الودعانى
17-06-2022 - 04:32 am
مقالة للدكتور سعد الأحمد فى جريدة الاقتصادية لافظ فوه اتمنى ان تجد آذان صاغية
طالب مجلس الشورى في جلسة الأسبوع الماضي الخطوط السعودية بإعادة رحلاتها الداخلية التي كانت قد تخلت عنها بأمر من هيئة الطيران المدني. وهذه خطوة تحسب لمجلس الشورى الذي يمثل السلطة التشريعية في المملكة والدعامة الثالثة التي ترتكز عليها بأمن واستقرار منصة الوطن مع السلطة التنفيذية والسلطة القضائية. وكانت خدمات النقل الجوي الداخلي قد تردت في الآونة الأخيرة بعد أن أجبرت الخطوط السعودية على التخلي عن أغلب الرحلات الجوية المنطلقة من مطاري الملك خالد الدولي بالرياض ومطار الملك فهد الدولي بالدمام. وتتحمل هيئة الطيران المدني المسؤولية الكاملة عن تردي النقل الجوي الداخلي، حيث لم يشاهد المسافر أي ردة فعل لصيحات المعاناة من التطبيق المفاجئ للخطوط الرخيصة ولوائحها التي لا تناسب ثقافة المستهلك السعودي في هذه المرحلة. فمنظر المسافرين في المطارات البعيدة كحائل والقيصومة كان يدعو للشفقة وخاصة المرضى منهم، حيث لا حول لهم ولا قوة أمام مقدم الخدمة الذي يستطيع تغيير جدول إقلاع الرحلات أو حتى إلغائها. كما له الحق في استخدام نوع الطائرات التي تربحه وإن كانت طائرات مروحية اختفت من مطاراتنا قبل عقود من الزمن. وتتحمل هيئة الطيران المدني وحدها الحالة السيئة التي وصلت لها صناعة النقل الجوي في المملكة، وتكبيل المستثمر السعودي المتطلع إلى الاستثمار في النقل الجوي، ليجبر على الرحيل إلى الدول المجاورة كالبحرين ودبي ومصر. وهناك العديد من الشواهد التي تدل على سوء إدارة صناعة النقل الجوي في المملكة منها الحال المتردية التي وصل لها مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة بالرغم من مساحته الضخمة إذا ما قورن بمطار مثل دبي الدولي الذي يعاني صغر المساحة مع نجاح باهر في التصميم المميز والتطوير المستمر بتكاليف معقولة ووصوله إلى 30 مليون مسافر في السنة وذلك يشكل ما يقرب من ثلاثة أضعاف الحجم التشغيلي لمطار جدة. بينما بقي مطار جدة يراوح في التكاليف الباهظة للتصميم الأولي دون رؤية محددة لمراحل المشروع المستقبلية. شاهد آخر لتردي صناعة النقل الجوي في المملكة هو الشحن الجوي، حيث تعاني الصناعات السعودية تردي النقل الجوي ولجوئها إلى مطارات الإمارات العربية في تصدير واستيراد العديد من البضائع، بينما تضع هيئة الطيران المدني العراقيل أمام المستثمرين الراغبين في إقامة خطوط جوية خاصة بالشحن تتكامل مع النمو الكبير في الاقتصاد السعودي الحديث الذي من دعائمه صناعة الصادرات. أتمنى من المختصين في النقل في مجلس الشورى أن يقارنوا بين حجم الشحن الجوي للسنة الماضية من مطار دبي الدولي مقارنة بحجم الشحن الجوي من مطاراتنا الدولية الثلاثة مجتمعة، ليدركوا واقع الحال، وليتكون لديهم مقياس كمي محسوس. فمطار الملك فهد الدولي بالدمام الذي استثمرت الدولة فيه البلايين من الريالات لا يزال يعاني قلة المسافرين بعد أن نجح مطار البحرين من خلال الإدارة المرنة في استقطاب نسبة كبيرة من الحصة السعودية في المنطقة الشرقية. بينما يملك مطار الملك فهد بنية تحتية هائلة، ويسيل عليه لعاب الكثير من المستثمرين لإقامة قرية للشحن الجوي، وقاعدة خطوط جوية خاصة بالشحن ولاسيما أن المنطقة الشرقية تضم العديد من صناعات النفط والغاز ومشتقاتها. وكان الكاتب قد قام بدراسات لفرص الاستثمار في صناعة النقل الجوي تحت مظلة الهيئة العامة للاستثمار، وكانت قرية الشحن الجوي من أهم الفرص التي طالبنا بسرعة إطلاقها بشفافية دون انتقائية أمام القطاع الخاص القادر على تنفيذ منتجات عالية الجودة، وذات تنافسية تمكن من حماية الأصول الوطنية من التسرب للمنافسين الأجدر خارج الحدود. ويذكر أغلبنا الزمن الجميل عندما كان مطار الظهران الدولي همزة الوصل في عالم الطيران بين الشرق والغرب، وكان المطار الأشهر عالميا في منتصف العالم.