الأندلسي الصغير
06-02-2022 - 03:10 am
تقع آبلة على بعد 112كم شمال غرب مدريد وتعلو 1.128 م عن سطح البحر وهي ذات هواء جبلي منعش ومحاطة بسور من طراز أسوار القصص الخيالية يبلغ طوله 2كم ويرجع بناؤة للقرن الحادي عشر حيث يحتضنك بكل عظمة المنتصر ونشوة العائد من سفر محمل بمشاعر الشوق والحنين. تلك الأسوار تحكي دموع العابرين بصمت الخاشع وهمس العاشق. سفر للماضي الأليم المحمل بمشاعر الغربة التي عاشها العربي في تلك الأرض باحثا عن ذاته مسافرا في نواحيها ينشد الحلم الذي استحال أوراقا من الزيتون تقص صنوفا من الحكايات تخالها ضربا من الخيال.
أحاطت هذه الأسوار بهذه المدينة قرونا عديدة وألبستها رداء من الشموخ والكبرياء ... ينتابك إحساس بالعظمة والجلال حاولت الاقتراب منها على مهل ... رغبة جارفة تشدني إليها .. أحاول أن أسجل حضوري على عجل ... اهمس لأحد الأصدقاء أن يقترب مني ... يلوح بيده لا أستطيع ... تجتاحني مشاعر الرهبة ... أرتد عاشقا عذريا يهيم بمعاني العشق والغرام لسانه الأمل و حاله الخجل.
جمعت قواي و لممت شظايا روحي ... كانت الشمس تبدو عابسة حيث أخذ السحاب المسافر يغطي وجهها بينما كانت شجرة النخيل على الضفة المقابلة للشارع تمد يديها كأم عاد إليها وليدها بعد طول غياب.
يقال أن الرومان هم من بنوا تلك الأسوار وأن آبله حافظت عليها طوال تلك القرون لتحكي لنا قصة البقاء المستحيل ... بقيت هي و رحل العربي إلى الصحراء حاملا معه أحزانه وأحلامه وحنينه لليالي الوصل.
لا أكاد أذكر من تلك المدينة إلا تلك الأسوار ... لم يكن لدي الوقت الكافي لدخولها والتجوال فيها ولكن مازالت ذاكرتي المرهقة ترحل بي إليها على زورق من خيال شفاف.
الصور : من اختياري
لا أستطيع إلا أن أصمت أمام هذا الأبداع كما يقولون ( الصمت في حرم الجمال جمال)