- بناء "آيا صوفيا" الأثرى يروى لنا قصة كنيسة ومسجد ومتحف تاريخى عريق
بناء "آيا صوفيا" الأثرى يروى لنا قصة كنيسة ومسجد ومتحف تاريخى عريق
هيا بنا نذهب اليوم إلى مسجد آيا صوفيا القائم بالقطاع الأوروبى لمدينةأسطنبول، كان جامع آيا صوفيا القائم اليوم بالقطاع الأوربي لمدينة إستانبول بمثابة مقر للكنيسة الشرقية الأرثوذكسية وأكبر كنيسة في العالم حتى عام 1453م.
وقد بنتها القديسة هيلانا زوجة القيصر الروسي وذلك في عهد الإمبراطور البيزنطي قسطنطين الأول337م، وفتح ككنيسة في تاريخ 15 من فبراير360م على عهد قسطانطينوس الذي توفي سنة361م.
وقد تعرضت الكنيسة لعدد من حوادث الحرق والتدمير بسبب الزلازل ولكن وضعها البنائي القائم اليوم قد تم في عام 537م على عهد الإمبراطور لاستينيانوس الذي جلب موادها من كل أصقاع الإمبراطورية البيزنطية، وشارك في بنائها عدد 10 آلاف عامل ومهندس.
وحين نجح الجيش الإسلامي العثماني بقيادة السلطان محمد الفاتح في اقتحام أسوار مدينة القسطنطينية وضم القطاع الغربي من مضيق البوسفور لحظيرة الدولة العثمانية تحولت هذه الكنيسة لجامع، حيث تم بناء مآذن في أركانها الخارجية، ووضع هلال أعلى قبتها، وتمت صلاة أول جمعة بها عام 1453م.
وعن سبب تحويل الكنيسة لمسجد تشير مصادر التاريخ التركية العثمانية إلى أن الجيش الإسلامي حين دخل القسطنطينية وجد هذه الكنيسة الضخمة مهجورة ولم يعد يستخدمها أحد، وأنها ستتحول بمرور الوقت لمكان يبيت فيه الثعابين والحشرات والزواحف وطيور النورس البحرية المنتشرة بمضيق البوسفور وبحر مرمرة.
وفي الوقت نفسه لم يكن بالقسطنطينية مكان معد لأداء الصلاة لكل هذا العدد الضخم من أفراد الجيش العثماني، ولما عرض السلطان ورجال الدولة الأمر على شيخ الإسلام "آق شمس الدين" ومن معه من علماء الإسلام أفتوا لهم بجواز تنظيف الكنيسة وتحويلها لجامع يستخدمه المسلمون بعد إزالة الصليب الذي كان يعلو القبة الرئيسية، وبناء مئذنة في أحد أركانه، ثم وضع منبر بصحن الصلاة ودَكّة المُبَلِّغ.
وبالرغم من تحويله لمسجد لم يقترب المسلمون الأتراك من صور عيسى وأمه مريم عليهما السلام الموضوعة في أماكن بارزة من صحن الصلاة الرئيسي وجدار القبة؛ حتى إن الجدران الداخلية والحوائط الجانبية البعيدة عن محراب الصلاة وإتجاه القبلة ما زالت حتى اليوم منقوشاً أو مرسوماً عليها الصليب وبعض الصور والكتابات القديمة المرتبطة بالمسيحية.
وقد نظر العثمانيون لهذا المسجد طوال تاريخهم على أنه رمز للفتح الإسلامي للقسطنطينية ودخول إسطنبول وما بعدها من أراض في اتجاه الغرب لحظيرة الدولة العثمانية؛ ولذا حظي الجامع باهتمام ورعاية السلاطين والباشاوات والأمراء ورجال الدولة العثمانية، وكان المكان المفضل للصلاة وخاصة الصلوات الجماعية .
وبالرغم من امتلاء إسطنبول بعشرات من الجوامع التاريخية الضخمة والجميلة مثل جامع السليمانية، وفاتح، ونور عثمانية، وسلطان أيوب، والسلطان أحمد، ومهرماه سلطان، ويني جامع، وشاه زاده- فإن لجامع آيا صوفيا مكانة مهمة في نفوس المسلمين الأتراك؛ وذلك لارتباطه بالفتح الإسلامي؛ لذا كان المسجد مكان العبادة المفضل لدى الأتراك العثمانيين شعبا وحكاما في المناسبات الدينية الإسلامية في الفترة من عام 1934م.
وقد تناقلت وسائل الإعلام التركية في يونيو عام 2005م خبراً يفيد أن الدائرة 10 بالمحكمة الإدارية بأنقرة رفضت يوم24 من يونيو 2005م السماح بإعادة الصلاة بجامع آيا صوفيا بإستانبول طبقاً لدعوى تقدمت بها جمعية الحفاظ على الآثار التاريخية والبيئة التركية، وأيدت المحكمة استمرار قرار حكومة أتاتورك عام1934م بتحويل الجامع لمتحف سياحي ومنع أداء الصلاة به، معتبرة أن القواعد الواردة إسقاط القرار الإداري نهائياً بعد مرور 70 سنة حتى لو كان محصناً بقرار قضائي في قانون المحاكمات الإدارية لا محل لها في هذه الدعوى
تحياتى.