- يقول جو كين:
لم يسبق ان اقتحم احد كامل مجاهل الامازون العظيم الغامض.فعمد فريق من المستكشفين الى تسلق اعالي جبال الانديز العالية. فبلغوا منبعه وانحدروا في قوارب تجذيف مندفعين فوق الشلالات والمنحدرات المائية في احد أخطر أنهار العالم . ومن بقي من الفريق ليتابع المغامرة كان عليه ان يجذف حوالي 6000 كيلو متر في حوض الامازون للوصول الى الاطلسي...كانت تلك مغامرة اصيلة قاسية حتمت على اعضاء البعثة الصامدين بذل قصارى طاقاتهم لقهر نهر جامع شديد المراس.
فاذا كتب لهم البقاء فسيكونوا اول من اقتحم اعظم الانهار في العالم متتبعين مجراه من منبعه الى مصبه.
يقول جو كين:
لو توقفنا قليلا للتفكير في تلك المغامرة لربما ادركنا الحماقة الرائعة التي كنا مقدمين عليها...فقد عزمنا على تخط نهر مزبد زاخر بالشلالات والمنحدرات المائية...هو أحد أشد الانهر جموحا وغدرا في هذا الكوكب بطاقم يفتقر الى مقدار كبير من الخبرة والتجربة.
ولكن عوض مواجهة هذه الحقائق المرة .شربنا نخب النجوم وارسلنا تحية الى صقيع ليل جبال الانديز العالية .ثم شرعنا في التحضير لرحلتنا..اذا سارة الامور وفق الخطة المرسومة فلن نغادر النهر الا وقد اجتاز القارة بكاملها من منبعه الى مصبه.
يقع نهر الابوريماك عند منبع الامازون. وخطره ليس في حجمه وانما في صخوره وانحداره الشديد...قد لا يفقد المرء وعيه بلطمة موجة عملاقة لكنه قد ينشد الى شرك حيث يعلق تحت صخر او يمتص في مصفاة مغمورة من جلاميد فلا يجد خلاصا... ولحسن حظنا لم يضع قائد طوفنا الاخفاق في حسابه.وكان بيوتر شملنسكي رجلا ناحلا مفتول العضلات وفي عينيه الزرقاوين برودة ورباطة جأش كعيني جرو ذئب.وهو من اشد الرجال الذين عرفتهم تصميما وبأسا.كان يحضنا على النهوض قبل الفجر ويبقينا في النهر حتى ساعة متقدمة من النهار...وهو اكتسب بنفسه مهارة فائقة في قيادة زوارق الكاياك مسافات بعيدة.وكانت لديه غريزة فذة تجتذبه الى مساقط المياه المزبدة. كان يحس النهر يجري في دمه ويكن له الاحترام كقائد يجل عدوا جديرا بالاكبار.
والى اللقاء مع حلقة جديدة...سعيد ارويف
كانت وظيفتي "سائقا" في طوفنا.اذ عهد الي في استكشاف المنحدرات المائية بقدمي قبل اقتحامها الفعلي .لكن الحقيقة هي ان شملنسكي هو الذ=ي تولى الاستكشاف فيما كنت اجر نفسي وراءه.ولكم زلت قدماي على الصخور الملساء حتى اصطبغت ساقاي بعد يومين بلون أرلاجواني مزرق.وغشت القروح والندوب وجهي ويدي. وندب شملنسكي نفسه لعمل لا يحسد عليه. وهو تعليمي سبيل انتقاء مسار امن عبر الابوريماك المتعرج. وكنت كلما طلب مني انتقاء طريق اختار دربا لو اقتفيناها لادت بنا الى هلاك محتم.كأن نتسمر تحت "مصفاة"من الجلاميد.كان شملنسكي ينظر الي آنذاك باحياط يائس ثم يروح يدلني على طريق اكثر سلامة. واذ نستذكر الانعطافات والتوقفات التي يتعين علينا القيام بها خلال اقتحامنا الفعلي للمساقط المائية كان يخاطبني بلغته الانجليزية الركيكة فتجري محادثتنا كالاتي:
ولكن ما ان ندخل احد المساقط المائية حتى تتبخر خطتنا الايقاعية المرسومة والمدروسة في اذهاننا .فيضبط شملنسكي تجذ=يفنا بأوامره الحازمة التي يصدرها بنبرة قاسية جافة...