تخلى ميدان «الطرف الاغر» احد اهم المعالم المعمارية في قلب لندن، عن ذكرياته التاريخية وتحول الى بقعة خضراء ارتادها عدد ضخم من السياح على مدى يومين متتاليين، ووضعت فيه المقاعد الخشبية المطلية باللون الاحمر لتقدم أكبر قدر من الراحة والاسترخاء للزوار، وانتشرت محلات لبيع السلال المصنعة من القش تحتوي على ادوات بلاستيكية ومأكولات صحية تناولها الزوار على طريقة النزهة على العشب الاخضر الذي قام منظمو «زوروا لندن» Visit Londonالسياحية، وشركة «كيك»Cake للعلاقات العامة بتغطية الميدان ذي الارضية الصخرية به، وتم استحضار العشب من حدائق واقعة في منطقة يورك بالريف الانجليزي، وتم نشره على مساحة ألفي قدم مربع بهدف تحويل مدينة لندن الى مكان أشبه بالقرية تحت شعار «لندن قرية» أو Village London، فتحولت الساحة بالفعل الى حديقة خضراء شاسعة تحت نظرة صارمة من تمثال القائد البحري الشهير هوراتيو نيلسون الذي يبدو وكأنه يراقب سفن أسطوله الموجودة على الطريق المؤدي الى قصر باكينغهام.
وساعد الطقس الدافئ الجميل على إنجاح هذا المشروع الفريد والاول من نوعه، وساد الميدان جو من المرح زاده راحة وجود أخصائيين بالعلاج الصيني المعروف باسم «تاي شي» قاموا بتقديم هذا النوع من العلاج على الزوار الباحثين عن الشعور بالاسترخاء.
وتقول مسؤولة العلاقة العامة في «زوروا لندن» هانا كولينغبورن إنها المرة الاولى التي يتحول فيها الميدان الى حديقة بعد أن تخلص قبل بضع سنوات من مشكلة تكاثر الحمام فيه بعد أن أصدر عمدة لندن قرارا يمنع بموجبه السياح والزوار على حد سواء من إطعامه.
وأضافت كولينغبورن ان هناك مطالبة بإعادة الكرة من جديد من خلال القيام بالمشروع من جديد لانه استقطب أعدادا هائلة من السياح، كما قام فندق «ترافالغر سكوير» ببيع سلال المأكولات الصحية، فأصبحت الساحة أشبه بالريف الانجليزي، وساعدت أشعة الشمس أيضا في إنجاح المشروع الذي استقطب الزوار من جميع الفئات العمرية وكل فئات المجتمع. فالهدف من الفكرة هو إضافة روح الريف الى المدن المقتظة بالسكان لنشر شعور جديد لا يعرفه بعض سكان المدن.
وبعد انتهاء الحدث، سيتم نقل العشب الاخضر الى حديقة «بيشوبس» في منطقة هاميرسميث الواقعة في الجهة الغربية من لندن، على أن يتم زرعه في مكان قريب من نهر التيمز وقصر فولهام.
واختتمت كولينغبورن قائلة، إن العمل يتم حاليا بالوساطة مع عدد من المشاهير البريطانيين لدعم حملة «غلوبال كول» للحفاظ على البيئة والتخلص من السموم التي تلعب دورا رئيسيا في تغيير المناخ في العالم، وبالفعل جرى تغيير كبير في منطقة «الطرف الاغر» حيث تم حظر مرور السيارات من خلف الساحة وتم تحويل السير الى جهتين فقط، وأصبحت الساحة للمشاة فقط.
يشار الى ان ميدان «الطرف الاغر» وقف شاهدا على معركة بحرية كبرى اسفرت عن انتصار كبير للأسطول البريطاني بقيادة الأميرال العظيم هوراشيو نيلسون على قوة بحرية فرنسية إسبانية مشتركة أكثر سفناً وعديداً يوم 21 أكتوبر (تشرين الأول) من عام 1805. وتشكل زاويتها الجنوبية الشرقية عندما يعرف ب«تشارينغ كروس» نقطة مركز لندن. وقد خلّد البريطانيون هذا الانتصار بأن أطلقوا اسم المعركة على هذه الساحة الفسيحة الجميلة التصميم والمحاطة بمبان أضحت كلها تقريباً من أشهر المعالم السياحية والمعمارية في بريطانيا واوروبا. ولكن لا شك في أن المعلم الأهم والأشهر هو «عمود نيلسون» الذي يعلوه تمثال للقائد الذي توفي في اللحظات الأخيرة من انتصاره التاريخي المدوّي. وأما «عمود نيلسون» الذي يتوسط الساحة تحف به نوافير المياه، فصممه مهندس معماري شهير ثالث هو السير إدوين لاتشنز عام 1939، بينما ترك أمر نحت الأسود البرونزية الأربعة الضخمة التي تحرسه للنحات السير إدوين لاندسير. وثمة ناحيتان طريفتان تتعلقان بالعمود والأسود. الأولى أنه يقال إن البرونز الذي صنعت منه الأسود واللوحات المنحوتة على قاعدة العمود صنعت من المعدن المسيّل من المدافع والدانات الفرنسية في تلك المعركة، والثانية أن لاندسير عندما باشر نحت أقدام الأسود اعتمد على شكل أقدام كلب لأنه لم يسبق له أن رأى أقدام أسد.
منقول
جريدة الشرق الأوسط العدد 10406
يوم السبت 26/5/2007 صفحة 26
مع خالص تحياتي