- القنفذة.. منتجع الهدوء والطبيعة
القنفذة.. منتجع الهدوء والطبيعة
نشأت مدينة القنفذة في بداية القرن الثامن الهجري في العام 709ه وفقاً للمصادر التاريخية الموثقة، وأول إشارة تاريخية ورد فيها إسمها صريحاً كانت سنة 907 هجري في حادثة مقتل قاضي مكة المكرمة أبي السعود بن ظهيرة، وكان يطلق عليها إسم (البندر) بالإضافة إلى إسم القنفذة، ولكنها عُرفت في عهدي الفينيقيين والآشوريين كمحطة لإستخراج الذهب الأحمر من معادن إسناد الجبال القريبة، وكذلك عُرفت في العهد الإغريقي بإسم (أوفير)، ولاحقاً بإسم (قنونا) نسبة لوادي قنونا التي تتربع على دلتا أحد فروعه الرئيسة (مدينة القنفذة) حالياً، ولم يشتهر إسم مدينة القنفذة طبقاً للمصادر وللمراجع التاريخية العلمية الموثقة، إلا بعد القرن التاسع الهجري بعد موت مدينة (حلي بن يعقوب) ومينائها البحري، فإزدهرت تجارة مدينة القنفذة البرية والبحرية، وإتُخذت حاضرة للمناطق المحيطة بها، وأثرت الحياة السياسية والإقتصادية على سرعة إزدهارها الإجتماعي والإداري.
والقنفذة مدينة وادعة تبلغ مساحتها (12) كلم مربع، لها ميناء طبيعي وتطل على ساحل البحر الأحمر من ثلاث جهات، وتقع إلى الجنوب من مكة المكرمة بمسافة (350) كلم، وفي موقع متوسط بين مكة المكرمة ومدينة جدة شمالاً بمسافة (420) كلم، ومدينة الباحة شرقاً، ومدينة جازان جنوباً، وهي تقع عند تقاطع خط طول (41،5) درجة شرقاً وبدائرة عرض (19،8) درجة شمالاً، ومدينة القنفذة هي المركز الإداري لمحافظة القنفذة والتي تضم (10) مراكز إدارية ويتبعها (1100) قرية، وتعتبر حاضرة الجزء الشمالي من تهامة عسير والسراة، والنافذة الوحيدة على البحر الأحمر والمناطق التهامية الداخلية للسروات، والمناطق التهامية الداخلية المتدلية على هذا الميناء العريق من الشرق.
وتتمتع مدينة القنفذة بشواطئ ذات طبيعة بيئية بكر نظيفة خلابة، وتتبعها جغرافياً وإدارياً عشرات الجزر البحرية المشهورة محلياً وعالمياً، أهمها.. محمية جزيرة أم القماري، وجزيرة جبل الصبايا، فيما تتنوع تضاريس المحافظة بين الجبال والسهول، كما تكثر فيها الوديان، مما أعطى المحافظة إمكانيات سياحية طبيعية مميزة، وجيدة لتوفر عدد كبير من المنتزهات الطبيعية من أشهرها منتزه شاطئ حنيش، ومنتزه شاطئ القنع، ومنتزه رأس محيسن،
ووادي حلي، ووادي قنونا، ووادي الأحسبة، ووادي يُبه، وجبل مرشد، وجبل الصبايا، وغيرها.. من الأماكن السياحية الجميلة.
وإزدهار مدينة القنفذة السياسي والإقتصادي عبر التاريخ جعلها عُرضة للعديد من الحملات الحربية التركية والإيطالية والصراعات المحلية والتي أدت تدريجياً إلى إضمحلال نمو وتطور ورفاهية جميع أوجه الحياة اليومية المعيشية المنتعشة في المدينة، حيث إتخذها ولاة مكة المكرمة قاعدة بحرية وإقتصادية ونقطة تحكم في واردات منطقة الحجاز عامة، فيما إتخذها المصريون أيضاً قاعدة حربية في حملاتهم على منطقة عسير وعانت من أحداث مجاعة عام 1079ه.
وعندما دخلت مدينة القنفذة بعد الثلث الأول من القرن الماضي ضمن توحيد المملكة، إستعملت باباً رئيساً لحجاج جنوب الجزيرة العربية وحجاج جنوب شرق آسيا عام 1343ه قبل إزدهار ميناء جدة الإسلامي، ونعمت بالكثير من الرخاء والأمن والآمان والإستقرار، والذي إنعكس بالخير على حياتها الإجتماعية والتجارية، فإنتعشت المدينة وإزدهرت ونمت، وإستقبلت هجرات سكانية من المدن والمناطق المحيطة.
وأثر تطور المواصلات البرية والبحرية والجوية في جميع مدن المملكة على تقدم هذه المدينة الوادعة، وتنوعت مداخيل ومستخرجات حياتها التجارية إلى جانب خدمات مينائها، مما جعلها محافظة على جانب من وظيفتها كحاضرة لضواحيها، لاسيما ما شهدته من تقدم في السنوات الخمس الأخيرة وبشكل ملفت للنظر، ظهر واضحاً من الحركة العمرانية المواكبة وإعادة تنظيم وتعبيد شوارعها المختلفة، إضافة إلى حركة إنعاش وتطوير كورنيش المدينة، وقد أصبحت بسبب هذا التقدم مقصداً مستمراً للزائرين من المناطق الجبلية المحيطة بها وبخاصة في فصل الشتاء الدافئ فيها.
وتتميز محافظة القنفذة بسمو روح الألفة والمحبة والروابط القوية التي تسود الحياة الإجتماعية، وموقع إستراتيجي في منتصف الخط الساحلي الممتد من مدينو جازان جنوباً إلى مدينة جدة شمالاً، وتتميز بشواطئ جميلة ممتدة بطول (250) كلم شرقاً على ساحل البحر الأحمر من الشمال إلى الجنوب، وواسعة بطول (220) كلم شمالاً من الشرق إلى الغرب، وجزر بحرية خلابة، وتتوسطها قناة بطول (500) متر وعرض (100) متر، تقسم المحافظة إلى نصفين تنتشر على جنباتها كافة الخدمات، وتتميز بنوارسها الجميلة، وأسماكها المميزة من العربي، وخيار البحر، والناجل، والطرادي، والروبيان، لذلك تشتهر إقليمياً بأكلة الصيادية، وكبست السمك..
ويبلغ إجمالي عدد سكان محافظة القنفذة نحو (850) ألف نسمة يزاولون مهن الزراعة من النباتات العطرية ذات الجدوى الإقتصادية العالية، والرعي، وصيد السمك، وتربية النحل، والتجارة من الحبوب والجلود والمواد والمعيشية، والخدمات العامة، ويسكن عاصمتها الإدارية نحو (480) ألف نسمة، وتعتلي المرتبة الثالثة في مدن منطقة مكة المكرمة بعد مدينتي جدة والطائف، وتعتبر منتجعاً سياحياً مميزاً صيفاً وشتاءاً خاصة للكثير من أبناء المدن المجاورة من مواطنين ومقيمين وذلك بسبب طقسها الدافئ، ومحط أنظار الكثير من محبي الغوص والرياضات البحرية وعشاق البحر ومحبيه..
وتشتهر مدينة القنفذة أيضاً ببعض الأثار التاريخية القديمة منها.. بقايا مدينة حلي بن يعقوب من القرن التاسع الهجري وتقع جنوب المحافظة في قطاع حلي، وقرية عشم الأثرية من القرن الثامن الهجري وتقع في الشمال الشرقي للمحافظة، والطاحونة وهي مبنى أسطواني إستعمل لطحن الحبوب ويعود إنشائها إلى القرن الثاني عشر الهجري، وبقايا الأسطول العثماني البحري الذي دمرته البوارج الإيطالية في سنة 1327 هجري ويقع أمام الساحل الجنوبي لميناء القنفذة.
أنتهى.
ولكم احترامي وتقديري