иман
08-11-2022 - 02:47 am
بعيونكم لا تشوفوها.. بس شوفوها بعيوني
دمشق هي: ذلك الشتاء , المُحمل بالخير من
السماء, من ثلج و مطر ليغسل به الأرض و النفوس, و يروي عطش النبات و العباد. أظن أن مطر دمشق لا يُشبه مطر أي
مدينة أخرى و لو أننا في أحيان كثيرة نقول بأننا لا نستحقه, بس الله كريم.
أما ليالي دمشق الشتوية فهي لوحدها لوحة فترى ركناً آخر لأصدقاء جلسوا يلعبون ' التريكس او الطرنيب' في مقهى من
مقاهي الشام و انقسموا لفريقين و أصوات ضحكاتهم و اتهاماتهم بالغش لبعضهم البعض تتناثر في المكان و أمامهم
مستلزمات السهرة من 'موالح' و ' ستاتي' و 'الفول النابت' و 'البليلة' و 'الأركيلة ' و يُخيم على اللوحة صوت أم كلثوم يصدح.
فكما صباحات دمشق فيروزية, فلياليها كلثومية من الطراز الأول.
و عندما يغمرنا الله بكرمه, تكتسي دمشق بالثوب الابيض الثلجي, و هنا لك أن تتخيل إذا خرجت من بيتك, ما الذي سيجري
لك, حيث ستتعرض و أنت ماشي بأمان الله , بكرات الثلج تنهمر عليك من حيث تدري و من حيث لا تدري, و حينها لن تجد
سبيلاً أمامك إلا أن تسرق كمشة ثلج من سطح أقرب سيارة, و ترمي بها من تقابله.. متخلياً عن وقارك ووزانك و تضحك كما الكل يضحك .
دمشق هي: ذلك النهر الجبار 'بردى ' الذي يُصر على التمسك بالحياة مستمداً قوته من ماضيه المجيد رغم قسوة الزمن
عليه.. و هو لو استطاع أن يرتوي من حبنا, لفاض بالخير و ضج بالحياة .
دمشق هي: ذلك الصيف المتمثل بعائلات الشام البسيطة التي تخرج أيام العطلة إلى الغوطة و مصطبات عين الفيجة , فتراهم
كلٌ مشغول بتنفيذ مهمته, فترى النسوة منشغلات بإعداد التبولة, و الرجال يقومون بشي اللحوم, و الأطفال يلعبون , و
تسمع من هنا و هناك أصوات طاولة الزهر و الأركيلة, و لا تنسى من أخذ على عاتقه مهمة الغناء و إشاعة الأفّلة بين
الحاضرين.. فتراه ممسكاً بالدربكة, و الكل يشاركه في أغاني مثل ' سكابا يا دموع العين' ' يا طيرة طيري يا حمامة' 'يا
مال الشام' و غيرها من أغاني السيارين الدمشقية. و بعد الطعام يعم الهدوء! و تبدأ مباريات لعب ' الشدة' و الطاولة من
'مغربية 'و 'محبوسة' وفي الليل يعود الجميع إلى بيوتهم بحالة مُغايرة تماماً عن الحالة التي غادروها فيها, فالخمول و
التعب يلفهم, فلا يملك أحدهم القوة للغناء أو الكلام ، اللهم سوى تعليقات بايخة ومع ذلك يضحك الجميع
دمشق هي 'قاسيون' ذلك الجبل الآسر والذي يمنحك صورة ما إن تراها عيناك حتى يطبعها عقلك و يخفق لروعتها قلبك،فما بالك إن تذكرتها وانت تعلم أنك محروم منها
دمشق هي عجئة طريق بيروت ووادي بردى في أيام الجمعة...هي ' بلودان' و 'مورا' و 'أبو زاد' بضجيج الناس و الأولاد..هي '
بقين' و 'مضايا' و 'الزبداني'
دمشق هي: سوق الحميدية الذي يحرّض لديك نزعة لشراء أشياء لاتحتاجها وذلك لتنوع المعروض وكثرته ..دمشق هي
القباقبية وقهوة النوفرة, والبزورية
دمشق هي سوق الخياطين و سوق تفضلي يا خانم والمسكيَة و قلعة دمشق و تمثال صلاح الدين و قبر صلاح الدين .
دمشق هي: شوارع باب توما و القصاع والغساني التي تصبح لوحات فنية في أعياد الميلاد. فكما الناس تكون سعيدة
ترى الشرفات جميعها سعيدة و تنطق نوراً من الزينة و الاضاءة التي يتفنن كل بيت في وضعها .
دمشق هي: رمضان و مدفع الافطار و الامساك و المسَحر. و بائعي المعروك و الناعم و العرقسوس, هي المدينة الخالية تماماً
من الناس في لحظة قول: 'الله أكبر'
دمشق هي مئذنة 'سيدي بلال' و صلاة التراويح و 'التهجد' و يوم الوقفة و زكاة الفطر و تكبيرات العيد, و زحمة الوقوف على
الدور عند سميراميس,ونبيل نفيسة لتحظى 'بالمعمول ' و 'الكول وشكور' و 'المبرومة ' و كلمة ' كل سنة و انت سالم'
دمشق هي: يوم الثلاثاء الساعة الواحدة و النصف, و الناس جميعاً في السيارات أو البيوت يستمعون ل ' حكم العدالة' دمشق
هي: عندما تتعثر في الشارع تجد الكثير الكثير ليقول لك: ' الله يجيرك'
دمشق هي : بائعي الصبارة بساحة 'الروضة'،هي عجئة سوق' الحمراء' و'الصالحية 'و'الشعلان'
دمشق هي: ساحة 'الأمويين' التي أخدت من أعمارنا سنوات, حتى رأيناها كما نشتهي و نتمنى.
دمشق هي الزحام المختلط بالحب والتذمر والبساطة والألفة والإيمان ...
دمشق هي: ليست كل ما ذكرت لأن كل ما ذكرت ما هو إلا جزء من جزء من جزء مما أشعر به .
الشام شامنا ولو الزمن ضامنا
منقول