتهم بدون راحة للطعام والشراب، فقاموا بتجهيز مقهى صغير متنقل على دراجات عادية أو عربات صغيرة متحركة وضعوا عليها كل مستلزماتها من المشروبات الساخنة كالشاي والقهوة والميلو والنسكافيه والزهورات والكركدن والكابتشينو وغيرها. وبدأوا يبيعونها للسائقين بأسعار رخيصة نسبياً تحقق كلفتها مع هامش ربح بسيط. وقال أحد أصحاب المقاهي المتنقلة ويُدعى يوسف سليم ل«الشرق الأوسط»: «بضاعتنا تلقى رواجاً كبيراً فنحن نجهز المشروبات الساخنة بنحو جيد كما يفعل القهواتيه في المقاهي ونبيعها من خلال كؤوس بلاستيكية شفافة تستعمل لمرة واحدة وبعض السائقين يضع كأسه معه ونعبئها له وبنفس السعر. ونقف عادة على مواقف السرفيس حيث لا نزاحم أحداً وعندما يتوقف السائق يطلب منا كأس المشروبات الساخن وبسرعة نقدمه له، وبالتالي لا نعطل السير لا نحن ولا السائق كما يدَّعي البعض الذين يتهموننا بعرقلة السير. ولذلك تلاحقنا باستمرار شرطة المحافظة، حيث لا نمتلك ترخيصاً لمزاولة هذا العمل الجديد» ويضيف سليم: «بعد نجاح عملنا مع السرفيس، انتشرت أيضاً هذه المقاهي المتنقلة في الحدائق العامة، وأنا عملت لفترة في إحدى حدائق دمشق، وكنت ألقى تجاوباً من رواد الحديقة حيث أقدم لهم المشروبات الساخنة وحتى أضفت للخدمة عندي شراب المتّة الذي يرغب فيه الكثيرون وبأسعار رخيصة حيث يستطيع زائر الحديقة التمتع بالطبيعة والخُضرة والماء والجلوس على المقعد مع تناول مشروبه المفضل وبسعر أقل بكثير من أسعار الكافيتريات والمقاهي. ومع ذلك أيضاً فإن شرطة المحافظة تلاحقنا وتمنعنا من العمل بسبب عدم الترخيص لنا ونأمل أن ترخص الجهات الادارية في محافظة دمشق لنا هذه المهنة التي أصبحت أمراً واقعاً وتقدم خدمات جيدة لرواد الحدائق ولسائقي السرافيس والباصات، ونحن لا نأخذ مساحات كبيرة حيث كل أدواتنا عبارة عن دراجة هوائية عليها المستلزمات في صندوق، ومنها بوتوغاز للتسخين وأباريق وترامس لحفظ الماء والمشروبات وعبوات السكر وأوعية غسل الكاسات والأباريق. وهذه جميعها لا تأخذ مساحات كبيرة على الرصيف عند مواقف السرفيس أو على ممرات الحدائق العامة وزواياها. وهذا العمل يدر علينا دخلاً متفاوتاً يتراوح بين 100 و500 ليرة سورية يومياً (بين 2 و10 دولارات). وعلى الرغم من أن بعض الزبائن لا يدفعون ثمن المشروبات، فهناك من يقول لنا إنه لا يحمل مالاً وسيدفع لنا مرة ثانية عندما يمر من أمام مقاهينا المتنقلة على الرصيف ولكنه يذهب ولا يعود. وهناك من يعود فعلاً، وخاصة الرواد الدائمين للحدائق أو السائقين المداومين على الخطوط الداخلية. أبو عدنان صاحب مطعم متنقل قال ل«الشرق الأوسط» «بدأت عملي مع مقهى صغير متنقل ولكن شعرت أن الناس بحاجة أيضاً للطعام، وخاصة السريع منه كالسندويتش والفطائر، ولذلك قمت بتحويل شاحنة صغيرة أمتلكها إلى مطعم صغير متنقل وضعت في صندوقها جميع مستلزمات العمل، فهناك مقلاة للفلافل وصناديق لوضع الخبز وأوعية لوضع الخضار كالبندورة والخس والبقدونس بعد فرمها وتقطيعها وأقوم بتحضير ساندويتشات الفلافل مباشرة وأبيعها لسائقي السرفيس أو لمن يرغب من العابرين وبأسعار رخيصة. وهناك من يرغب في ساندويتشات أخرى غير الفلافل كاللبنة والجبنة والمرتديلا وغيرها. وأعمل دائماً على المحافظة على نظافة هذه المواد بغسلها بالماء وحتى تعقيم الخضار كما يفعل أصحاب المطاعم الثانية. ومع ذلك يشكك العديد من الناس والمعنيين في نظافة بضاعتنا ويتخوفون من أننا قد لا نغسلها جيداً وبالتالي يمكن أن تسبب أمراضاً للزبائن. ولكن يضيف أبو عدنان الحمد لله لم أسمع أحداً من زبائني اشتكى من ساندويتشاتي أو أنه أصيب بأي مكروه أو مغص معوي فأنا تهمني كثيراً نظافة الخضار والمواد الأخرى».
أحد سائقي السرفيس الذي يعمل على خط مسافته طويلة نسبياً في دمشق قال ل«الشرق الأوسط»: «أنا أعمل حوالي 12 ساعة يومياً على خط نقل داخلي يبلغ طوله 15 كلم ويستغرق معي في الذهاب والإياب حوالي ساعة ونصف الساعة، ولذلك أشعر أنني بحاجة دائماً لمشروب ساخن أو بارد وأنا أسير ذاهباً وراجعاً حيث لا أستريح مطلقاً وليس أيضاً من المعقول أن أجهز شايا أو قهوة في حافلتي حيث لا أتمكن من التوقف في نهاية الخط، ولذلك جاءت هذه المقاهي المتنقلة لتحل لنا هذه المشكلة وبأسعار زهيدة». ولاحظت يضيف السائق «أن بعض الركاب معي يطلبون على المواقف كأسا من الشاي أو القهوة وهم جالسون في السرفيس حيث إما أن يكون مشوارهم طويلا ولنهاية الخط أو أنهم يتنزهون بحافلاتنا، فهناك ظاهرة لاحظناها بأن العديد من الشباب العائدين من العمل أو الكبار المتقاعدين أو من لديهم عمل يركبون معنا في السرفيس من أول الخط ويستمرون معنا حتى آخر الخط ومن ثم يعودون معنا وعندما سألناهم عن السبب في ذلك يقولون لنا إنهم يتنزهون ويشاهدون حارات دمشق، وهم جالسون، فليس لديهم عمل. وهؤلاء يشربون أيضاً المشروبات الساخنة من المقاهي المتنقلة. وقال لي أحدهم إنه يركب السرفيس ذهاباً وإياباً بعشر ليرات سورية فقط (وهي الأجرة) ولمدة ساعة ونصف الساعة ويشرب الشاي (وبعشر ليرات أيضاً) أي أنه يتنزه ويتجول في دمشق ويدفع فقط 20 ليرة، وهذا أفضل له بكثير من أن يجلس في مقهى ويدفع في الأقل 25 ليرة سورية.