- فيرسال موسكو: مجمع ارخانغيلسك موسيقي للعيون
- شئ من التاريخ
- مدارس الفن التشكيلي
فيرسال موسكو: مجمع ارخانغيلسك موسيقي للعيون
في ضواحي موسكو الكثير من مجمعات القصور العتيقة التي تتميز بمعمارية ساحرة، وهي من مخلفات نبلاء واساطين العصر القيصري ورجال الامبراطورية الغاربة من ابناء الطبقة الارستقراطية صاحبة الذوق الرفيع التي سحقتها الثورة البلشفية، ويشغل المجمع المعماري التاريخي المعروف الكائن بضواحي موسكو " ارخانغيلسك " الذي يمتد تايخ بناءه من القرن السابع عشر وحتى بداية القرن العشرين، موقعا مميزا بين تلك الاماكن الاثرية التي تشتهر بها العاصمة الروسية. وبني المجمع الذي انتهت ملكيته الى عائلة يوسوبوف التتارية الشهيرة التي كانت مقربة من القيصر الروسي لتستولي عليه من بعد الحكومة السوفياتية بعد الثورة البلشفية عام 1917 وتحوله الى منتجع عام.ويطلق على المجمع المعماري الاثري بفيرسال موسكو. وثمة من يقول ان اصحاب العزبة الشهيرة استنسخوا تصميم فيرسال الشهير في ضواحي باريس. وحقا ان الزائر يرصد التشابه بين تصميم المجمع ومجمع فرسال الشهير.لاسيما وان الارستقراطية الروسية كانت في العهد القيصري تسعى لتقليد الاستقراطية الفرنسية بذوقها وسلوكها. وكانت المثال الارستقراطي لها.
ان مجمع او عزبة "ارخانغيلسك" في ضواحي موسكو اليوم حداق ومباني اثرية ومنتجع صحي للاستشفاء والاستجمام ومتحف غناء ومكان سياحي وقاعة للموسيقي،
او كما يصفه يصفه البعص بانه " موسيقي للعيون" نظرا لجماله.ويؤم المجمع كذلك العرائس واصدقاؤهم بعد التوقيع على عقد الزواج المنتجع المعماري التاريخي الجميل حيث يتجولون في ربوع حدائقه قبل الانتقال الى حفل الزواج في احدي مطاعم المدينة.ويقول العريس بوريس فيكتورفيتش ان زيارة المنتجع خلال الاحتفاء بيوم الزواج سيترك اثرا في ذاكرة العريسين تكون جامع في حياتهما الزوجية. ولايتطلب الوصول لارخانغيلسك من مركز العاصمة الروسية الا اقل من ساعتين، بيد ان زائره يشعر بانه انتقل وسطه الى عالم اخر. الطبيعة الخلابة والمباني ذات الطراز القديم والحدائق الغناء الفارهة باشجارها الباسقة المعمرة ونهر موسكو بمجراه الهادئ والسكون الشامل، تبعث كلها على الشعور بان الانسان وبعد ان ابتعد عن ضجة الحياة المعاصرة، قد عاد الى قرون عديدة للخلف. ففي تلك الحدائق ووسط القصر القديم وملحقاته تفوح اجواء عصور وقيم واذواق وعوائل شخصيات انقرضت. وما ان تستمع لروايتها وتاريخها حتى يستفيق الحنين للماضي، لكل ماضي يسوده الامن والسلام والجمال. ومن حسن الحظ ان الجمال مازال يسود هذه الانحاء.
ووفقا لقول المفكر الروسي الكسندر هريستين " يلتقي الانسان هنا مع الطبيعة باجواء تختلف عن الطبيعة العادية. لانه اضفي طابعه الانساني الجمالي اللائق عليها".
شئ من التاريخ
ويسبغ التعرف على تاريخ بناء المجمع الذي يعود تاريخه للقرن السادس عشر والتقلبات التي شهدها المجمع للتعرف على الاهمية التاريخية التي ينطوي عليها، فقد توارثته عوائل كان لها تاثير على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في روسيا القيصرية منذ القرن السادس عشر وحتى انهيارها في عام 1917 على يد البلاشفة. وتقول يرينا الكسندروفنا المرشدة السياحية في المجمع التي اخذتنا بجولة مع سواح اخرين بارجاء المجمع ان المجمع الذي كان في عام 1703 عزبة نبلاء، انتقل الى نيقولاي غوليتسين(1665 1737) رجل الدولة الشهير حينها وصاحب الحظوة لدى القياصرة الذين وهبوه لخدماته الجليلة للدولة المقاطعات الواسعة التي لاتزال تحمل بعضها اسمه ليومنا الحاضر فعمل على تطويره. وتمضي يرينا الكسندروفنا بالقول ان غوليتسين كان محبا للكتب والعلوم وساعد على نقل العلوم العسكرية لروسيا من اوروبا وقدم الخدمات للقيصر الكسندر الكبير وبعد اقصاءه من الخدمة للاشتباه بتورطه بتحرك لتقييد صلاحيات القيصرة انا ابتعد عن القضايا الحكومية وانتقل الى موسكو حيث ابتاع لنفسه مقاطعة ارخانغيلسك على نهر موسكو. ولم يمهل القدر غوليتسين استكمال بناء المجمع كما كان مخطط له، حيث وافته المنية. وبعد وفاته باعت عائلته المقاطعة للامير بوريس غيرغيفتش يوسوبوف( 1695 1759) ذو الاصول التترية رجل الدولة والمليونير الشهير حينها. والمعروف عن يوسوبوف كونه جامع ومحب للوحات والكتب النادرة.وقد جمع يوسوبوف في المجمع اعمال اشهر التشكليين في عصرة واقام مكتبة احتوت على مئات الكتب في مختلف العلوم والاختصاصات. وارتبط يوسوبوف بعلاقات شخصية مع كبار مفكري وكتاب عصره. والى جانب ذلك اقام مسرحا في المجمع حيث قدم عروضا مسرحية رفيعة المستوى. وتسطيع ان ترى في احدى زوايا المجمع تمثال للقصيرة يكترينا الثانية الذي يشاع ان يوسوبوف كان احد عشاقها السريين. وهناك ايضا ممر باسم الشاعر الروسي الكبير الكسندر بوشكين الذي زار ذات مرة المجمع للاطلاع على مكتبتها، وكتب في وقت متاخر قصيدة اشاد في قصيدة جميله بصاحب المجمع والجمال الذي ساده.هناك ايضا تشاهد على اسوار المجمع كوكبة من التماثيل الاغريقية والاوروبية الكلاسيكية التي تمثل رموز الفكر والمعرفة وشخصيات الاساطير الاغريقية والرومانية. تتصفح تلك الوجوه التي تلوح وكانها شخصيات حيه وتتاملها فتشعر بالزمن وقدم الحياة وتالقها وعظمتها من خلال عظمة تلك الانجازات في الفن والمعمار والجمال.
وخلف يوسوبوف مكتبة حافلة تضم بعشرات الالاف من الكتب باللغات الاوربية في الفن والادب والعلوم المختلفة، اشاد بها خيرة مثقفي عصرة.
مدارس الفن التشكيلي
ومفخرة المجمع الحية لحد يومنا هذا تتمثل بمجموعة اللوحات التي تزين جدران المتحف، فهناك تشاهد اعمال مختلف التشكليين الاوروبيين التي تناولت العديد من الموضوعات الدينية وصور الطبيعة وشخصيات العصر، وتمثال رائع للمفكر الفرنسي جان جاك روسو وكان شخصية نابضة بالحياة والحرية وسيقف امامك ليبرهن من جديد على صحة افكاره التنويرية. وهناك اكثر من 100 عمل لفنانيين فرنسيين من ضمنهم تشكليين من القرن الثامن عشر مثل بوشيه وروبيرا وفرنيه واعمال من فناني القرن التاسع عشر الى جانب ذلك هناك 130
عملا من ممثلي المدرسة الايطالية واخرى من المدرسة الاسبانية ومن اجمل اللوحات التي لفتت نظري هناك اعمال الفنان الفرنسي عن لقاء كليوباترة بعشيقها الامبراطور الروماني انوطوني.
ان ارخنغلسك اليوم مزار محبي الفن والسياحة، ومنتجع لاستعادة قوى البدن والروح في عالم يرغم الفرد على تناسي ذاته واللهاث وراء تحقيق رغباته كمستهلك للبضاعة المغرية التي تتغير نوعيتها مع كل يوم، للحصول على ما ترسمه له نشرات الاعلان والدعاية ومشاهدة ما يقدم له.
