باتت السياحة تشكل معظم دول العالم، وفي دول منطقة الخليج عموما، قطاعا اقتصاديا اكتسب كثيرا من الأهمية في مجال صناعة السياحة، حتى أصبحت واحدا من الموارد التي يعتمد عليها في مجمل الناتج القومي لكثير من الدول.
ويضم هذا القطاع الحيوي عددا من الأنشطة والموارد المتكاملة في أداء وظائفها داخل إطار النشاط الاقتصادي العام، إضافة إلى أن هذه الأنشطة المتنامية صارت وسيلة فعالة للتعارف الحضاري بين الشعوب، وجسرا حيويا ونافذة مهمة وجاذبة لحركة الاستثمار في القطاعات الاقتصادية المختلفة.
وإذا ما أسقطنا هذه الحقائق على إمارة دبي، فنجد أن هذه الإمارة، من حيث أهميتها التاريخية وموقعها الفريد ومزاياها الطبيعية التي تتمتع بها، ومع اكتمال بنياتها الأساسية في المجالات المختلفة، استطاعت أن توظف هذه الموارد كلها توظيفا علميا مدروسا لتطوير القطاع السياحي فيها حتى شكل هذا القطاع قاعدة تنموية رئيسة من بين القواعد الكثيرة التي تبني عليها الإمارة حركتها التطويرية المتسارعة باستمرار.
ونستطيع أن نقول إن الموارد السياحية في دبي تتسم بالتفرد والتنوع، وهي انطلاقا من هذا كله تجعل كل زائر للإمارة يدرك معاني السياحة ومضمونها وأهدافها، والتي دفعت بها إلى التميز بين دول العالم كافة.
وتعتبر دبي لؤلؤة الخليج مركز الثقافة والتاريخ في منطقة الخليج بشكل عام، وشبه الجزيرة العربية عموما. وقد استطاعت الإمارة أن تحقق مزجا خاصا بين سماتها وهويتها التاريخية الأصيلة من جهة، ومتطلبات العصر الحديث، من جهة أخرى، فحفظت للتراث هيبته وكيانه وشخصيته، واستشرفت آفاق حضارة العصر، الأمر الذي انعكس جليا في أسلوب معمارها الذي يجمع بين الأصالة العربية والحداثة العصرية في جميع المرافق السكنية والخدمية.
ولن يكون خافيا على السائح أو الزائر لإمارة دبي أن يرى ويتحسس روعة مرافقها السياحية، ويلمس روعة الطبيعة وجمالها الأخاذ المتمثل في جوانب كثيرة أهمها الصحراء التي تتيح لها القيام برحلات السفاري، إضافة إلى البحر بكل ما يحمله من دلالات الماضي وأصالته، والاستمتاع بسحر الشرق وغموضه.
ذلك كله ليس سوى جزء من المقومات السياحية التي تدعمها الجهات المختصة والمسؤولة عن القطاع السياحي في عملها الدائب لإرساء قواعد طفرة سياحية كبيرة ساعد على تحقيقها وتواصل خدماتها المتميزة عوامل عديدة، من أبرزها وجود قطاع فندقي عريض يتيح مجموعة مهمة من الخدمات المتكاملة، ليصل بذلك إلى مستوى أداء منافس لنظرائه في أنحاء العالم.
ويعود ذلك في أغلب أوجهه إلى أن الصناعة الفندقية لم تكتف بخدماتها للسياح والزائرين ورجال الأعمال، بل لعبت كذلك دورا رئيسا في حياة دبي الاجتماعية بشكل عام. وقد عملت الفنادق في دبي في الوقت ذاته على تعزيز مرافقها وخدماتها وبرامجها الترويجية في الداخل والخارج.
فعلى بعد مسافة بسيطة جدا من مركز المدينة التجاري، يقف فندق انتركونتيننتال الفخم مطلا على خور دبي بتصاميمه الداخلية الراقية. وعلى مقربة منه يطل على مياه الخور فندق شيراتون، وعلى كورنيش ديرة يتربع فندق حياة ريجنسي العملاق ببنائه ذي التصميم المتميز، وغرفه التي تزيد على ال400 غرفة بخدمات وتسهيلات فاخرة ومطعمه الدوار الذي يلقي بنظره من أعلى على أفق المدينة، لينقل صورة هي الأجمل عن دبي من ذلك الموقع الرائع.
أما فندق رمادا فهو أحد الفنادق المتوسطة الحجم، ويقع في منطقة المصارف التجارية في بر دبي. وفي محاذاة مركز دبي التجاري العالمي يقع فندق هيلتون انترناشيونال الذي يعتبر واحدا من أشهر معالم الإمارة ويستقبل في أجنحته وغرفه الوفود التي تأتي إلى دبي خصيصا لحضور المؤتمرات والمعارض التي تقام في المركز التجاري.
وعلى طريق المطار يقع فندق فورتي جراند ذي التصاميم الضخمة والصالات الرحبة والمرافق الرياضية المميزة، أما فندق مطار دبي الدولي ففيه لمسات ريفية ساحرة.
ويأتي فندق متروبوليتان على طريق الشيخ زايد، ويحتوي على مرافق مهمة، ويتبع منتجع شاطيء متروبوليتان الذي يبدو كالواحة الجذابة التي تتوزع فيها مرافق النادي الجذابة وخدمات الإقامة للسياح.
أما فندق جبل علي الفاخر فينفرد بشاطئه الخاص وبالنادي البحري التابع له والذي اكتسب شهرة عالمية واسعة، إضافة إلى فندق شيكاغو بيتش بواجهته البحرية الرائعة التي تجذب السياح. وفي منطقة ديرة يقع فندق رويال أبجر الذي يعرف عنه جمال قاعاته وتميز خدماته التي يتيحها للزائرين.
وبعد ذلك كله نجد أن السياحة في دبي تحولت إلى حقيقة ملموسة ماثلة للعيان، الأمر الذي دعمه الموقع الخاص لدبي والطبيعة الخاصة التي تجمع بين الشواطئ الرملية الناعمة والصحاري والواحات والينابيع الطبيعية، مما يجعل هذه الإمارة قبلة للسياح الباحثين عن الجديد.
ويستطيع زوار دبي التمتع بجميع أنواع الرياضات المائية الشهيرة، مثل الغوص وركوب الأمواج والتزلج، وكذلك سباق الزوارق السريعة والشراعية الذي يقام في دبي سنويا، إضافة إلى الهجن وركوب الخيل والصيد البري والبحري، ومتابعة سباقات السيارات التي تعقد بشكل موسمي.
وبالانتقال إلى مراكز التسوق والأسواق التجارية، فإن دبي تعد منذ القديم مركزا تجاريا متميزا ونشطا، وكان لها دور في تنظيم التجارة وتنشيطها عبر مناطق متعددة من العالم، مما أهلها لتأخذ مكانة تجارية مرموقة.
وتتميز دبي بأنها واحد من أهم المراكز التجارية الكبيرة في منطقة الخليج العربي، وذلك بسبب موقعها الاستراتيجي المنافس وسط ساحل دولة الإمارات، وفي الجزء الجنوبي الغربي من الخليج العربي، ممسكة بين خطوط التجارة الدولية بين الشرق والغرب.
وتحتضن الإمارة مجموعة من المراكز التجارية المهمة والتي تحتل مساحات شاسعة من المدينة، مما يؤمن الوصول السهل والتوافر المستمر لكل ما يحتاجه المقيم والزائر. ومن أبرز هذه المراكز مركز سيتي سنتر، ومركز الغرير، وبرجمان، وحمر عين، والمنال، وسوق وافي، والملا بلازا، والسوق المركزي وسوق الوصل، إضافة إلى أسواق الجميرا وغيرها.
وينال الجانب التراثي والتاريخي جزءا كبيرا من صناعة السياحة وتشكل دعامة قوية من دعامات هذه الصناعة، ذلك أن في دبي مواقع أثرية وصروحا تحوي التاريخ وتنقله بأمانة إلى الأجيال المعاصرة. وكان الهدف الرئيس من وراء الحفاظ على هذه الأبنية والمواقع هو الاهتمام بالآثار التقليدية في ظل التطورات المتسارعة والحضارية التي تشهدها البلاد باستمرار.
ويجد السائح في هذه المواقع ومن أبرزها متحف دبي في قلعة الفهيدي وبيت الشيخ سعيد آل مكتوم وقرية التراث روح الماضي القريب، وصورة تحكي بصدق عن تلك الحقبة من الزمن بتفاصيلها التي تضمها هذه المواقع، والتي كان بعضها يستخدم مركزا لإقامة الحاكم وحصنا دفاعيا ومخزنا للأسلحة والعتاد والذخائر، أو سجنا للخارجين عن القانون.
ولأن هذا الجانب السياحي يتناول طبيعة الحياة التي كانت سائدة في فترات متلاحقة من الزمن مرت على هذه المنطقة عبر مراحل من التطور الحضاري والثقافي، فإن التراث ومقتنياته يشكل صورة مصغرة عن تاريخ الدولة، الأمر الذي يضيف بعدا وأفقا سياحيين آخرين يهم السائح والزائر أن يطلع عليهما ليقترب أكثر من تفصيلات حياة البداوة ومفرداتها، التي لابد تختلف كثيرا عن تلك التي تتعلق بمناطق أخرى عن العالم في ما يتعلق بمراحل نشوء الدول.
ولا تخفى على أحد مطلقا سواء أكان مقيما أم سائحا أم حتى بعيدا عن دبي تلك الأهمية التي تتخذ طابعا دوليا في ما يتعلق بالقطاع الرياضي، فقد تركزت الجهود الكبيرة على النهوض بإنجازات ضخمة من ناحية الإمكانات المتاحة والمقدمة، من جهة، ومن ناحية نشر اسم دبي عالميا، من جهة أخرى.
وقد تمت ترجمة هذا الأمر على أرض الواقع من خلال ما أقامته دبي من أندية رياضية استقطبت إليها أبطالا
عالميين، وهذا ما أسهم في أن أصبحت دبي عبر السنين من المزارات الرياضية الراقية على المستوى الدولي، خاصة في مباريات الجولف وسباقات السيارات والفروسية والسباقات البحرية واليخوت، وتم تأسيس هذا كله على أسس تقنية وعلمية وهندسية تراعي الجمال الخارجي ودقة التصميم، مما يجعلها من المناطق المعدودة على مستوى العالم التي تكتسب هذه الشهرة الرياضية الواسعة.
الشواطئ في دبي عنوان آخر من عناوين الجمال والاهتمام بالسياح، وكذلك الصحاري التي تشكل متنفسا لكثير من الجاليات العربية والأجنبية على تعدد أنماط الترفيه والمتعة التي توفرها البرامج المقامة بين أحضان هذه الرمال الناعمة في بيئة صحية نظيفة وعناية فائقة تجعل من رحلات السفاري الصحراوية لحظات تحتفظ بها الذاكرة.
ولأن الجهات المسؤولة في الإمارة تدرك تأثير الجانب السياحي وبروزه ضمن القطاعات الاقتصادية والترفيهية، فقد عملت منذ وقت مبكر على تنمية هذا القطاع عن طريق تركيز الاهتمام على تجميل المدينة وجعلها أشبه بحديقة كبيرةمتاحة لعموم البشر من مقيمين وسياح وزوار.
وقد تمثل هذا الاهتمام في تعدد المشروعات الخاصة بالترفيه السياحي في أرجاء دبي كافة، ولذلك ظهرت منشآت الحدائق العامة والمتنزهات، إضافة إلى تطوير القائم منها.
ومن أبرز الحدائق والمتنزهات نجد حديقة الصفا التي تم تطويرها منذ سنين عدة لتشكل الآن متنزها متميزا بما يحتويه من وسائل ترفيه مختلفة، ومساحات خضراء شاسعة تسر الناظر، وأشجار تنتشر على مد البصر لتشكل لوحة جمالية فائقة الروعة، إضافة إلى البحيرات والشلالات التي تضيف مظهرا رومانسيا خاصا على هذا التركيب الجمالي البديع.
وهناك حدائق أخرى عديدة تشكل مجتمعة واجهة حضارية عريضة لدبي، ومن أهمها حديقة خور دبي، وحديقة الممزر، بما فيها من أحواض للسباحة وألعاب متنوعة للأطفال، ومسطحات خضراء تستوعب أعدادا هائلة من البشر الباحثين عن الترفيه والترويح وممارسة الرياضات الخاصة في قلب طبيعة صحية ساحرة.
ولا تقل حديقة مشرف الوطنية أهمية عن كل ما سبق، خاصة وأنها تعتبر الحديقة الأكبر مساحة في الإمارة، وتضم مناطق خاصة للأطفال توفر جميع احتياجاتهم ومتطلباتهم الترفيهية، وأحواض السباحة للزائرين أو المنتسبين للاسفتادة من هذه الخدمات.
وقد اهتمت دبي كذلك ضمن هذه الخطة بإنشاء حدائق الأحياء السكنية المفتوحة، بهدف تأمين منشآت ترفيهية مصغرة تكون أقرب إلى الناس ليمضوا فيها أوقات الاسترخاء والاستمتاع بعيدا عن الضوضاء والضغوط.
ولا ننسى هنا أن نستعرض حديقة الحيوان في منطقة الجميرا المتاخمة للبحر، وهي بحق معلم سياحي يعد إضافة مهمة إلى هذا القطاع الشديد الأهمية. ويعرف أن حديقة الحيوان بدبي كانت الأولى من نوعها في شبه الجزيرة العربية بشكل عام، وتستقطب زوارا من مختلف الإمارات، خاصة وأنها تضم مجموعة هائلة ومتعددة من فصائل الحيوانات، والتي يندر وجود بعضها على مستوى واسع.
وكان لابد لدبي من أن تؤمن لسياحها وزائريها في ظل هذا التعدد السياحي الهائل كثيرا من الخدمات التي تستهدف هذه الفئة، طالما أن زيادة الاستثمار السياحي والخدماتي يؤتي ثماره بالنسبة للإمارة، والدولة بشكل عام، وهذا ما نجده في شبكات الطرق وسهولة التنقل من مكان لآخر، إضافة إلى توفير جميع المعلومات المطلوبة التي تسهل من تحقيق السياح لهدفهم الرئيس، وهو جولة في أرجاء الإمارة تنقل لهم صورة دقيقة مختصرة عن جمال هذه الإمارة وما تتيحه من إمكانات سياحية هائلة للجميع نحو هدف محدد يتمثل في تعريف العالم بهذه المدينة التي فيها كثير من الخصوصية والروعة والجمال.
منقول