سفير الغيوم
21-04-2022 - 03:54 pm
من الجائز أن لا تجد اسم "واترفورد" في الخرائط القديمة، فقد سميت على مر مراحل التاريخ بأسماء مختلفة آخرها الاسم الذي تحمله حالياً وهو "واترفورد"، غير أن خارطة الكشوف الأثرية ربما تجعل هذه المدينة واحدة من أقدم المدن في جزيرة ايرلندا على الاطلاق، فقد كانت أولى المستعمرات الاستيطانية التي بنيت في نهاية المنحدرات المائية التي استقبلت حشود الغزاة "الفايكينج" عام 852.
وقد سميت ب "فيدرا رفبوردر" وتطورت بسرعة حتى أصبحت منذ عام 914 واحدة من أكبر المدن الجنوبية في ايرلندا، حيث شيدت القلاع والمتاريس والصوامع والبيوت، وكل هذه الآثار التاريخية ما زالت تحتفظ برونقها وملامحها القديمة حتى الآن تقريباً، ومن بين هذه المعالم الأثرية عدد من الأبراج الموزعة في أجزاء المدينة، خصوصاً على شواطئ المياه، ومنها برج قلعة "بيجنالدسي" الشهير الذي يعتبر أقدم بناية في عموم المدن الايرلندية.
"واترفورد" كانت على الدوام وعبر التاريخ، بوابة هامة في الجزيرة، وتميزت عن غيرها من ثغور البلاد بمجموعة من المميزات جعلتها تتصدر قائمة المدن المحببة للايرلنديين وربما بعض الأوروبيين كذلك، ففيها يتمثل البحر بكل معطياته الإقتصادية والجمالية والسياحية، وقد استثمره الايرلنديون منذ أقدم الأزمان استثماراً وافراً في جميع المجالات.
والآن يعتبر البحر مصدراً هاماً، حيث يدر على البلاد ملايين الدولارات سنوياً، لما يقدمه من صناعة متطورة في مجالات السياحة عموماً، أما الجانب الآخر الذي يضع مدينة واترفورد في مصاف المدن المزدهرة، فهو مجال الاستثمار في قطاعات الخدمات المختلفة التي تندمج في بعض فروعها بقطاع السياحة والفندقة، فضلاً عن التجارة حيث تستخدم هبة البحر في تسيير السفن التجارية من هذه المدينة العريقة وإليها.
كانت واترفورد تنتمي إلى التاج البريطاني منذ سقوطها بيد الجيوش الانجليزية وإلى فترة تاريخية طويلة، ربما حتى الفترة التي تركها القائد الانجليزي المعروف كرومويل العام 1650، وخلال تلك المراحل شهدت ازدهاراً كبيراً في مرافق الحياة المختلفة، ولكن أثناء الفترة التي ثارت فيها لندن ضد بابا روما، ربما تراجعت مكانة المدينة، وقد أثر فيها كثيراً اجتياح جيش كرومويل الذي ارتكب مذابح هائلة من أجل ربط المدينة بالتاج الانجليزي.
ومنذ القرن السابع عشر غيرت المدينة ملامحها من جديد، منذ انطلقت حملة معمارية هائلة، فظهرت المباني الحديثة في حينها، وشيدت الأبراج واعيد تعمير الكنائس والبيوت التاريخية والأثرية.