عندما اخترت البندقية مدخلا لرحلتي الأوروبية لم أتصور أن هذه المدينة الموصوفة بالعائمة فاتنة حد السحر.. فرغم كل ماقيل عنها وما قرأناه في الكتب وعلى صفحات الجرائد من مديح فيها لم أكن أتوقع أن تجذبني لهذه الدرجة..
فالسياحة في البندقية تختلف عن أي مكان وليس لها مثيل في أرجاء المعمورة .. فهذه المدينة تعتمد على طرق نقل فريدة وعلى مبان قديمة تآكلت بفعل المياه وعلى إرث تاريخي عظيم يندر وجوده في عالمنا اليوم..
ابتعدت عن القارة العجوز لثلاث سنوات وكانت البندقية خير تعويض لهذا الغياب القسري .. غياب كانت له عديد الأسباب أقلها التأشيرة وإجراءاتها المعقدة..
بدأت رحلتي من مطار الملك فهد بالدمام على متن طيران الإمارات وهذا الأخير ليس هو الطيران الذي عرفته في عامي2002 و 2004 وربما أعود لهذه القصة في نهاية التقرير ..
كان مسار الرحلة هو الآتي : الدمام - دبي - البندقية - فينا - دبي - جدة .. ولمن يهمه الأمر فقد كان سعر التذكرة 3265 ريالا على الدرجة السياحية..
توجهنا من دبي إلى البندقية صباحا واستغرقت الرحلة ست ساعات وربع .. عند الظهيرة وصلنا مطار ماركو بولو وكان مطارا صغيرا ومتواضعا.. وكما كان متوقعا فقد استقبلنا الإيطاليون بتجهم كبير وارتسمت ملامح الريب والشك في محياهم كما هي العادة مع كل من هو مسلم.. وبعد أن انتهينا من اجراءات الدخول وتفتيش الحقائب غادرنا صالة المطار بدون أن نصوره وذلك خوفا من المساءلة ..
لايوجد في الخارج خدمة التاكسي ولا الباصات بل خدمة القوارب والعبارات وفوجئنا بارتفاع كلفة المواصلات الخاصة حيث تبلغ تكلفة المشوار حتى ساحة سان ماركو 90 يورو ولذا لم نتردد باستخدام المواصلات العامة والتي تكلف الفرد الواحد مبلغ 12 يورو وهذا منظر للمرفأ..
كان المشوار صعبا وشاقا بسبب طول الوقت حيث استغرق بنا الوصول للساحة أكثر من ساعة ونصف لأن العبارة تتوقف عتد العديد من المحطات قبل الوصول للسان ماركو..
وابتدأ المشوار على بركة الله.. وبالمناسبة كانت الأمواج العاتية قد سببت لنا بعض الذعر لكن الله سلم..
وبدأت بعض المحطات بالظهور..
وهنا صورة لبعض المباني ويُلاحظ قدمها..
ولمتابعي الكالشيو الإيطالي هل عرفتم هذا المكان..؟!
نعم إنه ملعب نادي فينيسيا أحد أكثر ملاعب العالم مللا لكنني كنت مجبرا على متابعة المبارايات المقامة فيه ذلك الوقت حينما كان الفارو ريكوبا يلعب مع فينيسيا قبل سنوات..
وهنا تبدو ساحة سان ماركو أمامكم على بعد ربع ساعة ..
وهنا نقترب أكثر فأكثر حيث تتضح معالم الجزيرة..
دهشت كثيرا عندما نزلت من العبارة فقد كانت الحشود البشرية رهيبة بمعنى الكلمة .. كثافة في عدد السواح لك أشهد لها مثيلا واختلاط الألوان والأعراق يثير الإعجاب بالفعل..
تشكل الجسور المائية شرايين الحياة هناك وتربط أوصال الجزيرة بعضها ببعض ومن العجيب أنها تستخدم للتوصيف بالعدد كأن يُقال لك أن المكان الفلاني يقع بعد أربعة جسور على اليمين ومن ثم جسرين على الشمال!!..
وهذا منظر لأحد الجسور..
وهنا يبدو المنظر من الجهة المقابلة لنا..
وصلنا بمعيتكم لساحة سان ماركو الشهيرة وهذه هي أولى المشاهد التي استقبلتنا..
هذه كنيسة سان ماركو التي تم بناؤها في القرن الحادي عشر أي قبل الف عام ..
وهذا المسرح الرئيس في الساحة حيث تقام عليه الاحتفالات والمهرجانات ليلا والحضور ليس مجانيا بل يتم تسوير المكان بالأشرعة ويُطلب ممن يريد الحضور شراء التذكرة..!!
بحثنا عن فندقنا المسمى سان ماركو هوتل وتوقعت أن أصل إليه بسهولة لكنني صدمت عندما سألت عنه أكثر من عشرة شخاص من رجال الأمن المتواجدين بالساحة وبعض أصحاب المحال ولكن لا أحد يعرف هذا الفندق القابع في الساحة نفسها رغم أن العنوان موجود في البروشور والسبب كما قيل لي أن هناك العديد من الفنادق المسماة بسان ماركو!!
وصلت لأحد المحلات ووجدت فتاة ومعها كتاب لتعليم اللغة العربية وما إن شاهدت سحنتي حتى فرحت كثيرا وأصبحت تخاطبني ببعض الكلمات التي تعلمتها وعندما سألتها عن الفندق عرفت مكانه ودلتني عليه أسأل الله لها الهداية والصراط المستقيم ..
وصلت الفندق وكان أقل من عادي رغم أنه الأكثر كلفة في رحلتنا هذه لكن المكان ولاغير المكان سبب هذه الكلفة..
في الجزء الثاني من رحلتي الإيطالية سنأخذكم في جولة في شوارع وأزقة البندقية آمل أن تنال رضاكم قبل أن أستودعكم الله متوجها للبوابة النمساوية الشقيقة لمتابعة باقي تفاصيل الرحلة..
دمتم بخير..
في انتظار التكمله
فلاتبطي علينا
تحياتي
اختك
الامارات