معوذي
25-09-2022 - 10:28 am
طنجة 4/8/1428ه
ما لي وللمغربقلق، وخوف، وشك وريبة.
شوق، ولهفة، وحب، ونار استكشاف حارقة.
تناقض حد الوجع.
ذلكم شعوري ومشاعري أثناء استعدادات السفر.
أربعة أسابيع أو تزيد قضيتها في البحث والقراءة عن تاريخ المغرب، عن مدنه، وأهله، وطبيعة الحياة المغربية على وجه العموم.
كل من علم بمقصدي أبدى امتعاضه، وبذل جهده في النصح والتوجيه أن أغير وجهتي، فالبلدان كثيرة، ووجهات السفر متعددة.
والدتي تلمح بتصريح – ولا أدري كيف اجتمعت – أن ابتعد – يا بني – عن تلك الديار، واجلس إلى أهلك، وأطفالك – خيراً لك وأهدى سبيلاً.
ووالدي بشيء من المرح والدعابة ينتقد فكرتي، ويظن أن الأمر لا يعدو رغبة جامحة، وطيش هاو للسفر، لا غير.
وأما زوجتي فأمرها فوق الوصف، وحالها فوق كل حال؛ فقد انقلبت الأيام العشرة السابقة لسفري إلى مأتم، وحزن، وجزع غريب.
تكالبت تلك الظروف على نفسي، واجتمعت إلى جانب خوفي وقلقي، فكدت ألين، وأعلن انهزامي، وأرفع الراية البيضاء.
مرت الأيام شيئاً فشيئاً بطيئة ثقيلة، كأنما أعد أنفاسها لا ساعاتها.
وأصبحت لفرط جزعي بين أمرين أحلاهما مرٌّ: إما أن أتخلى عن سفري، وهنا سيذهب جهدي وبحثي واطلاعي هباءً منثوراً (في ذات السفر).
وإما أن ألغي إجازتي، وأبقى رهين البيت والأعمال التي لا تنقضي، وحسبك من شر سماعه.
هناك –بالضرورة- خيار ثالث، تتمنع شهيتي أمامه، وتقف نفسي الشموس دونه.
أخذت أعلل النفس بالآمال، وأشغلها بإقناع أهلي ما استطعت إلى ذلك سبيلاً.
دقت ساعة الصفر، وحل يوم الاثنين عابساً، متجهم القسمات.
كنت يومها حزيناً، غاضباً، هائماً في تأمل وتفكير شديد.
أخذت أتفقد أغراضي، وحاجاتي، وأجمع شتات نفسي الحائرة، ولم أزل على هذه الحال.
اسيقظت صباح الثلاثاء خاملاً، مهدود القوى، خائر العزم، وكأني سأسير إلى عزاء، أو سأقاد إلى سجن وعزلة إجبارية.
قربت قهوتي ورفعت كما هي، شهيتي مضطربة، ومعدتي تحاصرني بآلامها.
هربت من حالي إلى المطار، واستسلمت لقدري، وسرت في سفر غريب غريب.
فما لي وللمغرب أيها السادة.