باريس:أي فاتنة أنت؟ من أوراق طالب لغة فرنسية في شتاء باريس2009
بقلم : لا تلوح للمسافر
مقدمة:
ما سأكتبه من أحداث قد وقعت بالفعل
فلم أضف عليها أحداث من وحي الخيال أو مشاعر مبالغ فيها
بل كل ما تقرؤونه قد وقع حقا
أقدم لكم مشاهد من حياتي اليومية، أنقلها لكم يوما بيوم وكما جرت بواقعيتها ولا أبالغ في سردها أو حتى في مشاعرها
هي يوميات لشخص عابر في مدينة باريس...مدينة مليئة بالأشجار والثلج وقليل من المطر.
وكنت اكتبها تارة في غرفتي في الصباح والمساء، ومرة أخرى في محطات المترو وفي أحيان في مقاهي أعتدت الجلوس في بعضها
آمل أن تنال رضاؤكم ولا تبخلوا علي بتعليقاتكم ومداخلاتكم.
كما أود أن أشير إلى أن حقوق طباعتها محفوظة لي ولا أمانع الاقتباس منها لأغراض شخصية, وإليكم البداية.
1
هنا في المطار وبداية التخلي عن كل شيء حتى من بعض العواطف والمشاعر التي كنت أحملها قبل دقائق تجاه كل من حولي...
أحاول وحمامة تحوم في سقف صالة المغادرة أن أتكيف مع مشاعري الجديدة... وشخصيتي المسافرة.
أنجح تارة فأبتسم...أنظر عبر الزجاج أرى طائرة تقلع
أعود إلى الصالة...هادئة كانت وبوابة 25 مزدحمة بالطلاب السعوديين وعائلاتهم المغادرين إلى لندن على عكس بوابة 26 التي يتجمع حولها مسافرون قلائل.
(الصورة من الإنترنت)
يضيع بصري بين وجوه الناس المسافرة وأتساءل:
بأي حال سأكون في مدينة أول مرة أسافر لها؟
وبأي يد ستمدها باريس لذلك القادم الغريب؟
تعود الذاكرة بي دون إرادتي إلى اللحظات الأخيرة وأنا أترك أولادي
فأحزن...أحزن لأني فارقتهم وهم نيام، فلم أرغب أن أوقظهم من نوم هم في حاجة له بعد يوم طويل قضيناه معاً باللعب والضحك في نزهة على أطراف مدينة الرياض.
رأيت وأنا انزل درج منزلنا أن أودعهم بضحكات الأمس ولكني عدلت عن ذلك فصعدت الدرج مرة أخرى...فتحت باب غرفتهم ووقفت عند بابها للحظات
أتأملهم في سكونهم...أعدل الفراش عليهم...وأعود نحو الدرج مرة أخرى... أدير وجهي عليهم في لحظة وداع أخيرة...أودعهم بنظرات ملؤها الحنان ظهر بكل قوة وشعرت به في تلك اللحظات بالذات يسطر على مشاعري أكثر من شيء آخر، أغلقت الباب بهدوء دونهم.
لم يكن فارس معهم، فكان مستيقظاً لأن الزكام أصابه فقررت أنا وأمه أن نجعله يغيب عن المدرسة غدا. لما رآني في الممر وأنا على وشك الخروج مسك يدي وقبلها ثم قال لي:
يبه عطني رأسك.
فقبله وأنا انظر إلى وجهه الساكن والمرض بادي في كل ملامحه.
ما وعيت بهذا موقف يصدمني حتى آخر مكان في مشاعري إلا عندما أعلن المذيع الداخلي عن موعد إقلاع الرحلة.
فشعرت أنني عند التقاء شعورين في لحظة: شعور وداع حميم وشعور بالرحيل.
أخذت استرجع تفاصيل هذا الموقف مرة أخرى وأنا أعيد التأمل في وجه فارس الحزين.
رأيت فجأة كل من أمامي وكأنه يسبح في نهر...
خلعت نظارتي وغطيت وجهي بكفيّ وتركت لعينيّ الحرية تعبران عن مشاعرهما دون أن يراني احد وبصمت، مشاعر تجمع بين محبتي له وخوفي عليه من مستقبل غامض ينتظره.يعيد المذيع الداخلي إعلانه بالمغادرة إلى باريس...الملم حاجاتي..أضع بطاقة صعود الطائرة في يدي..أجر حقيبتي الصغيرة خلفي....موظف الخطوط السعودية يتمنى لي سفراً سعيداً...اجلس في مقعدي المحدد تقلع الطائرة نحو الساعة الرابعة فجراً.
نضيع في الظلام...آكل وجبتي...أحاول أن أنام...أضيع في خيالات
مختلطة لا أعرف بعضها...أتعب في استدراج النوم...انهض من الكرسي...استأذن من الجالس بقربي بالمرور...أتوجه إلى دورة المياه...
أعود منها واسند ظهري على الكرسي...أحاول أن أتكيف مع سريري المؤقت أغمض عيني وأنا أتساءل مرة أخرى: بأي ذراع ستطوقني باريس؟
المضيقة توقظني لتناول الإفطار...وجدتني نمت نحو ثلاث ساعات...نضيع بين طبقات كثيفة من الغيوم والطائرة تهبط ببطء ...امشي مع الجموع الماشية في ممرات مطار شارل دي غول...
تختم موظفة جوازي...ثم ....
اودعكم لأكمل لكم غداً رحلة مليئة بكل شيئ