ohazmi
20-08-2022 - 02:45 pm
تحت سطح مدينة بيرتو برينسيسا في غرب الفلبين، يجري أحد أطول أنهار الأنفاق في العالم·
لزيارة هذا المكان العجيب، يركب الزوار قاربا خشبيا تتوزع على سطحه بضعة مقاعد، ويقوده ربان يعمل في الوقت نفسه مرشدا سياحيا· من المرشدين شاب يدعى روبين مورينو، وهو يجد متعة كبيرة في ممارسة عمله· وأثناء الجولة السياحية يسأل ركاب القارب: 'هل رأيتم شيئا؟'
أما السر في سؤاله فهو أن الظلام الدامس يلف الكهف، علاوة على صمت مطبق يقطعه صوت مورينو الذي يطلب من أحد السياح تسليط ضوء الفانوس على منطقة معينة، فتظهر إحدى اللوحات الفنية الطبيعية، وهي تمثل واحدة من المفاجآت العديدة التي تظهر أمام الزائر خلال جولة تستغرق 45 دقيقة على طول النهر الموجود تحت الأرض· يمثل النهر مركز الجذب الرئيسي لحديقة وطنية تحمل اسم مدينة بيرتو برينسيسا، وهي عاصمة إقليم بالاوان الذي يبعد مسافة 600 كيلومتر عن العاصمة الفلبينية مانيلا· وقد أصبحت المنطقة في عام 1999 جزءا من التراث العالمي·
يجري النهر لمسافة 8,5 كيلومتر تحت قمم جيرية ورخامية تشكل امتداد جبل سانت بول، ومن صفاته العجيبة أنه يصب مباشرة في بحر جنوب الصين· ما إن يدخل السياح للكهف الذي يحتضن النهر حتى تحييهم عند كل التفاف كهوف صغيرة وقباب رائعة· تتدلى رواسب كلسية من الأسقف، بينما تتصاعد رواسب كلسية أخرى من تحت المياه الهادئة عاكسة ألوانا من الأصفر والبني المحمر·
تشبه الرواسب الكلسية المتدلية والصاعدة من تحت الماء تشكيلات من الفاكهة والخضار والحيوانات، وهناك رسوم واشكال شبيهة بوجوه رجال ونساء، وكل ما يمكن أن يصل إليه خيال الزائر من صور· وتعيش داخل الكهوف آلاف من الخفافيش، لكنها غالبا ما تكون نائمة أثناء الجولات النهارية· قال مورينو للسياح على ظهر القارب: 'أطبقوا أفواهكم عندما تنظرون عاليا، لا أدري إن كانت هذه مياه أو شيئا آخر يقطر من السقف'·
في وسط الجولة، والتي لا يزيد طولها عن 1,5 كيلومتر، نظرا لاخضاع باقي النهر للأبحاث، يصل السياح لغرفة هائلة ذات سقف يبلغ ارتفاعه 65 مترا، ويرتكز على أعمدة شكلتها الطبيعة الساحرة· يقدر الخبراء عمر هذا النهر الجوفي بستة عشر مليون سنة، وقد عرفه سكان المنطقة منذ قديم الزمان، ولم يتم استكشافه تبعا لاعتقادات راسخة بأن أرواحا شريرة تسكن المنطقة·
ويعتقد أن الكهف تشكل بفعل مياه جوفية عملت نتيجة عمليات مد كبيرة على تذويب الأحجار الكلسية في الجبل، وأدت عبر تحولات جيولوجية قديمة لتشكيل لوحات فنية عجيبة· وحتى هذا اليوم، ما زال متحف الفنون الطبيعية المعروض على الجدران المحيطة بالنهر الجوفي، يخضع لتغيير مستمر·
تلتصق تسريبات مائية من أشكال وأحجام واتجاهات متنوعة على جدران الكهف مولدة أشكالا ولوحات وكتابات مدهشة، بينما تتشكل من حولها رواسب كلسية·
تقع نقطة الانطلاق لزيارة النهر عند منطقة سابانج، وهي تبعد مسافة 81 كيلومترا شمال مدينة بيرتو برينسيسا، حيث لا بد من الإقامة لمدة ليلة، على الأقل، داخل كوخ بدائي من أجل الاستمتاع بشواطئها الرملية الناعمة، وغاباتها الكثيفة ولحظات الغروب الرائعة فيها· عند الانطلاق من سابانج، يسير القارب لمسافة قصيرة على طول شاطئها الجميل قبل الوصول لمدخل النهر الجوفي·