مراكش المسافرون العرب

أكتشف العالم بين يديك المسافرون العرب أكبر موقع سياحي في الخليج و الوطن العربي ، يحتوى على أكبر محتوى سياحي 350 ألف استفسار و نصائح عن السفر و السياحة, 50 ألف تقرير سياحي للمسافرون العرب حول العالم و أكثر من 50 ألف من الاماكن السياحية و انشطة وفعاليات سياحية ومراكز تسوق وفنادق، المسافرون العرب هو دليل المسافر العربي قبل السفر و اثناء الرحلة. artravelers.com ..
سعيد ومبتسم
22-10-2022 - 07:59 pm
يقال أن اللحظات الجميلة هي تلك التي تعيشها دون تخطيط مسبق لها...؟إنها إأشبه بالقيادة في الضباب حيث يغيب الافق وما وراء التلال..لكن هذا الأفق غالبا ما يكون أخضرا ورائعا...
انتهينا من بعض الاشغال الإدارية التي ارهقتنا لأسبوع كامل ،وكان يجب أن نسافر لنرتاح من تعبنا.
اتصلت بصديقاي مصطفى وأحمد.الخبيران في السياقة الجبلية لمسافات طويلة.بعد ساعة كنا نشرب الشاي في بيت الوالدة ونرسم مسارا لرحلتنا...
محطة البنزين بالخميسات.650درهما بنزين.سنتجه جنوبا الى مدينة أولماس البعيدة 90 كلم.ثم الى "أكلموس "50كلم ومنها الى خنيفرة 30 كلم ثم 24 كلم الى البحيرة الخضراء أو aglmam azgzaكما يطلق عليها
بعدها سننعطف الى الشرق قاصدين منابع نهر ام الربيع البعيدة حوالي 30 كلم.ومع انعطاف نحو الشمال سنزور مدينة عين اللوح ثم آزرو ثم " الحاجب " على ان ينتهي بنا المسير الى مدينة مكناس عاصمة الإسماعلية ومنها سنتوجه غربا في اتجاه مدينة الخميسات.هكذا سنكون قد قمنا بجولة حول اجمل المناطق بالأطلس المتوسط واكثرها إغراء وجلبا للسائح...
الأسبوع الاخير من شهر غشت والأجواء صيفية جميلة تغري بالسفر...الشمس تميل الى المغيب .كنا قد قطعنا مسافة 90كلم وها نحن بمقهى " المهاوي" بمدينة أولماس نشرب قهوتنا الى جانب بعض الأصدقاء قبل ان نستأنف رحلتنا.
طوال الطريق بين أولماس ومدينة خنيفرة،لم تتوقف أم كلثوم في رائعتها " فكروني.لا ادري لماذا يروق لي الإستماع لها عندما أسافر بعيدا.أتذكر الأن أن الحافلة توقفت بنا قبل سنوات قرب مراكش في إحدى سفرياتي للجنوب.كانت الراحلة تغني " يا مسهرني " عندما استسلمت للبكاء...
تقع مدينة " خنيفرة " في قلب سلسلة جبال الأطلس المتوسط.يسميها الأهالي بالحفرة.يشطرها نهر أم الربيع الى شطرين.الحرارة مرتفعة بهذه المدينة الساحرة الضاربة في عمق التاريخ والثقافة المغربية.فمنها انحدر العديد من المقاومين والوطنيين والفنانين الأمازيغيين أمثال : محمد رويشة . مغني .شريفة ...والقائمة طويلة
انتصف الليل بمدينة خنيفرة.تناولنا عشاءنا بإحدى المقاهي الواقعة على الشارع الرئيسي للمدينة .خفت حركة السير بالخارج وانخفضت درجة الحرارة الى معدلات مناسبة..توجهنا الى اجمل فندق بالمدينة وهو فندق " موحى وحمو الزياني" وهو فندق مصنف وهادئ وجميل .عندما وقفنا أمام موظف الإستقبالات أخذ هذا الاخير ينظر الى بإمعان شديد ثم صمت برهة سألني بعدها : ألست سعيد ....؟ قلت نعم . لكنني لم أتذكر اسمه ولا صورته بعد.
" لكريني نور الدين " أثرت فيه مهنته كموظف يجيد التحدث بجميع لغات العالم. وكان طبيعيا أن يؤثر هذا الرصيد والمعجم في ثقافته وملامحه وسحنات وجهه.حتى تسريحة شعره لم تسلم من هذا المزيج الغني ومن تعامله اليومي مع مختلف الجنسيات ...درس معي في الثانوية ولم أره منذ خمسة عشر عاما وقد نسيت اسمه مثلما نسيت مئات الأسماء.لكن خنيفرة جمعتنا في هذه الليلة السعيدة فكانت الفرحة فرحتين...
عندما طلب أخي أن ندلي ببطاقة تعريفنا لنستأجر غرفتين لقضاء ليلتنا أجبته أنني لم آت الى خنيفرة كي أنام في فندق { ثمن الغرفة الواحدة بسريرين هو 400 درهم} وكان لابد ان أذكره بهوايتي المفضلة.قلت إنني ساقصد البحيرة الخضراء البعيدة 24 كلم .هنالك سأرمي صنارتي وسأرهف السمع لليل المكان الهادئ والدافئ...
تركناه بالفندق وبعد 45 دقيقة كنا قد نزلنا بالبحيرة الخضراء.فرغم قصر المسافة إلا أننا تأخرنا في الوصول ،فالطريق بينهما لا تليق أبدا بهذا الكم الهائل من المقومات السياحية التي تزخر بها المنطقة.طريق مليئة بالحفر البشعة وضيقة في العديد من المنعرجات الأمر الذي يستوجب اتخاذ اقصى درجات الحيطة والحذر.
يبتدئ الأن سحر الرحلة رسميا .هنا بدأت أدرك انني وصلت الى بيئة غير تلك البيئة التي أعيش بها بالخميسات.فالطبيعة هنالك لا تزال على حالها .غابات كثيفة وموحشة وليل صامت مليئ بالأشباح والنجوم... على جنبات البحيرة انتصبت خيام من مختلف الاشكال والاحجام والألوان.لقد أنشاها أناس جاؤوا من مختلف أنحاء المغرب باحثين عن شيئ ما في هذه القطعة البعيدة. شجرة " الأرز " الضاربة في العلاء تتحف المكان بشكلها الفريد والبديع...وأول ما يتردد على لسانك وانت تنظر الى هذه الشجرة العظيمة هو : سبحان الله العظيم. في كل مرة أرفع بصري الى الأعلى وأحدق مليا الى هذا الكم من الخشب المشدود الى الرض بجذور فقط...إنها باختصار لوحة من اللوحات الإلهية البديعة...
التقينا ثلاثة أشخاص من أهالي المنطقة.تركوا مدينة خنيفرة منذ شهر واختاروا الإستقرار بالبحيرة بثلاثة خيام صغيرة.كانوا قد تحلقوا على نار أوقدوها بالحطب الذي تمنحه الغابة بسخاء كبير...وعندما توقفت سيارتنا بجانب خيمتهم تقدموا في اتجاهنا بكل أدب واحترام طالبين منا التفضل بشرب كأس شاي معهم.لم نستطع مقاومة إصرارهم وبعد لحظات كنا نتحلق معهم حول النار التي تبعث الدفئ في الجسد والمكان على حد سواء...
مصطفى يغالبه النوم فانصرف الى السيارة وألقى بجسده المتعب على الكرسي.بقيت أنا وأحمد نسمع تاريخ المنطقة وأسرار البحيرة من عبد العزيز. عبد العزيز هذا لم يكف عن الحديث عن البحيرة منذ ان جلسنا الى جانبه.إنه في الثلاثين من العمر غادر المدرسة عن سن مبكرة، لكن الحياة علمته الكثير مما نجهله نحن. كان يحاورنا بأخلاق عالية جدا وعرفنا منه ان السلطات قامت بحظر تسلق الجبل المقابل للبحيرة لانه مليئ بالمغارات التي تغطي اوراق الشجر وأغصانها فوهاتها ،ما يجعل السائح عرضة لخطر الإنزلاق الى داخلها.وعرفنا ايضا أنه هنا لغرض ارضاء نزعاته لصيد السمك ...يا إلاهي ما أجمل أن يرمي بك القدر في ليل جميل كهذا إلى شخص توحدكما هواية واحدة...
لكن الأغرب في الامر سيحدث عندما سيبدأ في الحديث عن القردة التي تسكن بالغابة المحيطة بالبحيرة.يقول عبد العزيز"سترون في الصباح جيوشا من القردة تختلط بالناس ..تنتظر من يطعمها ..تنتقم ممن يعتدي عليها لكنها اليفة ومسالمة في اغلب الاحيان... ويضيف قائلا: حدث هنا أمر لا يصدق.فقد اعتدى أحد الاشخاص بالضرب على قرد الاسبوع الماضي، وفي الصباح الباكر هاجمت القردة خيمته فمزقتها وهو نائم بها.وانتزعت الغطاء عنه وفرت به الى قلب الغابة...عندما سمع أحمد هذا الكلام عدل عن فكرة المبيت بالخيمة التي خصصها لنا اصدقاؤنا وتركنا لينام في السيارة مع مصطفى.أما أنا فقد بقيت ساهرا الى الرابعة صباحا حيث جهزت صنارتي ونزلت بضعة امتار الى البحيرة رفقة عبد العزيز الخبير بشؤون السمك وأنواعه وفنون اصطياده.
قال عبد العزيز : إن أفضل أنواع السمك الذي تزخر به البحيرة هو " البروشي" هكذا ينطق الاسم. واعتذر لاني لا اعرف اسمه بالعربية... وفي سبيل اصطياده يتعين علينا اصطياد سمكة صغيرة وجعلها كطعم لاصطياد لبروشي الذي يبلغ طوله مترا ونصف...
واستغربت حينما اصطدنا تلك السمكة الصغيرة. فقد رايته يدخل خيطا بين جلدها ولحمها بواسطة إبرة طويلة،ثم علق صنارة مزدوجة في مقدمة الخيط بالقرب من رأس السمكة
الصغيرة في حين ربط الطرف الثاني للخيط بخيط الصنارة ورمى بالطعم في مياه البحيرة...قال عبد العزيز: يتعين ألا تجرح السمكة الصغيرة في لحمها ويجب ان تدخل الخيط بين جلدها ولحمها لتفادي موتها. فعندما يهاجم سمك " لبروشي " سرب السمك الصغير هذا ، يفر اعضاء السرب فتبقى هذه المعلقة لصنارتنا لانها لا تتحرك بسهولة فينقض عليها لبروشي ليكون بين أيديبنا ... قلت له هل تبيعون السمك الذي تصطادونه؟ قال : نبيع كل انواع السمك للمصطافين أما لبروشي فهو من نصيب الصياد وحده...
جيوش من القردة تزعق لتخيف من في طريقها..تقفز من شجرة لأخرى في خفة منعدمة النظير.يحدث هذا مع الاطلالة الاولى لصباح يوم الاحد.رفعت بصري فلم أصدق الذي يتراءى لي من بعيد قردة من نوع واحد وبمختلف الاحجام والاعمار تصرخ وتقفز وتتجول بين الخيام وتبحث عن أي شيئ لتقتات به.قال صديقي: القرد حيوان يخلق بغريزة السرقة. قبل أن ننام يجب ان نخفي كل امتعتنا.القردة تسرق الكؤووس والسكاكين والسكر والزيت والصحون والاباريق وكل شيئ... قلت مازحا : هل يقيمون عرسا كي يسرقوا الاواني ؟؟؟ قال : هذا ما يحدث منذ ان خلق الله هذه الارض.
لم انم ليلة البارحة بل قضيت كل ساعاتها جالسا الى جذع شجرة ضخمة بجانب نار ملتهبة، لهذا عندما اشرقت الشمس احسست نبضا في رأسي وتركت البحيرة لالتحق بالقردة وأوقظ صديقاي ... لم نصطد شيئا لحد الأن لكنني تعلمت الكثير وهذا هو الاهم...
القردة تملئ المكان تقفز من شجرة لأخرى ففي لحظة تكون بجانبي وعندما تدفعها غريزتها الى القفز تجدها بقمة شجرة الارز العالية ...إن أول ما قد يتبادر الى ذهنك وأنت تشاهد هذا المشهد هو أن تأخذ كمرتك لتصور وهذا ما فعلته فعلا. أكثر من نصف ساعة وأنا أصور. لقد حفظت كل حركاتها وسلوكاتها ...
عندما طرقت باب السيارة لأوقظ مصطفى اجابي : يا لك من عجوز توقظني في هذا الصباح الباكر ؟ الا تعرف شيئا اسمه النوم؟؟... قلت : سأنتظركما بالبحيرة انطلقا لاحضار محمد من الفندق .الوقت قصير واذا استسلمنا للنوم فقد يفوتنا ما جئنا لأجله
في تمام العاشرة صباحا عادوا وقد اشتروا معهم ما يلزمنا للغذاء ففي البحيرة لا توجد سوى خيام صغيرة تبيعك الشاي وخدمات الطهي وخيام صغيرة للاستئجار 50 درهما للخيمة ليوم كامل. لكننا تعلمنا من فندق خنيفرة ان على المرء أن يسأل قبل أن يطلب أي شيئ من النادل. ففي هذا الفندق شربنا مشروبات غازية بثمن 50 درهما للقارورة بحجم 45 سنتلتر...
قال عبد العزيز: نعمل انا واصدقائي وبعض شباب المنطقة على الحفاظ على امن وسلامة السائحين إيمانا منا بأننا الخاسرون إذا تمت الإساءة للسائح . وفكرت لو كان الجميع يفكر بهذا المنطق ؟؟؟؟؟
بجانب البحيرة بئر عذبة يجلب منها المقيمون الماء. بينما عبد العزيز يفضل طريقة لا تخلو من مغامرة.فهو سباح ماهر لذلك يحمل بضع قارورات ويسبح بها الى قلب البحيرة ليملأها بالماء ثم يدفعها بيديه الى الضفة..يقول إن مياه البئر مالحة وبأنه لا يستسيغ مذاقها
ما لبثنا أن لوحنا بأيدينا مودعين البحيرة التي احتضنتنا لساعات ..تبادلنا عبارات الوداع مع عبد العزيز وصديقيه..وها نحن في طريقنا إلى منابع نهر أم الربيع تحينا أشجار الأرز الساحرة .. تلك الشجرة تقف منذ عقود بكل شموخ واعتدال في تحد سافر لأجواء الأطلس القا سية ...تظلل القادمين إليها من كل بقاع العالم...... والى اللقاء قريبا في الجزء الثاني من الرحلة.


التعليقات (8)
نشمي التغلبي
نشمي التغلبي
أعشق الحرف الجميل ..
سلمت يمينك ياسعيد
أستمتعت في رحلتي مع حرفك ..
كما استمتعت بوصفك للمناطق التي زرتها
دمت مباركا وموفق
أنتظر الجزء الثاني
أخوك المحب
نشمي التغلبي
أبو عبد العزيز

&لعيونك&
&لعيونك&
بوركت من قلم جميل أخ سعيد

سويهله ودلاحه
سويهله ودلاحه
شكرا
واصل ونحن مغاك مواصلين

kazoze
kazoze
تقرير جمع جمال الطبيعة وصدفه لقاء بصديق من القدم
شكرا لك اخوي

eldorado
eldorado
شكرا على التقرير الرائع والوصف الجميل والاسلوب الراقي في انتظار البقيه
عندي سؤال وهو في اي الاوقات من السنه تنصح بزيارة تلك المناطق والتخييم بها ؟

سعيد ومبتسم
سعيد ومبتسم
مشكور اخي الكريم وبالنسبة للتوقيت المناسب لزيارة هذه المنطقة فانصح ان تكون في فصل الصيف. فهذه المنطقة باردة جدا وتشهد تساقطات ثلجية في موسم الشتاء لذا ارى ان تتم الزيارة في الصيف للاستمتاع اكثر والف مرحبا

سعيد ومبتسم
سعيد ومبتسم
eldorado
مشكور اخي الكريم وبالنسبة للتوقيت المناسب لزيارة هذه المنطقة فانصح ان تكون في فصل الصيف. فهذه المنطقة باردة جدا وتشهد تساقطات ثلجية في موسم الشتاء لذا ارى ان تتم الزيارة في الصيف للاستمتاع اكثر والف مرحبا

سعيد ومبتسم
سعيد ومبتسم
&لعيونك&
مرحبا بك في اخا طيبا وان شاء الله ستجد كل ما تريد من منتدانا الحبيب


خصم يصل إلى 25%