تـــركـــي
17-07-2022 - 03:15 am
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كتب التقرير اخي العزيز عاشق بيروت والصور البسيطة من عدسة اخوكم تركي واعتذر لقلة الصور فالبركة بالغالي عاشق اللي كتب هذه الرحلة
منتصف شهر ديسمبر عندما اتفقت مع أخي تركي على اللقاء فوق أرض لبنان
.. لم يدر بخلدي أن هذا الإتفاق سيكون نواة لرحلة لازال خيالي يسبح في بحورها بعد مضي قرابة شهرين عن انقضائها
زرت لبنان قبل هذه المرة خمسة عشر زيارة .. تنوعت أوقاتها بين الشتاء والصيف والربيع والخريف ..تنوعت بين السكنى في فنادق الخمسة نجوم والأربع فضلا عن ذوات الثلاث .. صحبت فيها ستة رفاق وزرت خلالها لبنان من صيدا إلى عكار ساحلا وجبلا وبقاعا ..0
..أسباب كثيرة ومقنعة جعلتني "مخدوعا" أن لا جديد في رحلتك السادسة عشر أيها العاشق لأرض لبنان
..يوم الأربعاء المصادف لأول أيام عيد الأضحى المبارك توجه تركي بحفظ الله إلى بيروت على متن طيران الشرق الأوسط
..أرسلت له برسالة نصية مطمئنا عليه فأخبرني أن كل شيء على مايرام وأنه بانتظاري
..الحمد لله فقد كان من المهم بالنسبة لطالبي السلوى مثلنا أن يكون الجو العام في لبنان هادئا لايُعكر صفوه اي شائبة أمنية أو سياسية
حين شددت الرحال يوم الجمعة متجها إلى مطار الملك عبدالعزيز جاءتني الرسالة الأولى من تركى يسألني فيها عن ماجرى معي فأجبته فورا أن كل شيء على مايرام وأنا سأكون الليلة في بيروت بحول الله..0
تأخرت طائرتنا كثيرا لدرجة لم يكن من الممكن أن نلتقي أول ليلة فبعثت له برسالة وهو على فراشه أخبره أن موعدنا سيكون غدا بحول الله وأنا ذاهب لتناول العشاء..
صباح السبت دقت ساعة الصفر واجتمعنا في لبنان للمرة الأولى وفي الطريق الجديدة حيث يسكن تحديدا.. 0
كان من الصعب ان أصف شعوري بلقاء اخي تركي في لبنان بالذات فهذا الشاب المهذب الذي عرفته لأول مرة
في شهر رمضان قبل الماضي وتشرفت بلقائه في موسم الحج قبل الماضي مثل لي الشخصية الفارقة خلال رحلة الأيام الستة .. عرفت تركي بصديقي أحمد والشوفير إيلي وقلت له أن افطارنا اليوم يجب ان يكون في الوودن بيكري فوافق على الفور..
اتجهنا صوب الأوتوستراد المؤدي إلى جونية وكان الوودن خير افتتاح .. وأظن افتتاحا فاخرا بهذا الشكل يمثل تمهيدا مهما لمسيرة رحلتنا .. فالوودن عبارة عن متحف وليس مخبزا عاديا وفي الوودن يستطيع المرء أن يقول وهو واثق أنه يتناول إفطارا قل أن تجود بمثله الموائد..
على وقع المنقوشة والشاي بدأنا رسم المخطط لجدول رحلتنا والذي تم الاتفاق أن يكون في أول أيامه صوب اللقلوق .. 0
..طريق اللقلوق يبدأ من جبيل الكسروانية صعودا باتجاه عنايا .. طريق ضيق ..معقد .. ومع ذلك فهو غير ممل ويمر بعدد من القرى والأنهار والمناظر الجميلة منها اهمج
عندما وصلنا إلى اللقلوق لم تكن الثلوج كما توقعتها ويبدو ان شتاء اللقلوق قد تأخر هذا العام رغم أن صنوتها فاريا قد انعم الله عليها بالثلوج والخيرات رغم تقاربهما في الارتفاع ولا اعلم السبب فلست خبيرا في الأرصاد الجوية.. 0
..لم يطل مكوثنا هناك حيث كان السكون يلف المكان لدرجة الإزعاج فلسنا هنا يا لقلوقنا لننظر في عبوسك أمام زوارك
قررنا خوض الصعب وأن لا يضيع يومنا سدى فاتجهنا مباشرة صوب فاريا ولكننا يجب أن ننزل من اعالي اللقلوق إلى أسفل الوادي ومن ثم سنصعد باتجاه باسكنتا قبل أن نأخذ طريق فاريا ..
كانت الرحلة طويلة وشاقة لكنها ماتعة فنحن لم نترك منظرا صادفنا دون ان ترصده كاميرا أخينا تركي .. أما الجو فكان باردا تنخفض حرارته كلما ارتفعنا حتى وصلت الحرارة لدرجة ونصف في فاريا ونحن لازلنا في فترة النهار..0
وصلنا فاريا قرابة الثالثة عصرا .. وفي فاريا ينسى المرء تعبه بل أنه يستطعم تعبا اوصله إلى الجنة البيضاء "عيون السيمان" .. 0
لم يكن بالإمكان ممارسة أي نشاط لهذا اليوم الأبيض فالوقت ليس ملائما لكن الوعد يا فاريا بعد ثلاثة ايام..
طلبنا قهوتنا وارتشفناها ونحن نتأمل في ملكوت السموات والأرض "ربنا ماخلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار" ..0
تركنا المكان بعد حوالي ساعة ونصف ونزلنا باتجاه ساحة فاريا فطلب تركي من الشوفير أن يتوقف أمام صاج المناقيش ومعك الحق أبا صالح فكم مرة في العمر سيُكتب لنا أن نعبر هذه الساحة وفي الشتاء بالذات؟
لم ينتهي يومنا بعد فقد كان يوما تاريخيا بالفعل في مسيرتي مع السفر عموما ولبنان خصوصا .. فقد تحدثت مع تركي وأحمد عن جمال حريصا ليلا وأنها سحرتني أكثر من حريصا النهار .. سمع السائق عبارتي هذه وفجأة بدون احم أو دستور توجه بعربته باتجاه حريصا حتى دون أن يستشيرنا وحسنا فعلت يا إيلي فأنا أحب هدوءك وتركيزك كما أحب تماما نباهتك وذكاءك .. لم يقصر معنا إيلي ..أخذنا في كزدورة رائعة في حريصا وماجاورها من درعون إلى معراب .. الجو في حريصا مختلف تماما عن بيروت وجونية ..
تركي يحب هذه الأجواء وأحمد سرح بخياله بعيدا لدرجة حدثني فيما بعد أن هذا المشوار هو الأجمل خلال سفره ..أصر إيلي أن يضيفنا في بيته الجميل الذي يقع على مطل خليج جونية .. بصراحة يا إيلي بعثت في قلوبنا الألم ونحن نتأمل المكان الذي تسكن فيه .. حيث الطبيعة والمطل الجميل والجو البارد والهدوء والهواء النقي فمالذي بقي؟
شربنا القهوة وتناولنا الحلوى والفواكه عند إيلي وخرجنا ونحن نشكره على حسن ضيافته واتجهنا نبحث عن مكان نقضي بقية يومنا فيه "لازلنا نطمع بمزيد من المتعة رغم كل التعب"..0
كان العشاء اليوم مكملا ليومنا التاريخي ففي مطعم بينكي وعلى مقربة من فاكهة الشتاء وفي موقع مطل على جونية من الأعلى كان عشاؤنا أيضا منقوشيا وهو مادعانا لإطلاق لقب يوم المناقيش عليه..0
تسمرنا في أماكننا فأنا في داخلي لا أود المغادرة وأعرف أن أحمد وتركي يشاركانني نفس الشعور لكن التعب والنصب اللذين أصابانا في مقتل جراء هذا السفر الطويل يُحتم علينا انهاء البرنامج عن هذا الحد والتوجه إلى بيروت بعد أكثر من اثني عشرة ساعة من التنقل ..0
وداعا حريصا .. لن أنسى هذا اليوم ماحييت ..
عاشت المناقيش يا تركي..
إلى اللقاء في يوم جديد..