المغرب المسافرون العرب

أكتشف العالم بين يديك المسافرون العرب أكبر موقع سياحي في الخليج و الوطن العربي ، يحتوى على أكبر محتوى سياحي 350 ألف استفسار و نصائح عن السفر و السياحة, 50 ألف تقرير سياحي للمسافرون العرب حول العالم و أكثر من 50 ألف من الاماكن السياحية و انشطة وفعاليات سياحية ومراكز تسوق وفنادق، المسافرون العرب هو دليل المسافر العربي قبل السفر و اثناء الرحلة. artravelers.com ..
maxking80
05-07-2022 - 05:53 pm
  1. منظر عام لمدينة مراكش

  2. نبذة تاريخية

  3. أحد أسواق مراكش

  4. المعالم الحضارية

  5. الأسوار القديمة المحيطة بمدينة مراكش

  6. أحد الحصون بمدينة مراكش

  7. المكانة العلمية


مراكش

منظر عام لمدينة مراكش

عاصمة المغرب قديما، وثالث أكبر مدينة بعد الدار البيضاء والرباط، تقع في وسط المغرب عند منطقة السهول المدارية، إلى الجنوب من الدار البيضاء، وإليها تنتهي الطريق الحديدية الآتية من الرباط عبر الدار البيضاء.

نبذة تاريخية

يعود تاريخ مراكش إلى بداية قيام الدولة المرابطية حيث كانت بلاد المغرب الأقصى جنوبي وادي أم الربيع أراض واسعة دون تنظيم إداري أو مراكز حضارية ذات شأن، فيما عدا مجموعة واحات تافللت وأكبرها سجلماسة. وكانت تلك النواحي تعرف في جملتها ببلاد السوس. وكان أبو بكر ابن عمر قد تبين بعد أن دخل وادي تنسيفت واستقر فيه أن هذا الجزء الشمالي من أملاكه غير آمن أو محصن، وأنه يحتاج إلى قاعدة تكون حصنا للصنهاجيين الصحراويين الذين كانوا مهددين بالأخطار من الشمال من ناحية برغواطة، ومن الشرق من ناحية بني زيري أصحاب قلعة بني حماد. كما إن قبيلة مغراوة الزناتية كانت تبسط سلطانها على مدينة فاس وحوض نهر سبو.
وقد قضى المرابطون الأول على سلطان الزناتيين في سجلماسة، وتقدموا نحو بلاد مغراوة، وكان الصراع بين الجانبين قادما ولا ريب، ومن ثم كان لا بد لأولئك الصحراويين من قاعدة يرتكزون عليها. تلك كانت الأسباب التي حفزت أبا بكر ابن عمر على التفكير في إنشاء مراكش أو مروكش، ومعناها سور الحجر أو مدينة الحجر وهو القاعدة الحصينة، وقد اختار أبو بكر ابن عمر لمدينته أو قاعدته موقعا إلى جنوب السفوح الشمالية لجبال الأطلس وسط سهل يشقه المجرى الأعلى لنهر تنسيفت. وكانت الأرض منازل لقبيلتين من قبائل مصودة وهما أوريكة وإيت إيلان أو هيلانة، وكان لكل منهما أغمات أو موضع مسور يستعمل ملجأ للقبيلة ومقرا للنساء والأولاد ومخزنا للماشية والسلاح.
وتنازعت القبيلتان فكل منهما تريد أن تكون المدينة في أرضها، وانتهى الأمر بإنشاء المدينة في الأرض التي تجاور القبيلتين، وحلت محل أغمات أوريكة وبقيت أغمات هيلانة التي تحولت فيما بعد إلى ضاحية لمدينة مراكش.
وقد بدأ أبو بكر ابن عمر في بناء مراكش عام 451ه / 1060 م، وأتمها يوسف بن تاشفين الذي تولى رئاسة المرابطين، وكانت مراكش في أرض صحراوية منخفضة، فحفر لها يوسف الآبار، وجلب إليها المياه، ولم ي كن يحيط بمراكش من الجبال سوى جبل صغير كانت تقطع منه الأحجار التي بنى منها يوسف قصره، أما عامة بناء المدينة فكان من الطوب اللبن. ويعرف السهل الذي تقوم فيه مراكش باسم الخور، وهو سهل ينحدر انحدارا بطيئا نحو مجرى تنسيفت الذي على بعد خمسة كيلو مترات شمالي المدينة إلى الشمال الغربي منها، حيث يقوم تلان متوسطا الارتفاع هما جليز أو إنجليز وقرية وادي العبيد. والقسم الحديث من مراكش الذي أنشئ أيام الفرنسيين يسمي جليز ويمتد تل جليز إلى سور المدينة القديمة، وإلى شمال البلد تقوم غابة النخيل المشهورة التي تغطي (13000) هكتار، وتضم (100000) نخلة، وتلك هي أعظم غابات النخيل في المغرب الأقصى شمالي الأطلس.

أحد أسواق مراكش

وما كاد بناء هذه المدينة يتم حتى تحولت إلى مركز من مراكز الحضارة والإسلام في جنوبي المغرب الأقصى، وقد كان لها أثر سياسي وحضاري في الناس في منطقة وادي تنسيفت. وقد تطورت مراكش تطورا سريعا خلال العصر المرابطي فأنشئت فيها المساجد والأسواق، وقد اعتمدت في الحصول على حاجتها من الماء على مجار تحت الأرض أنشأها عرب أندلسيون، وظلت مراكش معتمدة على تلك المجاري زمنا طويلا.
وظلت مدينة مراكش معسكرا حربيا، وقاعدة عسكرية لقوات المرابطين إلى أن حاصرتها قوات الموحدين بقيادة عبد المؤمن بن علي عام 541ه / 1147 م، فنزل بجبل إيكليز وهناك ضرب عبد المؤمن القبة الحمراء وبنى مسجدا وصومعة طويلة يشرف منها على مراكش. ثم زحف الموحدون بجموعهم إلى مراكش فوضع عبد المؤمن من الكمائن عند مدينته، فخرج جيش المرابطين لملاقاة الموحدين فتظاهر هؤلاء بالهزيمة ثم خرجت الكمائن على فرسان المرابطين وسحقتهم سحقا، وقتل ما لا يحصى عدده، واتبع الموحدون فل المرابطين بالسيف إلى الأبواب، وأحكموا عليهم الحصار، وطال الحصار على أهل مراكش ثم ما لبث أن دخلها الموحدون بعد أن ماتت فانو بنت عمر بن بينتان وكانت تقاتل في زي الرجال، واستسلم الأمير وجملة من الأمراء، فنقلهم الموحدون إلى جبل الجليز حيث قتلهم أبو الحسن بن واكاك.
وظلت مراكش عاصمة للموحدين حتى أيام الواثق بالله أبي العلاء إدريس المعروف بأبي دبوس الذي تحالف مع بني مرين ليتولى الخلافة نظير تخليه لهم عن مدينة مراكش ، فانتهز أبو دبوس فرصة خلو الأسوار من حراس ها وحاميتها وتسور مراكش من باب أغمات ودخلها على حين فجأة وقصد القصبة فدخلها من باب الطبول، ففر المرتضى من مراكش إلى آزمور حيث مات قتيلا عام 665ه / 1267 م. لكن أبا دبوس نكث بعهده لبني مرين فاضطر الأمير أبو يوسف يعقوب المريني إلى مهاجمة مراكش عام 668ه / 1270 م، وانتهى الأمر بمقتل أبي دبوس أمام أسوار مراكش التي دخلها جيش بني مرين عام 668 هجري / 1270 م. وقد ضعف شأن مراكش في عصر بني مرين لاتخاذهم مدينة فاس حاضرة لهم فتأثر عمرانها بذلك، وانخفضت مكانتها السياسية.
ولكن مراكش استعادت مكانتها في عصر الأشراف السعديين كعاصمة للبلاد في الفترة (917-1069ه / 1511 -1659م) وخصوصا في عصر السلطان أحمد بن محمد السعدي الملقب بالمنصور الذهبي(986-1012ه / 1578 -1603 م) الذي أمهرها بأروع الأبنية التي أعادت ذكرى عصور الموحدين.
وبعد أن دخل العثمانيون تونس والجزائر حاولوا دمج مراكش ضمن أقاليم الدولة العثمانية. ونتيجة لذلك ظل المغرب طيلة خمسة قرون وحتى أوائل القرن العشرين في منأى عن السيطرة العثمانية والأوروبية على الرغم من وقوع بعض الجيوب الساحلية منه في يد البرتغاليين والأسبان ونتيجة لذلك ظل للمغرب طابعه ومظهره كما ظلت أوضاعه ثابتة في حين كان العالم العربي في مجمله تحت الحكم العثماني.
ولكن ذلك لم يستمر طويلا فقد تغلغل النفوذ الأسباني في مراكش بموجب معاهدة 1277ه / 1861 م التي عقدها السلطان محمد بن عبد الرحمن مع أسبانيا، يضاف إلى ذلك أن مراكش تعرضت للتغلغل الأوروبي في أعقاب الوحدة الألمانية عام 1286ه / 1870 م. وذلك عندما بدأت ألمانيا تعاني من مشكلة عدم تملكها للمستعمرات أسوة ببريطانيا وفرنسا حتى تستطيع تصريف منتجاتها، والحصول على المواد الخام اللازمة لصناعتها وإنشاء أسواق لها فيها ومن هنا بدأت ألمانيا تتطلع للبحث عن مستعمرات لها في خارج أوروبا ونتيجة لذلك بدأ التنافس بينها وبين فرنسا من أجل مراكش فتصدت فرنسا لهذه المحاولة وذلك بربط نفسها بعدة اتفاقات مع بعض دول أوروبا فعقدت اتفاقا مع إيطاليا على أن تطلق إيطاليا يد فرنسا في مراكش مقابل أن تطلق فرنسا يد إيطاليا في طرابلس وبرقة. كما عقدت فرنسا اتفاقا مع أسبانيا عام 1317ه / 1900 م اتفقتا فيه على اقتسام الأجزاء الجنوبية من مراكش فتحصل أسبانيا على منطقة الريف التي تشمل الشريط الساحلي من مراكش المقابل للساحل الأسباني عند جبل طارق بينما تحصل فرنسا على ما تبقى من مراكش.
وفي أوائل عام 1324ه / 1906 م اتفق على عقد مؤتمر دولي في بلدة الجزيرة الخضراء لدراسة الأوضاع في مراكش. وفيه تم الاتفاق على الاعتراف بسيادة مراكش وتقرر إنشاء قوة بوليسية من فرنسا وأسبانيا للمحافظة على الأمن في مراكش.
وبعد نجاح فرنسا وأسبانيا في ضرب المقاومة المسلحة في المغرب لجأ الوطنيون إلى النضال السياسي فبرزت أحزاب عديدة مالت إلى اللين في مطالبها، كما تأسست صحف عديدة للدفاع عن مصالح الوطن فصدرت في باريس مجلة "المغرب" وفي فاس صدرت جريدة "عمل الشعب" بالفرنسية وجريدة الحياة، كما أنشئ أول حزب مغربي باسم كتلة العمل المغربي في أواخر عام 1354ه / 1934 م، كما شكل حزب آخر في منطقة الاحتلال الفرنسي برئاسة علال الفاسي وتولى هذا الحزب قيادة الحركة الوطنية في مراكش في أواخر الثلاثينات من هذا القرن، وظل كذلك حتى نالت البلاد استقلالها.

المعالم الحضارية

مدينة مراكش من أعظم مدن بلاد المغرب، كثيرة الجنان والبساتين، ويخرق خارجها الخلجان والسواقي، ويأتيها الأرزاق من الأقطار والبوادي، مع ما فيها من جني الأشجار والكروم التي يتحدث بطيبها في الآفاق، والمدينة ذات قصور ومبان محكمة.

الأسوار القديمة المحيطة بمدينة مراكش

الأسوار: تتميز مدينة مراكش بأسوارها التي أقيمت مع نشأة المدينة، فعندما أسس يوسف بن تاشفين مراكش أقام سورا صغيرا يحيط بالمسجد الجامع وبقصبة صغيرة كي يختزن فيها أمواله وسلاحه، وظلت المدينة بدون سور يحيط بها جميعا إلى أن تولى أمير المسلمين علي بن يوسف فشرع في بناء السور حولها من أجل حماية المدينة، فأمر الصناع والفعلة والمهندسين في الحال ببناء السور، فاكتمل البناء في ثمانية أشهر وبلغ جملة ما أنفق على السور ما يقرب من سبعين ألف دينار من الذهب . وقد أضيف إليه وزيد فيه عدد من الأبراج عام 530 هجري / 1136 م حتى أصبحت تحيط بمقابر المدينة.

أحد الحصون بمدينة مراكش

القلاع: اهتم المرابطون بتشييد القلاع والحصون وكانت هذه القلاع والحصون تبنى من الحجر في المناطق الوعرة حتى لا يستطيع الغزاة الوصول إليها في يسر وسهولة، وكان ا لمرابطون يشحنون هذه القلاع والحصون بالأقوات حتى تصمد للحصار مدة طويلة، وكانوا يعهدوا بالدفاع عنها لأحد قواد لمتونة، تعاونه قوة تتألف في الغالب من مائتي فارس وخمسمائة راجل. ومن أشهر هذه القلاع قلعة تاسغيموت التي بناها ميمون بن ياسين، وكان يقيم بها حامية مرابطية تتألف من مائتي فارس وخمسمائة راجل لحراسة هزرجة، وتقع على بعد ثلاث كيلومترات جنوب شرقي مراكش.
القصور: مما تتميز به مدينة مراكش القصور الفخمة التي أصبحت مميزة لها، ومن هذه القصور قصر المنصور الذي دام العمل فيه ما يزيد عن عشر سنوات، حيث حشد له الصناع حتى من بلاد الإفرنج، وجلب له الرخام من بلاد الروم فكان يشتريه بالسكر وزنا بوزن. وكان هذا القصر البديع به من القباب المتقابلة العالية، والفرش الحرير، والأستار المخوصة بالذهب. وكذلك قصر الحجر نسبة إلى جبل إيجليز القريب من مراكش ومنه اقتطعت الأحجار المستخدمة في بنيانه.
الحدائق: بمدينة مراكش بساتين كثيرة من أشهرها بستان المسرة الذي أنشأه عبد المؤمن بن علي أبي الخلفاء بضاحيتها، وهو بستان عظيم طوله ثلاثة فراسخ، فيه من كل فاكهة تشتهى، وجلب إليه الماء من أغمات زيادة على ما استنبط له من العيون الكثيرة، وأنشأ فيه صهريجا واسعا كالبحيرة كان يمر بها الجنود وشيوخ الموحدين على العوم والتجديف.
البيمارستانات: بنى أبو يوسف يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن بمدينة مراكش بيمارستانا عظيما، وذلك أنه تخير ساحة فسيحة بأحسن موضع في المدينة وأمر البنائين بإتقانه على أحسن صورة، وأتقنوا فيه من النقوش البديعة والزخارف المحكمة. وأمر أن يغرس فيه من جميع الأشجار والمشمومات والمأكولات، وأجرى فيه مياها كثيرة تدور على جميع البيوت، زيادة على أربع برك في وسط إحداها رخام أبيض، ثم أمر له من الفرش النفيسة من أنواع الصوف والكتان والحرير والأديم وغيره ما يزيد عن الوصف، وأجرى له ثلاثين دينارا في كل يوم برسم الطعام وما ينفق عليه خاصة خارجا عما جلب إليه من الأدوية.
وأقام فيه من الصيادلة لعمل الأشربة والأدهان والأكحال. وأعد للمرضى ثياب ليل ونهار للنوم من جهاز الصيف والشتاء، فإذا نقه المريض فإن كان فقيرا أمر له عند خروجه بمال يعيش به ريثما يستقل، وإن كان غنيا دفع إليه ماله وتركته. ولم يقصر الع لاج فيه على الفقراء دون الأغنياء بل كل من مرض بمراكش من غريب حمل إليه وعولج إلى أن يستريح أو يموت. وكان كل جمعة بعد صلاته يركب ويدخله يعود المرضى ويسأل عنهم.
المساجد: تنتشر بمراكش العديد من المساجد من أشهرها جامع الكتيبة بناه الأمير عبد المؤمن بعد أن تبين له أن المسجد الأول لم يشيد في الاتجاه الصحيح فأهمله وأقام المسجد الحالي، وهو عبارة عن مبنى ضخم المساحة، وهو مستطيل الشكل، جانبه الشمالي المشترك مع الجدار القبلي لجامع الكتيبة الأول منحرف إلى الشمال الشرقي. وتصميم الجامع هو تطور منطقي ومتناسق لتصميم جامعي تازي وتيمنلل، فعلى جانبي بلاط المحراب نجد عددا من البلاطات الأربعة الأخيرة من كل جانب منهما أقل في الاتساع من البلاطات الأربعة الموزعة على يمين ويسار بلاط المحراب مباشرة، ويعلو أسكوب المحراب خمس قباب: واحدة أمام المحراب، واثنتان على كل من الأسطوان الرابع التالي على يمين أسطوان المحراب ويساره، ثم قبتان يعلوان الأسطوانين المتطرفين في نهاية أسكوب المحراب شرقا وغربا. ويفصل بلاطات الجامع التسعة عن الزيادة الجانبية دعائم مصلبة الشكل، تحدد تخطيطا لبيت الصلاة. كما تضاعف عدد البلاطات المجاورة لبلاط المحراب تضاعف عدد الأساكيب كذلك، وزاد بذلك اتساع بيت الصلاة، والدعائم التي تحمل القباب الستة بأعلى البلاطة الوسطى، والقباب الخمسة بأعلى أسكوب المحراب، والدعائم التي تفصل الصحن وأروقة المجنبتين الشرقية والغربية مما يلي الصحن عن بيت الصلاة، كلها مصلية الشكل باستثناء الدعائم الملتصقة بجدار القبلة فقطاعها مستطيل الشكل.
أما الدعائم التي تنتهي بها صفوف البلاطات فأنصاف مصلبة. وأبواب الجامع في الجهة الشرقية مبنية بالآجر أما الأبواب فتختلط فيها قطع الحجارة بالآجر. وشيدت القباب القائمة على أسكوب المحراب بقطع الحجارة، والجدار الشرقي للجامع مشيد بقطع حجرية مصفوفة تصفيفا رائعا، وينتهي البناء من أعلى بصفوف من الآجر، أما دعائم بيت الصلاة والصحن والعقود فمشيدة بالآجر.
ومئذنة الجامع تنتصب في الركن الشمالي الشرقي من الجامع، بين الجامع القديم والجامع الحالي، وتعتبر هذه المئذنة بحق من روائع فن العمارة الإسلامية، وزخارف المئذنة تختلف من بنائها بقطع الحجارة غير المهذبة، وزخارف المئذنة تختلف من وجه إلى آخر، وتت حكم الفتحات والنوافذ التي زودت بها أوجه المئذنة في توزيع الزخرفة. وتتنوع العقود التي تزدان بها هذه الفتحات تنوعا يشهد بعبقرية الفنانين الذين تولوا بناءها وزخرفتها، فمن عقود منفرجة إلى عقود مفصصة إلى عقود مقربصة، إلى عقود تتقاطع فيما بينها مؤلفة في بيت المؤذن شبكة من المعينات تشبه نظائرها في مآذن مساجد القصبة والرباط وإشبيلية. ويبلغ ارتفاع المئذنة (67) مترا حتى أعلى التفاحات الثلاثة المتوجة لقبتها، وطول كل جانب منها (12) مترا.
ويعتبر المنبر من أعظم المنابر الأثرية التي وصلت من عصر المرابطين، ويمتاز هذا المنبر بما فيه من ثروة عظيمة من الزخرفة والحشوات هنا تختلف عن حشوات المنابر المرابطية الأخرى بأن معظمها مثلث الجوانب، والسدايب التي تحبس هذه الحشوات في مكانها لا يزال بها آثار التطعيم بالعاج فهو أول مثال للمنابر المطعمة بالعاج، كما يتجلى فيه أعمال النجارة الفنية والزخارف النباتية الرائعة، وهي تعتبر من أجل المنابر شأنا بعد منبر المسجد الجامع بقرطبة، وفي سقف هذا المنبر بقايا من حشوات خشبية ذات أشكال مختلفة تزدان بعناصر نباتية رائعة من النوع المعروف بالأرابسك.
وقبل أن يعبر المنصور المجاز إلى الأندلس كان قد أمر ببناء قصبة مراكش بإزائها وصومعته، فلما عاد من الأرك وجد كل ما أمر به من البناء قد تم. وتصميم جامع القصبة بمراكش غريب الشكل، فصحنه عظيم الاتساع بالنسبة لبيت الصلاة الذي يتكون من 11 بلاطة عمودية على جدار القبلة تخترقها ثلاثة أساكيب، ويقوم على أسكوب المحراب ثلاث قباب ، وحدة أمام المحراب، والأخرتان على الأسطوانتين المتطرفتين منه، ويدور حول الصحن رواق في سعة بلاطة، ويختلف هذا المسجد عن غيره من مساجد الموحدين في أنه يحف بصحنه إلى اليمين واليسار صحنان آخران يفصلهما بلاط مواز لجدار القبلة، فيصبح حول الصحن الكبير أربعة صحون صغيرة تتوسطها فسقيات مستديرة مغصصة. ومحراب الجامع يقوم على عضادتين ترتكز كل منهما على عمودين، وجوفة المحراب تعلوه قبوة مقرنصة، وقد جدد الأشراف السعديون بناءها.
ومئذنة الجامع ليست في كبر صومعة الكتيبة، وتزدان الصومعة ابتداء من ارتفاع السطح بشبكة زخرفية من الفصوص المتقاطعة، مؤلفة شبكة رائعة من زهرة الزنبق، وينتهي الجزء الأعلى من الصومعة بأفريز عظيم من الزليج، ويعلو المئذنة بيت للمؤذن يسقفه ق بة مفصصة.
وتتميز مراكش أيضا بالقباب والتي منها قبة البروديين وهي من أروع ما أنتجه الفن المرابطي، وتقع بالقرب من الجامع الذي بناه أمير المسلمين علي بن يوسف بمراكش، وهذه القبة عبارة عن مبنى مستطيل الشكل مبني بالحجر الآبد تتوج جدرانه من الخارج شرافات مدرجة ويغطي جزءه الأوسط قبة صغيرة مبنية بالآجر ومقواة من الخارج بعروق تقوم على قاعدة مربعة عرض ضلعها 3.80 م. تبرز بداخلها ثمانية عقود متقاطعة تشبه في تصميمها عقود قبة مماثلة في بيت الصلاة بجامع قرطبة وترسم بتقاطعها حلقة مثمنة تعلوها قبة صغيرة مفصصة تكاد تشبه القبة التي تشغل نفس المكان من النموذج الأندلسي، وتتحلى معظم الرقاع المحصورة بين عقودها بزخارف نباتية رقيقة من الجص تدور بأشكال محارات.
ومنها قبة دار الوضوء في مسجد أبي يوسف وتعبر هذه القبة عن الحيوية الفائضة لفن العمارة المولع بالتعقيدات، إذ نرى تكوينا آخر من عقود متقاطعة إلا أنها تختلط فيها الخطوط في تصميم مربع الشكل، وينغلق هذا التكوين بأفريز مثمن الأضلاع يحدد طبقة أخرى من العقود المنفردة، وتغطي التكوين قبة ذات ثمانية فصوص مستديرة بين أخرى صغيرة مدببة، ولا يزيد طول القاعدة على 3.80 م مع مفارقة شديدة في اتساقها بالنسبة إلى الارتفاع، والبناء من قطع الآجر المكسوة بالجص وقد حفرت فيه الفجوات بين العقود مؤلفة توريقات شبيهة بتلك التي في جامع تلمسان حول محارات كبيرة مع زخرفة مثالية من وريقات مخططة.

المكانة العلمية

كانت المساجد في مراكش هي الدعامة الأولى في نشر العلم بين الناس، وقد هيأ المرابطون المناخ الملائم لازدهار العلوم والآداب وذلك في الجامع الكبير بمراكش حيث جلبوا إليه علماء الأندلس للتدريس فيه، وكان الأمير يوسف بن تاشفين محبا للعلم والعلماء مما دعاه لتقريبهم من مجلسه فكان بلاطه لا يخلو من عالم أو فقيه أو أديب، وكان لا يقطع أمرا في مملكته دون مشاورة الفقهاء، كل هذا كان سببا في اغتراف مراكش من ثقافة الأندلس وعلومها.
وفي عهد الموحدين اتخذوا مراكش عاصمة لهم فشهدت عهدا ثقافيا جديدا يختلف كثيرا عن عهد المرابطين، إذ كانت الثقافة المرابطية في عمومها قادمة من الأندلس والقيروان، أما الثقافة الموحدية التي وضع أساسها المهدي بن تومرت فقد طبعت بطابع مغربي، ولم تكتف الدولة الموحدية بتهيئة الجو للث قافة والعلم، ولكنها دفعت بالمغرب إلى نهضته الثقافية الشاملة، وذلك ترحيبا بالقادمين من الأندلس ومن المشرق، وقد عرف رجال هذه الدولة بتقريبهم للعلماء، ورعايتهم للعلم، وليس أدل على نهضة المغرب العلمية في تلك الفترة من وفرة العلماء والمؤلفات في أغلب فروع المعرفة، وساعد على ذلك شيوع الرحلة في طلب العلم، وقد استنها في الخلافة الموحدية ابن تومرت الذي رحل إلى المشرق وعرج على الإسكندرية، ولقي هناك الطرطوشي.
وقد ازدهرت الحركة الثقافية في عهد عبد المؤمن بن علي بفضل تشجيعه للعلم والعلماء وغدا قصره مركزا ثقافيا يعج بالعلماء فقد كان عالما بمقادير العلماء ووقف الحفاظ لحفظ كتاب الموطأ، وبذلك أصبحت قصور الموحدين بمثابة مراكز ثقافية لنشر العلم والمعرفة، وازدهرت الثقافة في عصرهم.
الرباطات: تعد الرباطات من أهم مراكز الثقافة في بلاد المغرب، لما كانت تقوم به من دور هام في هذا المجال. والرباط هو ثكنة تتكون من صحن ومن عشرات الغرف الانفرداية حوله، ومن الطبقات التي تعلو جوانبه، وتنتهي بجامع كبير وصومعة مستديرة للأذان، وخصوصا لمراقبة السواحل من غارات الروم، وإقامة العلامات النارية بالليل التي تتناقلها الأربطة أولا بأول من أدنى رباط بسبتة في أقصى المغرب إلى الإسكندرية، والرباط فوق ذلك كله مركز ثقافي لبث العلم فيه احتسابا، هذا فضلا عن أنه معهد صناعة الحبر والرق والكاغد لتوزع على الطلبة بالمجان، ودار استنساخ للمصاحف، ومجامع الحديث وكتب الفقه، فالمؤلفون يحبسون تصانيفهم بخطوط أيديهم على الأربطة، لتكون النسخة الأم التي يرجع إلى نصها الصحيح، وفي كل رباط مكتبة جدارية مفرغة في طاقات من الحائط، ولما كان عدد الأربطة بالمغرب ألفا، فقد كانت هناك ألف مكتبة.
وكانت هذه الرباطات يؤمها العلماء والطلبة من كل حدب وصوب، فكان الإمام سحنون ويحيى بن عمر ومحمد بن سحنون والإمام المازري وغيرهم من العلماء يقضون شهرا، وأحمد بن الجزار القيرواني الذي كان يقرأ الطب ويعالج المرضى في أشهر معلومة من السنة في الرباط حيث يدرسون العلم احتسابا.
المدارس: كانت المدارس تقوم بنفس الدور الذي كانت تقوم به المساجد والأربطة، ففي أيام علي بن يوسف بن تاشفين المرابطي بنيت مدرسة ابن يوسف وقد جددت هذه المدرسة أكثر من مرة حتى أصبحت على ما هي ع ليه الآن، وكان علي يريد لهذه المدرسة أن تعبر عن العنصر المغربي الأصيل علما وفكرا، فلا تكون عالة على فاس أو الأندلس. وكان تأسيس المدرسة عام 514ه / 1120 م، وكان الطلبة يتلقون فيها التفسير والفقه والأصول والنحو واللغة. ويبدو أن تفسير الطبري وموطأ مالك وصحيح مسلم وكتاب العين لسيبويه والإيضاح والمخصص والمحكم ومؤلفات ابن سينا كانت الكتب المعتمدة في هذه المدرسة.
وكان للموحدين أيضا في مراكش مدرسة خاصة فيها آلاف الطلبة الذين كانوا يقرءون كتب المهدي بن تومرت ويتعلمون الفنون الحربية، وكان هؤلاء الطلبة على ثلاث طبقات، فالطلبة أبناء الأمراء


التعليقات (1)
المسافر
المسافر
موضوع جدا رائع أخي maxking80 ، وتسلم على المشاركة الجميلة والجهود الجبارة ، وبإنتظار المزيد...
المسافر


خصم يصل إلى 25%