مهاجر
07-08-2022 - 12:13 pm
من منا لم يستعمل الكولونيا بمختلف عطورها وروائحها، ربما من دون ان نسأل انفسنا عن معنى هذا الاسم الذي أصبح معروفا في العالم أجمع، بالواقع إن الاسم يأتي تيمنا بماء مدينة كولون الالمانية الذي كان ملك فرنسا لويس الرابع عشر يستهلك لترين منه شهريا.
ويعتبر ماء الكولونيا، المنتج الرئيسي لشركة موهلنز الكولونية الالمانية، التي اشتهرت بالعطور التي تحمل الرقم 4711، وتشكل أحد معالم المدينة الجميلة التي تسمى عروس الراين. اما أهم معالم المدينة الأخرى فهي بالطبع الكاتدرائية القديمة (الدوم)، ونهر الراين العظيم الذي يخترق المدينة من جنوبها إلى شمالها، وتشتهر المدينة القديمة ببيوتها الضيقة العالية التي تسمى «بيوت الراين» وكرنفالها السنوي الذي يجتذب الملايين من الالمان والسياح وذلك بسبب توفر كل ما يحتاجه السائح مما يجعلها مغناطيسا لاجتذاب الملايين لزيارتها.
وفي هذا الموقع المهم من شمال الراين حطت الوحدات الرومانية رحالها لأول مرة قبل ميلاد المسيح باكثر من قرن. فكان الايطاليون أول من أطلق على معسكرهم هذا، اسم المستعمرة «كولونيا» ومنها بدأوا توغلهم في أقصى الغرب الأوروبي. إلا أن هذه الحقبة انتهت في القرون الأخيرة لتتحول مدينة الدوم إلى منطقة نفوذ فرنسية انصبغت بثقافة الفرنسيين. ومن الفرنسيين جاءت تسمية «كولون Cologne» التي أخذها البريطانيون ويقومون باستعمالها حتى يومنا هذا. ويعود الفضل في التصاق الرقم 4711 بماء الكولونيا إلى نابليون بونابارت الذي أمر بترقيم بيوت المدينة، فوقع الرقم المذكور على بيت عائلة موهلنز التي تنتج العطور في شارع «الغلوكنغاسة».
ومن أهم ما تراه في كولون، قمتي الكاتدرائية الشهيرة «الدوم»، ويمكنك مشاهدتها من كل زاوية من المدينة بسبب ارتفاعها الشاهق. وتعتبر قمتا الدوم الاعلى في العالم حيث ترتفع بطول 157 مترا ، يشار الى ان الكنيسة، احتفلت عام 1999 بميلادها ال 750 حيث وضعت تحت حماية اليونسكو كأثر تاريخي وتتميز ايضا بزخرفتها الداخلية الجميلة وبزجاجاها الملون وتحفها الذهبية ولوحاتها ومنحوتاتها، ومن اللافت ان قانون العمار في كولون لا يسمح بتشييد مبان عالية يتخطى علوها ارتفاع الكنيسة، وتدعم ايضا هذا القانون منظمة اليونسكو. ولهذا فأن أعلى بناية في المدينة، هي برج «الحديقة الاعلامية» التي ترتفع إلى 150 مترا.
وشركة موهلنز، في مركز المدينة، تستحق الزيارة، خصوصا في مواعيد دق الساعة الدوارة ذات الدمى، التي تميزها، وزيارة المبنى في «الغلوكنغاسة 4711» الذي يعتبر البناء الوحيد الذي ينتأ إلى الشارع بشكل لافت بسبب رغبة الحفاظ عليه رغم الشوارع الجديدة التي شقت بجانبه، ويعتبر هذا المبنى الجميل بالزخرفة والأجراس بمثابة متحف، تتخذ منه الشركة معرضا أساسيا لمنتجاتها المختلفة من العطور المصنعة من ماء الكولونيا، ويقع المبنى قرب دار الأوبرا ومسرح المدينة الكبير في وسط منطقة التبضع المخصصة للزائرين المشاة فقط ومحظورة على السيارات.
ومن ينظر إلى الراين سيندهش لسرعة جريانه نحو الشمال حيث يصب في البحر عند مدينة روتردام الهولندية، وهو نهر جامح ذو «شخصية متميزة»، حسب تعبير شاعر عراقي، كثيرا ما يثور فيغمر المدينة القديمة التي تعتبر أهم مناطق السياح. وفاض النهر خلال عامي 1993 و1996 وارتفعت مناسيب مياهه لغاية 10 امتار متخطيا، كافة الحواجز وصولا إلى قلب المنطقة، وحرصت المدينة على ترك ضفاف خضراء مشجرة على جانبي النهر يلجأ إليها الكولونيون في أيام الصيف للتنزه وشي اللحوم، بل والمبيت هناك حتى الصباح على ضوء الشموع.
ويجد الزائر على كورنيش الراين العديد من الزوارق الكبيرة والمتوسطة التي تفسح الراغبين على المنطقة شمالا وصولا إلى روتردام أو جنوبا وصولا إلى كوبلنز. وهي من أمتع الرحلات النهرية التي تمتد بين ساعة وعشر ساعات، حسب رغبة المسافر، إضافة إلى عروض المساء، لفترة ساعتين ونصف (16 دولارا).
وتمتد المدينة القديمة بالقرب من الكورنيش حيث تتكئ منازلها الضيقة الملونة على بعضها لتترتب في طرقات ضيقة مبلطة بالصخور المنحوتة. وهي منطقة الجذب السياحي الأولى في المدينة حيث تتنوع المطاعم بين الشرقي والغربي من مختلف بلدان العالم. وتضع هذه المطاعم كراسيها في الصيف في الخارج بالقرب من الكورنيش في مكان يطل على النهر. ويمكن الوصول إلى هذه المنطقة بالعبور إلى خلف «الدوم»، بعد تخطي متحف الفن الحديث والمتحف الروماني، ونزول السلالم إلى الكورنيش.
ولمن يفضل وجبات الطعام العربية على غيرها يستطيع زيارة مطعم بيروت اللبناني في المدينة القديمة بالقرب من جسر دويتز، وهو أحد 8 جسور تربط بين شطري المدينة. كما تمكن زيارة مطعم «كروان» السوري الذي يقع جنب بيت موهلنز (4711) أو مطعم السلام (فلسطيني) في مركز المدينة بالقرب من ساحة تسولبيشر.
وغير ذلك، تشتهر المدينة بكرنفالها الذي يحل سنويا بين نوفمبر (تشرين الثاني) ونهاية فبراير (شباط) أو مطلع مارس (آذار) ويبلغ الذروة يوم الخميس «يوم النساء» الذي يسبق «اثنين الزهور». ويوما الخميس والاثنين المذكوران هما اليومان اللذان يسبقان أربعاء الرماد الذي يشهد نهاية الكرنفال. وتنطلق مسيرة «المجانين»، هكذا يسمى كرنفاليو كولون أنفسهم، في يوم «اثنين الزهور» حيث يحتشد ملايين المتنكرين والممكيجين لتلقي الزهور والحلوى (300 ألف شدة ورد و500 طن من الحلويات سنويا) من مواكب الكرنفال المزينة والجياد المطهمة والرسومات والمشاهد التي تسخر من الحالة الاجتماعية والسياسة والحروب ... الخ.
وهذا ليس كل شيء، فكولون هي مدينة الاعلام والثقافة والفن الأولى في ألمانيا ويعتبر معرضها الدولي من أهم المعارض في العالم، وخصوصا المعرض الدولي للكاميرات والفيديو ومعرض الأغذية ومعرض الدراجات ومعرض الشوكولاتة الدولي ...الخ. وكولون من أفضل مدن العالم تشجيرا.
على موضوعك الرائع وفعلا كولون مدينه حلوه.