- الرباط: خديجة الطيب
العاطلون يشعرون بالفشل ويواجهون مشاكل اجتماعية ونفسية
12% نسبة البطالة في المغرب و500 مليون دولار لتوفير فرص عمل جديدة
الرباط: خديجة الطيب
تأتي البطالة في صدارة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها المغرب، والتي تتفاقم عامًا بعد عام، مسببة مشاكل اجتماعية واقتصادية كبيرة، وحسب أحدث الإحصاءات بلغ معدل البطالة في المغرب نسبة 12%، بزيادة قدرها 1.6% عن مستواه في العام الماضي، حيث قدر إجمالي عدد العاطلين عن العمل ب1.239 مليون شخص.
ويقول صلاح الدين الرباني (محلل اقتصادي) إن "أسباب البطالة في المغرب ترجع إلى عجز القطاع العام عن استيعاب الأيدي العاملة الجديدة، وعدم قدرة القطاع الخاص على توفير البديل للدور الذي كان يلعبه القطاع العام، بالإضافة إلى ضعف معدل النمو في القطاع الزراعي، بسبب التغيرات المناخية، وعدم كفاية الاستثمارات التي يتم ضخها في شرايين الاقتصاد لاستيعاب الأيدي العاملة".
ويضيف أن "أزمة البطالة مرشحة للتصاعد بحدة في السنوات القادمة، وبخاصة بعد المشكلات التي تواجه قطاع النسيج في المغرب، حيث تجبره المنافسة الآسيوية على التخلي عن أعداد كبيرة من العمال".
وفي تقريره السنوي حول اتجاهات الشغل بالعالم أعلن المكتب الدولي للشغل عن ارتفاع عدد العاطلين عن العمل خلال 2005، خصوصا في صفوف الشباب، وذلك رغم ارتفاع نسب النمو الاقتصادي، وأوضح التقرير أن الشباب ما بين 15 و42 سنة يشكلون حوالي نصف عدد العاطلين بالعالم وأنهم معرضون أكثر من غيرهم بنسبة ثلاث مرات لاحتمال مواجهة البطالة مقارنة مع من هم أكبر سنا.
وبيّن التقرير أنه رغم نمو الناتج الداخلي العام بنسبة 4.3% خلال سنة 2005، تمكن 14.5 مليوناً فقط من أصل 500 مليون على المستوى العالمي من العاملين الذين يعيشون فقرا شديدا، من تحسين وضعيتهم، وتجاوز عتبة الفقر المتمثلة في دولار واحد للشخص في اليوم، وأشار التقرير إلى أن منطقتي الشرق الأوسط وإفريقيا الشمالية تعرفان بتسجيلهما لمعدل 13.2% خلال سنة 2005، أكبر معدل للبطالة في العالم في حين تحتل إفريقيا جنوب الصحراء ثاني أكبر معدل في العالم ب 7.9% .
وكان لمشكلة البطالة في المغرب انعكاس مباشر على زيادة حجم الفقر، فبحسب تقرير التنمية البشرية العربية لسنة 2005 بلغ عدد المغاربة الذين يعيشون تحت خط الفقر 6 ملايين شخص، يمثلون نحو 19% من إجمالي السكان البالغ عددهم 32.7 مليون نسمة.
وقد بات منظر احتجاج العاطلين عن العمل في المغرب، أمرا عاديا وجزءا من الحياة اليومية في شارع محمد الخامس بالرباط أشهر شوارع العاصمة الذي يتوسطه البرلمان، حيث يتجمع العاطلون قبالة مبنى البرلمان ويرددون شعارات تندد بسياسة الحكومة في ميدان التشغيل والعمل وعجزها عن حل مشكلتهم.
ومؤخرا "ارتفعت وتيرة الاحتجاجات بشكل كبير وبلغت حوالي 700 احتجاج سنوي، بمعدل مظاهرة إلى ثلاث مظاهرات يوميا في الرباط وحدها"، حسبما صرح به وزير الداخلية مصطفى الساهل أمام النواب الذين استنكروا تدخل قوات الأمن ضد المحتجين.
ويقول عبد العالي (29 سنة عاطل عن العمل) "أصعب ما يمكن أن يشل تفكير الشباب، هو الإحساس باليأس، وعدم أهمية ما يقوم به من مبادرات ويبذله من جهد من أجل الوصول إلى مبتغاة، والعمل هو أهم الأهداف التي تسكن فئة الشباب، لما له من تأثير على حياتهم واستقلاليتهم ونظرة الغير إليهم، وفي غيابه ماذا يمكن أن ننتظر من شباب تبدو أمامه الطريق مظلمة والدهاليز مغلقة؟".
ويضيف " نسبة كبيرة من العاطلين عن العمل يفتقدون تقدير ذواتهم، ويشعرون بالفشل ويواجهون مشاكل اجتماعية ونفسية عدة، على سبيل المثال قيام خمسة شبان بإحراق ذواتهم، بعدما استنفدوا جميع الحلول للحصول على شغل يقيهم شر البطالة، وآخرون لم يجدوا بدا من الإضراب عن الطعام وتعريض نفسهم إلى الهلاك، وآخرون بعدما سدت أمامهم جميع المنافذ في وطنهم، اختاروا الارتماء في أحضان البحر علهم يصادفون حظا تائها بين الأمواج الهائجة يعبر بهم عباب البحر في اتجاه الضفة الأخرى".
ويقول عبد العالي"أوشك أن أبلغ الثلاثين من العمر، ولم أحقق شيئا لنفسي أو لعائلتي، بل أصبحت عالة على أب يتقاضى تقاعداً بسيطا وأم لا حول لها ولا قوة، أكملت دراستي، وحصلت على درجات عالية في اختصاصي (العلوم) وانتهى بي الأمر أن أصبحت عضوا في مجموعة تطالب بالعمل".
عثمان (36 سنة) حاصل على شهادة الإجازة في الأدب الفرنسي، ولج باب البطالة الكبير المفتوح على الخسارات منذ سنوات، يقدم دروسا خصوصية للتلاميذ بين الحين والآخر، ويمسح الأحذية في الشوارع وفي السوق يبيع الطماطم، ويصعب عليه أحيانا الحصول على ثمن السجائر والقهوة، راسل عشرات الإدارات، واجتاز مسابقات كثيرة، ولم يعد أمامه سوى الهجرة إلى أوروبا مهما كانت تحمل من خطورة.
ويدفع الفقر والبطالة المغاربة إلى ركوب "قوارب الموت" في محاولة اجتياز الحدود أملاً في دخول أوروبا "الغنية"، وهو ما يسفر عن وقوع الكثير من الضحايا أثناء تلك المحاولات.
ويرى مراقبون أن ارتفاع معدلات البطالة في الدول المصدرة للمهاجرين، يعتبر من أهم أسباب الهجرة، حيث يؤدي الضغط على سوق العمل إلى تغذية "الرغبة في الهجرة"، وتحاول الحكومة المغربية اتخاذ عدد من الخطوات لمواجهة مشكلة البطالة، كتشجيع المؤسسات لتمويل المشروعات الصغيرة بنسبة فوائد ضعيفة، كما أنها لجأت العام الماضي إلى تطبيق نظام التقاعد الطوعي كسياسة جديدة تهدف إلى تشغيل العاطلين، وتقليص الإنفاق العام عن طريق تخفيض حجم الأجور التي تثقل كاهل الميزانية العامة.
وتمنح الدولة لعدد من الموظفين تعويضات مالية مقابل ترك وظائفهم في القطاع العام، وتشجيعهم على تنفيذ مشروعات جديدة في القطاع الخاص؛ أملا في خلق فرص عمل جديدة، وقد رصدت الحكومة المغربية مبلغ 500 مليون دولار في موازنة هذه السنة لتغطية هذه العملية.
اللهم أرزقهم وسهل عليهم وفرج كربهم وأزل همهم
البطاله هاجس وهم دول العالم اجمع وما المغرب الا جزء منه
وفق الله الجميع وحل الله كرب المسلمين
اشكرك على هذه الأفادة