- بسم الله الرحمن الرحيم
- 13/6/2000
- سمعنا بأن الدخول الى مدينة القدس يكون سهلا ايام الجمعة، قررنا الذهاب
بسم الله الرحمن الرحيم
اخواني اخواتي فكرت كثيرا وكثيرا في موضوع اكتبه فخطرت ببالي فكرت مقتطفات من ثلاث سنوات عشتها في فلسطين بالضبط من 13/6/2000 الى 1/9/2003 شفت فيها الحلو والمر وعشت حياة مش اي انسان بجربها وكانت بالنسبة لي ثاني حرب اعيشها الاولى كانت حرب الخليج في الكويت والثانية هي انتفاضة الاقصى الثانية، احببت ان اكتب جزءا من فترة حياتي خلال الثلاث سنوات التي ذكرتها لأعرض بعضا من معاناة الشعب الفلسطيني هذا الشعب المناضل، واتمنى ان تسامحوني اذا كان في بعض الاخطاء اللغوية او الاملائية
بسم الله نبدأ
الجزء الاول
صيف عام 2000
قررنا الذهاب الى الضفة الغربية بقصد زيارة الاهل وهم عائلة امي ولعمل هوية ضفة لأخي
13/6/2000
سافرت الى الضفة الغربية مع والدتي واخي واختي الاصغر مني احنا زي كثير من الناس فلسطينيين حاصلين على الجنسية الاردنية وعايشين بالاردن وبنفس الوقت معنا هويات فلسطينية يعني برضو احنا مواطنين فلسطينيين وبنقدر في اي وقت نروح هناك بس طبعا لمناطق الضفة اما منطقة القدس وباقي فلسطين المحتلة بالاضافة الى غزة فلا نستطيع دخولها، طبعا انا واخوتي مواليد الكويت وللكويت عندي معزة خاصة ولي فيها 11 سنة من الذكريات الحلوة
ذهبنا الى فلسطين و بالتحديد الى مدينة رام الله، طبعا هي بالنسبة لنا بلدنا الاول وكم كنت اشعر بالراحة والسعادة عندما اذهب الى هناك وكنت اتمنى بأن استقر فيها حيث اني كنت قد انهيت دراستي في الاردن وابحث عن عمل، كان الوضع عاديا جدا بل كان افضل من العادي وكنا نذهب الى رام الله ونرجع ونذهب الى نابلس والخليل وبيت لحم وهكذا فلم تكن الانتفاضة آنذاك قد بدأت
سمعنا بأن الدخول الى مدينة القدس يكون سهلا ايام الجمعة، قررنا الذهاب
خرجنا ووصلنا الى مكان المواصلات الخاصة بالقدس صعدنا الى السيارة وكان معنا تقريبا اربعة اشخاص وكلهم كانوا يستطيعون الدخول بدون اية مشكلة فأحدهم قد قدم من الاردن عن طريق تصريح زيارة وبالتالي يستطيع الذهاب به اينما يشاء لأنه يعتبر سائح وشخص آخر معه جواز امريكي وشخص معه هوية قدس وهكذا، وقفت السيارة على الحاجز وكان امامنا الكثير من السيارات، جاء دورنا وطلب الجندي الهويات او التصاريح فأخرجنا هويات الضفة فقال ممنوع وارجعوا من حيث اتيتم قلنا له احنا رايحين عشان صلاة الجمعة في المسجد الاقصى فقال ممنوع، نزلنا من السيارة وقال لنا بعض الناس بإمكانكم الذهاب من هذه الطريق وهي طريق التفافية للدخول الى القدس وفعلا ذهبنا ووجدنا سيارات تأخد الناس الذين يحاولون الدخول وهم مثل حالتنا اخذنا سيارة وسارت بنا واذا بحاجز آخر ( الحاجز هناك متعارف عليه بإسم محسوم وهي كلمة حاجز بالعبرية) ولكن والحمد لله لم يوقفونا وتابعنا المسير حتى دخلنا مدينة القدس، الله انها القدس وما ادراك ما القدس، يكفي ان تسير في شوارعها وطرقاتها القديمة يكفي ان تشتم عبق التاريخ فيها يكفي ان تقف في ساحة المسجد الاقصى وتنظر الى قبة الصخرة المشرفة، تقترب منها تصيبك الرهبة من ذلك الصرح تنظر تتأمل وتعجزعن وصف ما تراه، تدخل اليها ولا تحب الخروج منها، تحفة فنية هكذا استطيع وصفها لأنك ان اردت الوصف الدقيق فستجلس اياما تحكي وتحكي ولن تنتهي،دخلنا اليها رأينا الصخرة وكانوا يرشونها بالمسك نزلنا تحتها جلسنا قليلا وصلينا وبعدها انتقلنا الى المسجد الاقصى لأداء صلاة الجمعة، سمعنا صوت اطلاق النار واخذ الناس يركضون هنا وهناك وعلى ما اعتقد بأنها كانت مجرد مناوشات بسيطة بين بعض الشبان وجنود الاحتلال، دخلنا المسجد صلينا وجلسنا ثم اخذنا ندور في ارجائه، خرجنا وذهبنا في جولة في ازقة القدس القديمة، الحارات المسقوفة والارضيات المبلطة والجنود يقفون هنا وهناك وكنا نسير ونحن لا نلتفت اليهم خشية ان يشكوا بنا ويخرجونا من المدينة، هذا ان لم يعتقلونا، جاءت ساعة الرحيل ذهبنا واستقلينا الحافلة سارت بنا نظرت الى الوراء وشعرت بذلك الشعور الغريب، نعم انها مدينة القدس تبكي فلو انعم الله على احد وزار هذه المدينة المباركة وخرج منها فسيشعر بنفس الشعور انها حزينة تبكي وتقول لك الى اين تذهب لم لا تبقى، قلت لها كم اتمنى ذلك ولكن سيأتي اليوم الذي فيه نبقى ولن نخرج ابدا بإذن الله
عدنا الى البيت ومرت الايام، كنت قد وجدت وظيفة مناسبة لي وقررت بأن استقر هناك
حان موعد رحيل الاهل فقد شارفت العطلة المدرسية على الانتهاء ويجب عليهم العودة الى الاردن، كنت في العمل ورجعت الى البيت لأودعهم اخذنا سيارة الاجرة وذهبنا الى رام الله انا بهدف العودة الى العمل وهم بهدف الرحيل وهنا حانت اللحظة قال لي السائق يجب ان تنزل هنا لأني سأذهب يسارا وانا يجب ان اذهب بالاتجاه الآخر، وقفت السيارة امي كانت تبكي وكنت لا اطيق رؤية الدموع في عينيها قبلتني والدمعة في عيني اردت ان تنتهي تلك اللحظة بأسرع ما يمكن لأني لا احب لحظات الوداع اطلاقا، نزلت وهم انطلقوا اخذت انظر الى السيارة حتى اختفت عن ناظري شعرت بالوحدة وكل ما اردت فعله ببساطة هو البكاء
يتبع...
والله شكله يا مشاري ما حدى غيرك متابعني يا سيدي حياك الله وسلملي على سوريا كثير
ويلا عشانك بنحط الجزء الثاني
وجدت سكنا عند مجموعة من الشباب كنا ستة، اثنان لكل غرفة، كنت اصغرهم فهم كانت تتراوح اعمارهم ما بين التاسعة والعشرين والواحدة والثلاثين وانا ما كنت قد اكملت الواحدة والعشرين واما زميلي في الغرفة فقد كان على ما اعتقد في الخمسين!!! رجل يعمل في رام الله وهو من جنين ترك زوجته وابناءه واستقر في رام الله من اجل لقمة العيش وكان يذهب اليهم مرة كل اسبوع، في البداية لم انسجم ابدا فهي المرة الاولى التي ابعد فيها عن اهلي ولكن بعدها تضطر لأن تبدأ حياتك الجديدةجاء اخي من الاردن واحضر معه باقي مستلزماتي، بقي فترة ليست بالطويلة وبعدها غادر
كنت سعيدا، فأنا الآن اعمل واعتمد على نفسي والشيء الاهم فأنا اعيش في وطني، كنت اذهب الى قريتنا كل اسبوع الى بيت جدي وكنت استمتع كثيرا، كانت الطريق تأخد منا تقريبا عشرة دقائق من رام الله الى القرية فقد كنا نسلك طريق تسمى بيت ايل وبيت ايل هي مستوطنة يهودية تكون على الجانب الايمن من طريق الذهاب الى القرية، كانوا يوقفونا احيانا على جانب الطريق اقصد الجنود بهدف التسلية فقد كانوا يقولون لنا انتم فعلتم مشاكل كذا وكذا ويقومون بتفتيشنا ثم يدعوننا نذهب حيث كانت الاوضاع ما تزال طبيعية الى ان....
28/9/2000
الانتفاضة، كان هذا هو يوم انطلاق انتفاضة الاقصى الثانية وكنا قد سمعنا عن المشاكل التي حصلت في ساحة الحرم وعن الشهداءخرجنا الى العمل وكان على ما اعتقد يوم سبت لأني كنت قد خرجت من القرية الى رام الله تفاجأنا بأن الجنود يقومون بإيقاف السيارات عند المستوطنة ولا يسمحون للجميع بالعبور، لم اكن اعرف ما الذي يحدث حتى ايقنت بأن هذا كله بسبب المشاكل التي حدثت يوم امس
مرت الايام ومرت الشهور وبدأت المعاناة واخذت تكبر وتكبر وتفاقمت بشكل كبير لا يتصوره العقل فقد بدأت من حاجز صغير يوقف السيارات الى ان تطورت الى حاجز طوله تقريبا كيلو متر واحد اسمه محسوم سردا اي حاجز سردا وكان بالقرب من جامعة بير زيت حيث قاموا بتخريب الطريق على طولها ولم يعد بإمكان السيارات اكمال المسير فكان الناس ينزلون عند طرف الشارع ويمشون الطريق على طول كيلو متر حتى يصلوا الى الطرف الآخر ومن ثم يستقلون سيارة اخرى ونفس الشيء في طريق العودة
عانيت كثيرا كما عانى بقية الناس وكنت اقول لم لا ارجع الى الاردن فأنا على الاقل استطيع الذهاب الى الاردن والعيش هناك واما هؤلاء الناس فهم مجبرون فلا مكان آخر يذهبون اليه، كنت ابعد الفكرة عن رأسي بهدف ان الاوضاع سترجع كما كانت ولن تسوء اكثر
ولكن ساءت وساءت وكنا نقول يستحيل ان تسوء اكثر من هذا لأنه بعد كل الذي فعلوه لا يوجد شيء اكثر يمكن ان يفعلوه ولكن كنا نتفاجأ بأن الامور تسوء اكثر فأكثر فهم يخترعون امورا لجعل الامور تسوء بهدف تهجير الناس، كنا نقف على الحاجز ساعات واحيانا نأخد طريق الجبل وهي بالتأكيد مخاطرة لأنهم لو رأوك سيطلقون النار او يعتقلوك، ومثلما كانوا يخترعون امورا للتضييق علينا كنا نحن نخترع امورا للوصول الى اماكن العمل و
العودة الى بيوتنا
كنت ارى الشباب عند الحواجز وهم يلقون الحجارة على جنود الاحتلال وهم يردون عليهم بالرصاص ومسيل الدموع تماما كما نشاهد على التلفاز كنت اقف واتفرج واشعر بالحماس الشديد داخلي ولكن لم اكن اتجرأ على الذهاب
يتبع...