- ليالى نجد مامثلك ليالي
- غلاك اول وزاد الحب غالي
- أهيم مع رقصة سحابة إلى ثار
- وان هبت النسمة وغرد لها الطير
نسيم نجد يقول لكم :مرحباً ألف ...و قد أتيتكم من أبها بصور خير من ألف ألف حرف
في الأسابيع الماضية نلت حظي من البلاد الأوروبية عبر جولة في أطراف الجزيرة الأيرلندية , فكانت رحلة ممتعة بكل ما تعنيه الكلمة , فلقد متعت الناظر بالجميل من المناظر , و أجمل من ذلك أن ارتعشت أطرافي من شديد البرد و ذلك بعد الحر لأليم الذي نزل علينا في هذا البلد . ففي أيرلندا صيفهم شتاء , وشتاؤهم جليد , ومطرهم كسقاء أنشق من السماء . فمع تلك الأجواء أحسست بتغيير كامل عبر تلك الرحلة الأوروبية . بل لقد أخرجت آخر المخزون من الحر و السموم . فكانت كل قطرة من زخات المطر لمتساقطة تمسح أثر أيام من اللفحات الحارة , و مع ذلك الجو الرائع في تلك البلاد فإن لهيب أجواء بلادي كانت تحوم و تحلق حولي فهي لم تنفك عن ذهني , فمن تلظى بلهيبها فهل ينسى شديد عقابها و أليم سياطها . فهي تريد أن تذكرني عبر مخزون صورها المحفورة بذهني أني راجع لا محالة و أن الموعد ساحة المعركة .بل لقد كانت تصل ألسنة لهيبها إلى أطراف جسمي عند محادثة أهلي فكأنها تريد أن تتحرش بي فتلبسني دفئاً مضاعفاً مع كلمات الأحباب في أرض الخلان و الأصحاب .
في أيرلندا تنفست بعمق من كل هواء نقي رطب فسرت بجسمي نسمات ندية حتى وصلت إلى كل عرق و أسقته من قطراتها الزكية , بل حتى أحسست أنني لم أبقي أي جزيء من الأكسجين الصافي الذي يختزنه الهواء لأهل تلك الديار .
فلما حانت ساعة الصفر وكان موعد العودة زهدت بكل جميل من تلك الديار الساحرة . و أصدقكم القول فلقد بدأت أعد اللحظات للعودة إلى ارض الوطن....و لقد عدت إلى بلادي و الشوق كبير و الحب عظيم . فكحلت العين من رمال نجد , و ملأت القلب من دفء نجد , و عانقت رذاذ الغبار فصار على جسمي ألطف من رذاذ الأمطار ,وعشت ليال و أيام أنعم بنعيم هذه الجنة القاحلة , وكنت أتغنى بقول الأمير الشاعر :
ليالى نجد مامثلك ليالي
غلاك اول وزاد الحب غالي
وبعد مضي بضعة أيام ذهبت السكرة , و بقيت الفكرة , و خنقتني العبرة , و ذرفت الدمعة , فبعد أن تقلبت في شمس نجد الحارقة تبخرت النسمات الماضية , و ذقت من لهيبها حتى كدت أن أنسى أسمي الرباعي بل و عدد أصابعي , بل اشد من ذلك فقد كدت أن أقول ما رأيت خيراً قط , فلم تبقي لي شمس نجد الشهيرة أي صورة أو مشهد من بلاد الأيرلند , بل من سوء حظي أني نزلت في وقت استواء التمور و الذي يسمى " طباخ اللون " فطبخ التمر و حول الجو من حولنا إلى جمر , فتقلبنا على لهيبه أيام و نلنا من سمومه أيام . حتى صعبت حالتي على الأعداء , وصرت بحال كنصف استواء من الشواء . فقلت لنفسي أين المفر من هذا الحر , فلا حل إلا أن أبحث عن مأوى قريب لا يفرق بيني و بين الحبيب . فكرت....ثم فكرت ....فقلت لنفسي لقد أحل لنا في السنة أجازة واحدة لنختار أي وجهة خارجية وذلك بعد التصريح من قبل وزارة الداخلية - حرمنا المصون - , و رحلتان داخليتان أحدهما للعمرة في شهر الصيام و الأخرى رحلة للترفيه عن الصبيان . فأخذت ابحث عن مكان تنطبق عليه الشروط ويخفف هذا الضيق , فمر شريط المناطق و المدن و القرى السعودية في مخيلتي كما يدور القوقل أيرث عبر شاشتي , و كل مدينة أو قرية تتبختر على أختها بشدة حرها و لظى أجوائها إلا منطقة واحدة تقع في الجنوب الغربي من بلادي , نظرت إليها تأملتها , ثم نظرت إلى محفظتي و تأملتها , ثم نظرت إلى عائلتي و تأملتهم , و نظرت إلى الشمس التي تطل علي من النافذة فلم أستطع تأملها من شدةحرها . فكان القرار السريع وهو المبادرة بالرحيل , فعزمت أن أذهب لتلك المنطقة و التي تجعل بيني وبين الشمس غمام , و ترسل على جسمي بضع قطرات من الرذاذ . فرحلنا إلى أبها....فلا أبهى من أبها و لا عسير في عسير.... حلقت بنا الطائرة ونحن نردد ....
قالوا تسافر ؟ قلت مليت الأسفار
لأهل السفر غاية وأنا غايتي غير
قالوا تصيف ؟ قلت في دار الأخيار
مصيفي أبها منزل العز والخير
أهيم مع رقصة سحابة إلى ثار
وان هبت النسمة وغرد لها الطير
فكأني بتردادي هذه الأبيات أوجه التأنيب إلى نفسي و أكفر عن الذنب الذي أحسه كلما رأت عيني مثل هذه القصيدة , و التي تظهر لي وكأن الأمير الشاعر خالد الفيصل يعنيني بهذه الأبيات , و كأنه يرمي الكلمات ليصيب قلب فتى قد أبتعد كثيراً عن مصايف بلده فأحذ يتجول في كل أرض و يصف كل بلد إلا موطنه وبلده الذي نشأ في عزه . فهذا التقرير هوقربان تكفير...فتقبلوه ....
أهلاً و سهلاً بكم في رحلتي و أقول لكم : مرحباً ألف في رحلتي المصورة في منطقة الجنوب...و التي سوف أنقلها لكم عبر صور متنوعة للقطات مميزة من جبال عسير....
الزهور و الأشجار و الثمار
الدور و القصور بين الحديث و القديم
المرتفعات و السدود و السحاب
القرى و المدن
المتعة و الترفيه
الشباب و المغامرة
الطيور و القرود والماعز
تابعونا في حلقاتنا المصورة ...