- الموقع الجغرافي
- 0كم جنوب غرب العاصمة تونس
- تمسح الولاية 3900 كم مربع
- زغوان: مدينة «ماء السبيل»
- ماء السبيل
- مدينة النسري
- مسكن النسور
- معبد الماء: من هنا تشرب تونس منذ 18 قرنا
الموقع الجغرافي
زغوان مركز ولاية زغوان هي واحدة من أهم المدن التونسية اكتسبت شهرتها بمياهها العذبة وطبيعتها الخلابة وقد تعاقبت عليها العديد من الحضارات كالحضارة الرومانية والحضارة الإسلامية وصولا إلى احتضان المهاجرين الأندلسيين .
و تقع مدينة زغوان شمال شرقي البلاد التونسية على بعد قرابة 60 كيلو مترا من العاصمة وقد أطلق عليها الرومان اسم : " زيكا " لإرتباطها بجبل زغوان الذي تنضب منه العديد من عيون المياه الطبيعية .
ويحد زغوان:شمالا :ولاية بن عروس .
شرقا :ولاية نابل
غربا :ولاية سليانة
جنوبا :ولاية سوس
أهم المنتوجات الزراعية بالمنطقة هي:الحبوب: 5,42% من الإنتاج الوطني
اللحوم الحمراء: 3,2% من الإنتاج الوطني
اللحوم البيضاء: 3% من الإنتاج الوطني
الحليب: 2,4% من الإنتاج الوطني
زيت الزيتون: 2,5% من الإنتاج الوطني
الفواكه: 0,63% من الإنتاج الوطني
أهم المنتوجات المصدرة هي:النسيج
المنتجات الميكانيكية الكهربائية والإلكترونية
زيت الزيتون
الاسمنت
صناعات الخشب
0كم جنوب غرب العاصمة تونس
تمسح الولاية 3900 كم مربع
مدينة زغوان وغاباتها الخلابة ، زيارة معبد المياه الذي أسس في عهد الفينيقيين ، ثم الرومان والذي تمتدد قنواته إلى مدينة قرطاج الأثرية . تلك المدينة الجاثية تحت الجبل وكأنّه انتصب حارسا عليها ، يصدّ عنها الأعداء ويشدّ السّحب لتسقي نباتها .
تشتمل زغوان على مجموعة من الخرائب الرومانية و هي تقع جنوب الحمامات اين تقع مقبرة رومانية ضخمة تدعى قصر المنارة .بالقرب منها يوجد جسر روماني مازال قويا و مستعملا ثم يتجه الطريق شمال غرب الى زغوان وسط سهول خصبة و مزروعة .وبعد ذالك نجد قلعة بيزنطية و معبد روماني.و زغوان مدينة جميلة و صغيرة في اسفل جبل زغوان المشهور بينابيعه و تقطع الطريق اثار رومانية اخرى و منها قنوات المياه الرومانية التي مازالت تستعمل لجر المياة من زغوان الى مدينة تونس على مسافة 60 كم .ثم نتابع اتجاهنا مارين ببعض ينابيع المياه الدافئة المفيدة للروماتيزم.
و تقع الخرائب الرومانية هذه على بعد 70 كم الى الجنوب الغربي من تونس و هي المستعمرة التي تم انشاؤها زمن اغسطس سنة 27 قبل الميلاد.و قد كان فيها معالم و منازل جميلة و الحفريات مستمرة لكن على نطاق محدود.
زغوان: مدينة «ماء السبيل»
تبدو مدينة زغوان فريدة من نوعها بين المدن التونسية: من بعيد حالمة وسط غابات الصنوبر والعرعار وبساتين الغلال في حضن جبلها المهيب الذي تلف الغيوم قممه. بين بيوتها تنتشر بساتين الغلال وزهور النسري التي حملت اسم البلدة وطعم حلوياتها الشهيرة عبر الآفاق. لكن من أين ندخل مدينة زغوان؟
لا تبعد المدينة عن العاصمة سوى 60 كلم، غير أني اخترت منذ أن بلغت وادي مليان أن أقف طويلا عند بقايا الحنايا الرومانية الضخمة، ثم أن أدخل البلدة من طريق الماء عبر الحنايا الرومانية أو الأجزاء التي ما تزال صامدة منها بعد مرور أكثر من 18 قرنا من الأحداث. تنقطع آثار الحنايا في أماكن كثيرة لتصبح قنوات حديثة تحت الأرض، حتى نصل إلى المقرن التي سماها العرب كذلك لاقتران قنوات المياه بها، حيث نكتشف أن الماء لا يأتي من معبد المياه الشهير عند جبل زغوان فحسب، بل كذلك من «عين بوسعدية» في جبل برقو ومن «عين بنت سعيدان» في الجقار.
ورغم التقدم الكبير في التصرف في مياه الشرب وإشراف مهندسين مختصين عليها فإن أجزاء هامة من القنوات الرومانية القديمة ما تزال مستغلة ضمن الشبكة فيما ما يزال جانب آخر منها مجهولا تحت الأرض.
بعد ذلك، كشف لنا السيد محمد التيويري وهو مختص في استكشاف المغاور والكهوف أنه وزملاءه سبروا أغوار عدة آبار رومانية قديمة تفتح على مجاري على عمق قرابة عشرين مترا تحت سطح الأرض، حيث بحثوا طويلا عن مصادر غير معروفة للماء دون جدوى بسبب تراكم الحجارة والأتربة في تلك المجاري منذ مئات السنين.
وفي الأثناء نستمر في استطلاع مصدر الماء حتى المعبد الروماني الشهير، غير أن السيد عزوز خليفة وهو من قدماء البلدة له من العمر حوالي 80 عاما يقول لي: أصل الماء في زغوان من عين ولي اسمه «سيدي عياد».
لئن تشير الدراسات التاريخية إلى أن جبل زغوان اقترن بالماء منذ عرفته البشرية وخصوصا في «رأس العين» حيث معبد الماء الروماني، فإن سكان زغوان يحبون أن ينسبوا أصل بلدتهم إلى رجل صالح يسمونه «سيدي عياد» كان أول من سكن سفح الجبل، حيث كان من كراماته أن ظهرت له عين ماء سميت باسمه وبنى حولها بيتا سريعا ما أصبح نواة لعدة أحياء ومنها توسعت البلدة وتكاثرت بساتينها لأن الماء كان يجري مجانا.
وحتى الفترة التي سبقت الاستعمار، كان سكان زغوان يحافظون على نظام فريد لتوزيع الماء في قنوات وحنايا محلية في المدينة تمدهم بالماء مقابل سعر رمزي يسمى «التبنة» وهي وحدة قياس للماء تمنح حسب حاجة الدار تحت إشراف أمين الماء الذي كان مثل أمين الشواشين والصباغين وغيرهم، له دراية كبيرة باحتياجات السكان والبساتين. كان آخر أمين ماء هو محمد كحيل الجرادي الذي ظل يمسك دفترا لتدوين نشاطه حتى عام 1888 عندما قررت فرنسا انتزاع التصرف في مياه عياد من سكان البلدة وتكليف الشركة الفرنسية بذلك.
لكن فرنسا لم تقدر على انتزاع تقاليد أهل البلدة في التزود بالماء على طريقتهم وأقرت نظام التبنة الذي كان يسمح لهم بدفع مبلغ وحيد من المال مرة واحدة مقابل الحصول على تبنة أو نصفها أو ضعفها حسب الحاجة مع حرمان أصحاب البيوت الجديدة من ذلك وهو النظام الذي ما يزال ساريا إلى اليوم عندما صدر القرار عدد 150 المؤرخ يوم 3 أفريل 1961 يثبت الحقوق التاريخية لما يقارب 188 بيتا من سكان البلدة في نظام «التبنة
ماء السبيل
لا أحد يصاب بالعطش في مدينة زغوان خصوصا في البلدة العتيقة، حيث ما يزال الماء يتدفق في ينابيع السبيل المزينة بالجليز الملون والقرميد الأخضر المورثين من تقاليد الأندلسيين والتي تعلوها عبارة هذا ماء صالح للشراب.
أشهر مياه السبيل في مدينة زغوان هي التي عند مقام الولي سيدي علي عزوز في النهج الذي يحمل اسمه، ويقول لنا السيد خليفة عزوز إن المدينة كانت تعد ما لا يقل عن 50 نبعا للسبيل يتزود منها المارة أو الذين كانوا لا يملكون الماء في بيوتهم. وقد تبارى أهل البلدة تاريخيا في بناء مياه السبيل ثم ترميمها وكان آخرها الذي تم ترميمه في إطار مهرجان النسري.
أما اليوم فلم يبق بالبلدة سوى خمسة ينابيع للسبيل، منها الذي تم ترميمه في إطار مهرجان النسري وهو في وسط المدينة العتيقة، فيما عاينا نبعا مهملا عند مكان المستشفى القديم لم يبق منه سوى هيكله وقد انقطع الماء عنه وعلاه الغبار والأوساخ. ويقول قدماء البلدة إن ماء ذلك السبيل قد جعل للترفيه عن النساء الحوامل اللاتي يترددن على المستشفى وكانت تحيط به الزهور والمناظر الطبيعية الخلابة.
مدينة النسري
لا تمنح مدينة زغوان رائحة زهرتها الشهيرة النسري للعابرين بسهولة، لكن يمكنك أن تشتري في المدينة العتيقة ماء النسري مقطرا مقابل 20 دينارا للتر إذا أحسنت الحديث مع الباعة المختصين. قال لي السيد عزوز خليفة: لكي تشم رائحة النسري يجب أن تقوم عندما تتفتح زهوره عند الرابعة صباحا.
كان الأندلسيون هم الذين جلبوا زهور النسري وتقاليد أخرى كثيرة للزراعة إلى زغوان منذ أربعة قرون هاربين من جور المسيحية بعد سقوط الأندلس. وسريعا ما أنتج ماء زغوان الشهير الذي يباركه الوليان سيدي عياد وسيدي عزوز كما يقول أهل زغوان أصنافا جديدة من النسري اشتهرت بجودة رائحتها خصوصا عندما يتم تقطير زهورها لصنع حلويات تجاوزت شهرتها البلاد التونسية مثل كعك الورقة.
وفي الأصل، يزرع أهل زغوان النسري لتسييج حدائقهم اعتمادا على أشواكها الحادة، بيد أن الحصول على زهور قابلة للتقطير يتطلب معرفة كبيرة بطرق زراعتها، كما أن جنيها يتطلب دراية كبيرة حتى أنه يتم فجرا قبل أن ترتفع درجة الحرارة ولذلك تملك نساء زغوان المتخصصات في تقطير النسري خبرة كبيرة لتبين أنواع الزهور ومصادرها للحصول على نوعية عالية منها يتم تقطيرها في نفس اليوم وفق تقنيات لم تتغير منذ قرون. ويتم تقطير زهور النسري بتغليتها في الماء على نار الفحم ثم تعريض البخار للماء البارد لينساب في إناء جاف لأن وجود قطرة ماء واحدة في ذلك الإناء تؤدي إلى فساده فيصبح لونه مسودا. ويستعمل أهل زغوان ماء النسري لصنع مشروبات محلاة بالسكر وعدة أصناف من الحلويات
مسكن النسور
أينما سرت في زغوان، تحس جبلها حاضرا، ليس في تضاريسها المتعرجة صعودا فقط، بل في عظمته وهو يرفع قمته إلى علو 1295 مترا. تظل قممه العديدة ملتفة بالغيوم الصباحية مهما كان الطقس حتى ترتفع الشمس، حيث «مسكن النسور» و»مقام سيدي بوقبرين» و»خلوة السيدة المنوبية» التي كانت تأتيها من تونس للتعبد و»بئر سيدي بلحسن» التي يقال إن طلبته كانوا يشربون منها. قمم تغري بالمغامرة وتسلق تلك القمم واستكشاف مغاراتها كما سنرى في العدد القادم.
معبد الماء: من هنا تشرب تونس منذ 18 قرنا
ربما بلغ حب الرومان للماء حد عبادته وإقامة هذا المعبد الكبير في حضن الجبل المهيب، أما في العصر الحديث فقد تحول هذا المعبد الذي لا يزال يقوم بمهمته في تأمين الماء لتونس إلى منتزه رائع.
على طريق تظللها الأشجار والبساتين دائمة الخضرة، يذهب سكان زغوان إلى معبد المياه للتنزه والتطلع على ذلك المكان الغارق في خشوع الصمت إلى حقول الزياتين وبساتين السقوي التي تمتد غربا على مدى البصر حتى سفوح بئر مشارقة.
كان سائق سيارة أجرة قد قال لي في وسط مدينة زغوان وهو يشير إلى الطريق المتعرجة نحو الجبل: إذا كنت مغرما بالطبيعة، فالأفضل أن تذهب على قدميك، سوف أخسر أنا دينارين، فيما ستربح أنت صحتك والكثير من المتعة في تأمل الطبيعة، لن تندم.
وفعلا، يبدو المكان ساحرا في صمته الذي لا تقطعه سوى أصوات العمال في ورشة ترميم المعبد، أما المسالك المتجهة نحو الغابات والتلال المجاورة فهي مفتوحة لا يمنع الزائرين منها سوى التردد أمام مشاق تسلق هذا الجبل المهيب.
لقد أقام الرومان كثيرا من معابد الماء حول زغوان، لكن أفضلها وأكثرها تعبيرا عن تقديرهم للماء هو الواقع في حضن جبل زغوان، بشكله نصف الدائري. يعتقد الكثير من الخبراء أن المعبد كان يضم اثني عشر تمثالا وثنيا من تماثيل آلهة متعددة تنتمي إلى حضارات مختلفة. ويقوم المعبد حول عين اختفت اليوم تحت الأشغال الحديثة للتصرف في الماء لكنها ما تزال تحمل اسمها القديم رأس العين إنما محمية اليوم بغطاء بلوري سميك. من هذه العين ظلت تونس تشرب ماء زغوان الشهير منذ أكثر من 18 قرنا قال لي شاب كان يزور المكان ثم أضاف: أما نحن سكان زغوان فإننا نشرب من مياه عين عياد.
ويتفق المؤرخون على أن رأس العين لم تجف في تاريخها أبدا منذ عرفتها البشرية رغم ارتفاع مكانها في الجبل الذي تنبع منه عدة عيون ماء أشهرها عين سيدي بو قبرين على ارتفاع حوالي 700 متر عن سطح الأرض.
وما تزال الحفريات والأشغال مستمرة للكشف عن المزيد من أسرار هذا المعبد الفريد فيما تم تحويل المكان كله إلى منتزه عمومي بقرار رئاسي.
عند وادي مليان، أقف بإعجاب إزاء عظمة ما بقي من الحنايا الرومانية، على علو يفوق 15 مترا حيث يمكننا أن نستحضر عذابات العبيد الذين رفعوا تلك الحجارة الضخمة إلى ذلك العلو الشاهق بقوة الجسد لا غير، حتى يتمتع أغنياء روما بالماء العذب بعد أن خربوا قرطاج، يا للعبث!
إن الرحالة ابن أبي دينار الذي طاف العالم قد كتب أن الحنايا الرومانية من زغوان الى قرطاج هي أهرامات تونس إعجابا بهندستها ودورها الكبير في ضمان الماء لمدينتي تونس وقرطاج.
أما في العصر الحديث، فسوف يكشف لنا المهندسون بوسائلهم المعقدة والتي تتقن حساب الانحناءات الهندسية أن بنائي ذلك العصر الذين لم يعرفوا الحواسيب، قد حققوا إنجازا يمكن تسميته بالمعجزة الهندسية: انحناء مدروس مستمر من جبل زغوان حتى قرطاج بدرجة ميلان قدرها صفر فاصل تسع وعشرين درجة لكي يستمر الماء في التدفق لكن دون بلوغ درجة السيل العنيف حتى لا يضيع على الطريق.
يقول المؤرخون إن الرومان بعد أن خربوا قرطاج، عانوا طيلة خمسة أعوام من جفاف مدمر (123 128) ميلادي واستنفذوا كل المياه التي كانوا يجمعونها في خزانات حجرية. وفي تلك الفترة زار الإمبراطور الروماني الشهير أدريان قرطاج تحت وابل من المطر المفاجئ فأمر ببناء حنايا لجلب الماء من جبل زغوان ومنطقة الجقار غرب الجبل. وهكذا انطلقت أشغال إمبراطورية عملاقة لإنجاز هذا المعلم الفريد الذي يمتد من جهتين متعرجا بين السهول والأودية، الأولى من عين بنت سعيدان في الجقار بمسافة 33 كلم والثانية على مسافة 6 كلم من رأس العين في معبد المياه بزغوان ليلتقيا في المكان الذي سماه العرب فيما بعد «المقرن» لاقتران قناتي الماء فيه بالإضافة إلى قناة أخرى تجلب الماء من عين بوسعدية في جبل برقو.
وفي الجملة يبلغ طول قنوات الماء مسافة 132 كلم أغلبها تحت الأرض حتى تصل إلى الخزانات الرومانية في جهة «المعلقة» بضاحية قرطاج والتي تبلغ طاقتها 25 ألف متر مكعب.
عرف هذا المعلم أحداثا كثيرة في تاريخه، فقد دمرته الحروب الكثيرة المتتالية على البلاد وانقطع عن نقل الماء مرارا حتى تولى الحفصيون ترميمه وتوزيع مائه على مدينة تونس في القرن الثالث عشر ثم طاله الإهمال مرارا لتجف قنواته طيلة عدة قرون. وفي القرن التاسع عشر، أمر الصادق باي بترميمه مع تعويض الحنايا بقنوات من الصلب مدفونة في الأرض وفقا لنصائح خبراء فرنسيين.
أما اليوم، فلم يبق من الحنايا سوى أجزاء متفرقة، وهي موضوع ترميم منذ أعوام. أما شركة استغلال وتوزيع المياه فقد رممت القنوات الرومانية القديمة كما أقامت مع مرور الوقت قنوات حديثة موازية.
يعيشك خويا ويعطيك الصحة على التقرير الأكثر من روعة .