- فهد عامر الأحمدي
هذا مقال للكاتب المبدع فهد الأحمدي في جريدة الرياض وهو من العباقرة والرحالة النادرين يقص الكاتب في هذه السطور تجربه فريده من نوعها انقلها لكم لتستفيدوا منها....
فهد عامر الأحمدي
هناك قاعدة اقتصادية تقول : كلما زادت كمية الإنتاج انخفض سعر السلعة.. فشركات السيارات مثلا قد تخسر ملايين الدولارات على تصميم وانتاج موديل واحد جديد؛ ولكنها تبدأ في جني الأرباح حين تتجاوز مبيعات الجملة رقما معينا - يفوق تكاليف البحث والانتاج - !!
.. وهذه القاعدة الذهبية تظل ناجحة (حتى) فيما يخص السياحة والسفر للخارج ؛ فكلما زاد عدد الدول التي تزورها (ضمن الرحلة الواحدة) انخفضت تكاليف السفر لكل دولة على حدة - لدرجة أنني زرت فنلندا فعلا ب 250 ريالا فقط...
وقبل أن أخبركم كيف (!؟) أشير أولا إلى إمكانية تخفيض مصاريف الرحلات الطويلة بالجمع بين عدة عناصر ذكية.. ولأن هذا المقال يعتمد على تجربة حقيقية؛ استأذنكم في ضرب أمثلة مجربة من جولتي في أوروبا عامي 1999 و2002:
- فالعنصر الأول هو استعمال تذكرة طيران واحدة لزيارة عدة دول متجاورة.. فبدلا من زيارة كل دولة مثلا بتذكرة طيران منفصلة قمت بزيارة دول أوروبا الغربية بتذكرة طيران واحدة (الذهاب والعودة من روما)!
- أما العنصر الثاني فهو شراء تذكرة قطار موحدة صالحة للعمل في جميع الدول.. ففي الرحلتين السابقتين مثلا اشتريت تذكرة قطار شاملة تدعى «يوروباس» تستعمل خلال شهرين في دول أوروبا الغربية (ناهيك عن امكانية زيارة كل هذه الدول بتأشيرة واحدة)..
- وحين تصل إلى البلد ذاته يمكنك شراء بطاقة مواصلات داخلية (تخصص للسياح غالبا) تسمح باستعمال وسائل المواصلات خلال فترة معينة.. ففي فرنسا مثلا اشتريت بطاقة ب200 ريال فقط تسمح باستعمال الباصات والميترو لمدة أسبوعين كاملين (وإن كنت تصرفت بغباء في نهاية الأسبوعين حيث طلبت تاكسي نقلني الى يورو ديزني بضعفي هذا المبلغ)!!!
- أما رابعا فهو البحث في شبكة الانترنت عن بيوت الشباب الرسمية (وتدعى باللغة الانجليزية بَُُّّمٌ) حيث يمكن استئجار سرير واحد ضمن غرفة كبيرة بخمسين أو ستين ريالا فقط بدل خمسمائة أو ستمائة ريال في فنادق لايصل مستواها لنجمة أو نجمتين.. وأشير هنا إلى حقيقة مهمة وهي أن «الفندق» كلما كان فخما شكل حاجزا بينك وبين أهل البلد والاحتكاك ببقية السياح (وعلى قول سائح خبير : كم شخصا زار فرنسا ولم ير الفرنسيين) !!
- والآن: دعوني أخبركم كيف زرت فنلندا ب 250 ريالا فقط!
.. في رحلة 1999 صعدت من ايطاليا باتجاه الشمال حتى وصلت الى ستوكهولم - عاصمة السويد - وبقيت فيها لخمسة أيام.. ولأن فنلندا تقع على الطرف الآخر من بحر البلطيق قررت تخصيص يوم واحد فقط لزيارة عاصمتها هلسنكي.. وهكذا ركبت باخرة تعمل على هذا الخط (تابعة لشركة جراي لاين) انطلقت من ستوكهولم في التاسعة ليلا ووصلت الى هلسنكي في صباح اليوم التالي.. وبما أنني قضيت الليلة السابقة نائما في الباخرة قررت عدم استئجار فندق في هلسنكي - والتجول في المدينة - حتى موعد العودة بالسفينة ليلا والنوم فيها حتى صباح اليوم التالي..
وبهذه الطريقة عدت إلى ستوكهولم (ثاني يوم) ولم أخسر سوى تذكرة السفينة وسندوتشين هامبرجر بمبلغ لم يتجاوز 250 ريالا فقط...
.. برأيك.. كم تكلف رحلة كهذه تنطلق من السعودية مباشرة !!