- وعلى الجزء الشمالي من المضيق، توجد مدينة طريف Tarifa الاسبانية،
برنامج: رحلة الى...(1)
المغرب: ملتقى الشرق والغرب
المعلق: هذا الشاطيء على المحيط الاطلسي كان يعتقد أنه نهاية الأرض
والمغرب الدائم للشمس، وهنا تقترب افريقيا من اوروبا حتى تكادا تتلامسان.
وعلى الجزء الشمالي من المضيق، توجد مدينة طريف Tarifa الاسبانية،
ومقابلها جنوبا طنجة المغربية. هما حاليا جزءان من قارتين ودولتين وثقافتين، تفصل بينهما كيلومترات محدودة. بينما ظلتا طيلة ثمانية قرون جزءا من حضارة واحدة وثقافة واحدة هي الحضارة والثقافة العربية الاسلامية.
المغرب: ملتقى الشرق والغرب
المعلق: فأهلا بكم في رحلة الى المغرب: ملتقى الشرق والغرب.
المعلق: كان مضيق جبل طارق، منذ القدم، مدخلا رئيسيا لمنطقة البحر الابيض المتوسط. ويبلغ عرضه، عند اضيق نقطة، ثلاثة عشر كيلومتر ونصف الكيلو.
واليوم، وكما كان الحال منذ قرون، تعتبر المغرب حلقة وصل بين القارات. ولكن الاكثر من ذلك، انها تمثل مزيجا حيا من الاصالة والحداثة.
يعود الماضي هنا الى ما قبل التاريخ. وقد سكنت البلاد قبائل عربية ارتحلت اليها قبل الفتح الاسلامي. وقد بدأ قطع الحجارة من المقالع، في كهوف هيرقل Hercules، قرب طنجة، قبل عشرة الاف سنة. والحضارة فيها سبقت بكثير الحضارة على الجانب الاوروبي من البحر المتوسط.
دخلها الفنيقيون ثم القرطاجيون، ثم احتلها الرومان، في القرن الاول قبل الميلاد.
وظلت في اضطراب الى ان فتحها القائد المسلم عقبة بن نافع عام 63 للهجرة (682م) ومنها انطلقت الفتوح الى الاندلس.
أما آثار الرومان فليست واضحة المعالم في المغرب، وهي مبعثرة في عدة اماكن شمالي البلاد. كهذه الاثار، على جانب احد الطرق، شمالي مكناس ، التي يبلغ عمرها نحو الفي عام، وهي مكونة من حمام ومنتجع. وتذكر هذه الاثار، غير المميزة وغير البارزة، بعهود روما التي انتشرت على سواحل البحر المتوسط.
وفشل الرومان في قهر كبرياء اهل البلاد. فقبائل البربر، ذات الاصول العربية، كانت قد اقامت في شمال افريقيا قبل الرومان بالف سنة. ولعبت دورا مهما، فيما بعد، في الفتوح الاسلامية، وخاصة في الاندلس.
واليوم، هناك نحو مائتي قبيلة تعود اصولها الى تلك القبائل العريقة التي تكيف اسلافها مع تضاريس المغرب الجميلة، ومناخها المتغير.
فهناك قبيلة رومارا Rhumara، على سفوح تلال الشمال الساحلية.
وقبيلة صنهاجة Sanhaja، على جبال الريف الغربية، وجبال الاطلس.
وقبيلة امارزين Imarizen في جبال الاطلس الاعلى، وزيناتا Zenata في
واحات الصحراء الكبرى.
وفي عام 63 للهجرة/ 682م، بدأ الفتح الاسلامي لشمال افريقيا. واكتملت الفتوحات في مطلع القرن الثامن وعم نور الاسلام ارجاء المغرب، وطبع هذه البلاد بطابعه وحضارته.
وكان للدين التوحيد، واللغة المكتوبة، أثرهما الباقي على قبائل البربر، التي تطورت حياتها بسرعة مذهلة. (فضلا عما جاء به المسلمون من تقدم ومدنية).
كانت اللهجات المحكية مختلفة، في مناطق الجبال والصحاري والسواحل، لدرجة ان القبائل، لم يكن بينها اتصال، وعاشت في عزلة فعلية. ومع الفتح، نشر الاسلام لغة مشتركة، وشكل ثقافة وشعبا متجانسا.
كان ذلك في وقت شهد امتداد وانتشار الاسلام، الذي حمله الدعاة في كافة الاتجاهات، ليقوموا بهداية البشرية. وخلال خمسين سنة، امتد نفوذ دولة الاسلام من شواطىء المحيط الاطلسي الى الهند.
وفي عام 93 للهجرة (711م)، شكلت القبائل المسلمة في المغرب جيشا قويا للجهاد في سبيل الله.
وخلال عشر سنوات، اندفعت جيوش المسلمين شمالا، (عبر جبال البرانس Byreneese)، الى فرنسا، حتى عام 114 للهجرة (732م). ولم تتوقف الا عندما خسرت في معركة بلاط الشهداء، التي كانت بمثابة نهاية عصر الفتح الاسلامي في اوروبا.
وقد أنتج حكم المسلمين، الذي دام ثمانية قرون في الاندلس، اعظم حضارة، فيما كانت اوروبا غارقة في الظلام. وازدهرت مدن الاندلس بحيوية ما زالت ظاهرة للعيان.
حضارة يعكس تناسقها ونظامها عصرا كانت فيه الاندلس قناة مهمة في نقل وتطوير علوم الثقافات القديمة. اذ ساعدت جامعات قرطبة وغرناطة وغيرها في نشر المعرفة الأصيلة واضافة الكثير الى المعرفة الاغريقية والرومانية، (في الفلسفة، والعلوم، والأدب، والرياضيات، في وقت كانت تحاول فيه اوروبا، الخروج من عصور الظلام).
وبدأ تراجع المسلمين في منتصف القرن العاشر، عندما اندفعت الممالك المسيحية في ليون Leon، ونافارا Navara، واراغون Aragon، جنوبا.
وبحلول منتصف القرن الثالث عشر، اغتصب النصارى ثلثي الاندلس. ثم سقطت غرناطة، آخر معاقل المسلمين، عام 899 هجرية (1492م)، (بايدي جيوش فيرديناند وايزابيلا).
وخلال عشر سنوات، واثناء فترة محاكم التفتيش، تم تنصير او قتل او طرد جميع المسلمين من الاندلس.
اما المغرب، فقد شهد، منذ القرن السادس عشر، قيام وسقوط ممالك وسلالات، ومؤامرات رعتها القوى الاستعمارية الاوروبية، كما شهد حروبا وثورات ضد الاستعمار.
ويبدو انه كان هناك دائما، على هذه الأرض ، تفتح حضاري دائم، ربما كان ناتجا عن تفاعل بين الفطرة السليمة النقية لسكان المغرب، بلونها وطاقتها ووضوحها،
وبين الرؤية الاسلامية، بما عبرت عنه من فلسفة حياة ونظام وسلطة،
وبين العادات وانماط الحياة اليومية، في المدن، التي تأثرت بالحياة الاوروبية، وخاصة الفرنسية والاسبانية خلال القرنين الماضيين.
ويعود عصر التأثير الفرنسي، في شمال افريقيا، الى بدايات القرن التاسع عشر، عندما اغتصبت فرنسا الجزائر (عام 1832).
وتبعها ذلك التدافع الاوروبي للاستيلاء على المغرب. واخيرا فرضت فرنسا عام 1912، معاهدة جعلت من معظم المغرب محمية فرنسية. وبقيت كذلك، لأكثر من اربعين سنة، الى ان حصلت على استقلالها في الثاني من آذار (مارس ) عام 1956.
يتابع
(1) برنامج تلفزيوني شهير