- اخواني و أخواتي الكرام
- السلام عليكم و رحمة الله و بركاته و بعد ،،،
- الاستيقاظ من النوم
- انتظرت قليلا و إذا بالباب يُقرع ... نعم إنه الفطور اللذيذ ...
- و عجائب الحلويات اللذيذة
- صفة دخول الحمام
- و لا تنسوا شاي الزهورات اللذيذ
الطريق إلى حمام نور الدين بدمشق القديمة مع الصور ...
بسم الله الرحمن الرحيم
اخواني و أخواتي الكرام
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته و بعد ،،،
يسرني اليوم أن آخذكم معي في جولة جديدة ضمن جولاتي الأخيرة في دمشق القديمة حرسها الله تعالى و لا تلوموني فالقلب و ما يهوى و قد أحببتُ دمشقا و هي بحمدلله مدينة طاهرة جميلة مدحها الرسول صلى الله عليه و سلم و سينزل فيها عيسى بن مريم عليه السلام في آخر الزمان ...
لا أحب أن أطيل عليكم في هذه المقدمة و إنما أحببت أن أقدم لكم اليوم رحلة قصيرة قمت بها في سفرتي الأخيرة إلى حمام نور الدين محمود الشهيد رحمه الله تعالى و الكائن في سوق البزورية بدمشق القديمة و قد بني هذا الحمام قبل تسعة قرون فقط و قد كان في دمشق وقتها مائة حمام! و يعتبر هذا الحمام أقدمها و قد أنشئ في عصر السلطان نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي بن آق سنقر رحمه الله تعالى ...
الاستيقاظ من النوم
استيقظت من النوم في صبيحة يوم الجمعة 27-10-2006 و أنا عادتي في الشام أن أقوم مبكرا جدا و لا أعلم سر هذا الأمر و لكني بكل حال أحب صباح دمشق ... التفتُ إلى الساعة ... آه إنها السابعة صباحا ... فتحت شباك الغرفة لأتفحص الجو و أستمتع بمنظر الصباح الجميل...
اتصلت على خدمة الغرف و طلبت فطورا بلديا و معه بعض حبات الفلافل الطازج من محل فلافل المصري القريب من الفندق فقال لي الموظف أن اليوم جمعة و المطعم مغلق!
انتظرت قليلا و إذا بالباب يُقرع ... نعم إنه الفطور اللذيذ ...
بعد الانتهاء من الفطور انشغلت بموضوع الاستحمام استعدادا لصلاة الجمعة و لأن جو الغرفة كان باردا فقد استثقلت أن أعرض جسمي للماء الحار و من ثم أخرج للهواء البارد! فقلت في نفسي: آه وجدتُ الحل ... إنه حمام نور الدين ... استحمام محترم في جو دافئ مع تقرير جميل أخرج به على إخواني رواد هذه البوابة الرائعة
جهزت أغراضي و ثيابي التي سآخذها معي
ثم انطلقت من الفندق سيرا على الأقدام قاصدا حمام نور الدين ... مررت في بداية مشواري على حي سوق ساروجة الجميل و هذه مشربيات لأجمل حارة في هذا الحي إنها جادة جوزة الحدباء ...
و قد كانت المحلات مغلقة ماعدا هذا المطعم و الذي أعجبني فيه هذا الغلام الذي يجهز الخبر للزبائن
مررت بعد على المدرسة الشامية و المقامات الأيوبية التابعة لها
و من فوق الجسر التقطت شارع 29 آيار و الذي يقع عليه فندقي العزيز
عبرت الجسر و الشارع المؤدي إلى دمشق القديمة حتى وصلت إلى سوق الهال القديم و قد وجدتٌ فيه بعض الباعة يقومون بترتيب بضاعتهم و صفها
فاكهة الموسم : العنب و الكرمنتين و الرمان العجيب
واصلت سيري باتجاه قلعة دمشق العتيدة
و يقابلها في الطرف الثاني جامع السنجقدار و الذي بناه أرغون شاه نائب الشام عام 749 هجري
جدار القلعة الشمالي
مجسم للقائد صلاح الدين الأيوبي رحمه الله تعالى وقد بناه حكام الشام قبل عقود من الزمان تقليدا للنصارى في تعظيمهم لقادتهم و حكامهم الذين لهم قدم صدق في خدمة أمتهم ...
طرف من مبنى المحكمة الشرعية بدمشق و الواقعة في شارع النصر
مدخل سوق الحميدية الشهير و هو من أمتع أسواق الشام للشراء و الفرجة أيضا و لا يعكر صفوه إلا ملاحقة بعض البائعين لأمثالنا من الغرباء
شارع النصر المقابل لمدخل سوق الحميدية
هذا حال سوق الحميدية يوم الجمعة صباحا و هو رايع أيام عيد الفطر السعيد لأهل سوريا و تلاحظون في الصورة وجود أثر الأمطار التي نزلت على الشام يوم لأربعاء 25-10
لا يخلو السوق في هذا الوقت من بائعي البسطات الذي يتصيدون الزوار الإيرانيين الذين يزورون مراقد أهل البيت رغبة و رهبة و دعاءا لغير الله تعالى و العائدين من مرقد السيدة رقية رضي الله عنها الموجود في حي العمارة ...
محل بوظة بكداش الشهير و المزدحم دوما بالزبائن من كل مكان و قطر
من الداخل
و أنصح إخواني زوار هذا السوق البديع أن لا يفوتوا على أنفسهم ممارسة سياحة ثقافية جميلة في هذا المكان ...
فهل تعلم يا أخي الحبيب أن خلف هذا السوق البديع و على يدك اليسرى مثلا ستجد المدرسة العصرونية و العادلية الصغرى ودار الحديث الأشرفية و التي درس بها أكابر علماء الحديث الذي تعرفهم ابتداءا من ابن الصلاح و الذهبي و ابن كثير و انتهاء ببدر الدين الحسني محدث الشام
و هل تعلم أن على طرف يدك اليمنى ستجد المدرسة الجزرية و التي اندرست معالمها و لم يبق منها إلا شباكا من الخشب رآه العلامة الكبير عبدالقادر بدران و لم يره السائح الهروي! و بقربها المدرسة الخيضرية و قريب منها دار الحديث السكرية و هي سكنى شيخ الإسلام ابن تيمية و التي اندرست آثارها أيضا ؟؟ عند زيارتي للشام فإن هذه الأشياء هي أكثر ما يشغلني
وصلت أخيرا إلى أعمدة معبد جوبيتر القديم و في هذا المكان ستقف أمام مفترق طرق
فإن ذهبت إلى اليمين ( جنوبا) فسيكون وجهتك عبر سوق الصوف و الحرير و ستصل إلى الجامع النوري و سوق البزروية و مدحت باشا ...
و إن ذهبت يسارا ( شمالا ) فستكون عند باب البريد و المكتبة الظاهرية و المدرسة العادلية و حمام الملك الظاهر
و أما إن توجهت أمامك ( شرقا ) فبالتأكيد ستجد الجامع الأموي و من خلفه القيميرية و النوفرة وصولا إلى الحمام البكري...
و أما خلفك ( غربا ) فسوق الحميدية ... و أما المكان الذي تقف فيه فهو المسكية
جدار الجامع الأموي
و في هذا المكان ستجدون بائع الرمان بل هو نفس البائع و لكن المشروبات التي يقدمها تتغير من وقت لآخر بحسب الموسم فالتوت في الصيف و الرمان في بداية الشتاء و الكرمنتين و هكذا ...
المنارة الغربية للجامع الأموي و تلاحظون تغير جو السماء
بائع الشاي و الحليب و القهوة
الطريق من هناك و عند مفرق سوق الصاغة
نظرة أخرى إلى الأعمدة و مدخل سوق الحميدية الشرقي
الساحة المقابلة للجامع الأموي و التي تأخذك إلى إلى الحديقة البيئية التي تكلمت عنها و إلى مدفن القائد الكبير صلاح الدين و الدنيا الأيوبي رحمه الله تعالى ...
سوق الذهب مغلق في هذا الوقت من صباح الجمعة ...
و هنا يقع خان السفرجلاني و زقاق سوق السلاح
في نهاية الشارع ستصل إلى جامع المدرسة الفارسية الجميلة
و أمامك الآن قصر العظم و بجنبه جامع الجوزية
أنت الآن في سوق البزورية البديع ( لا أعرف سر عشقي لهذا المكان؟؟ )
حيث غرائب الأدوية
و عجائب الحلويات اللذيذة
أشكال و ألوان جميلة و قد اشتريت من أحد المحلات الموجودة هنا نوعا من الكاكاو العجيب جدا و هو تقليد لماركة الفيرو البلجيكية لكنه صناعة سورية و عندما ذاقه أبنائي هنا في الكويت قالوا إنه ألذ من البلجيكي فأنصحكم به سعر الكيلو 250 ليرة و البلجيكي 1000 ليرة تقريبا !!!
محلات العطارة و الأعشاب موجودة هنا و بكل تأكيد ... أليس هو سوق البزورية؟؟ ...
و أخيرا وصل السائح الهروي إلى حمام نور الدين الشهيد
سجلوا عندكم رقم هاتفه لاستخدامه عند الحاجة
و هذه اللوحة تبين تاريخ إنشائه
دخلت الحمام فكانت هذه الصورة و وجدت هناك مجموعة من الأخوة العراقيين و الأردنيين و المغاربة و الأجانب أيضا ...
و هذه تسعيرة الدخول
و ما رأيكم بهذه الصورة الرشيقة للبحرة الموجودة في وسط الحمام
و حتى أكون معكم صريحا و واضحا فإني عند دخولي إلى الحمام أحسست برغبة بالرجوع!
و ذلك لأن الدخول إلى الحمامات العامة التي يستحم بها الناس يضطرك إلى رؤية عورات بعض من انخرمت مروءته و قل دينه ... و هذا أمر بخلاف ما تربينا عليه و ما أخذناه من تعاليم ديننا الحنيف
قال بهاء الدين المقدسي رحمه الله تعالى في العدة شرح العمدة: (( و لا تجوز شهادة من لا مروءة له ، كالمسخرة و كاشف عورته للناظرين في الحمام أو غيره ))
صفة دخول الحمام
و أول عمل تقوم به عند دخولك للحمام هو تسليم أغراضك الثمينة لقيم الحمام و يعطيك مفتاح الصندوق الذي وضع فيه أغراضك ... ثم تتوجه لهذه المصاطب المرتفعة و تضع عنك ثيابك و سيلبسك الموظف المسئول هناك الرداء و الإزار الذي يسترك ... و بعد ذلك تنتقل إلى داخل الحمام و سيعطيك الموظف الموجود بالداخل ليفة صغيرة و صابونة من نوع الغار الحلبي و بعد ذلك تتجه إلى الحمام الجواني و هو حار جدا و فيه غرف صغيرة للبخار الحارق!! و يوجد في هذا المكان أوعية من الحجر كبيرة تغرف منها الماء و ترش على جسدك و بيدك الأخرى تفرك جسمك !! بعد ذلك تستطيع الانتقال إلى الحمام الوسطاني إذ تجد المعلم المفرك بانتظارك و سيطرحك أرضا و يقلبك بيده مفركا جسمك مقبلا و مدبرا !!
بعد ذلك عدت إلى الحمام الجواني مرة أخرى للعناية بنفسي و الاستمتاع برش الماء الدافئ و بصراحة ما كان ودي أطلع !
بعدها خرجت من الجواني و توجهت إلى الوسطاني و توضأت وضوئي للصلاة منتظرا قليلا لتتعدل درجة حرارة جسمي ... و هناك وجدت الموظف الذي أعطاني الصابون منتظرا و بيده فوطتين ليلف بهما جسمي و يأخذ المبتلة التي علي ...
و بعد ذلك خرجت من عنده و توجهت للمشلح الذي وضعت فيه ثيابي و هو مكان معتدل في برودته و جاء الموظف نازعا عني الفوطتين بحركة سريعة و مغمضا عينيه بطريقة لطيفة و استبدلهما بفوطتين ناشفتين و وضع على رأسي فوطة ثالثة ... فكنت هكذا !!
و بعد الانتهاء من الحمام أردت أن ألتقط بعض الصور لنفسي و استحيت أن أطلب ذلك من الناس فقمت بتصوير شابين من الأردن لم يكن معهما كاميرا و طلبت أن أرسل لهما هذه الصورة إن كان عندهما بريدا إلكترونيا فما كان منهما إلا أن طلبا مني تصويري فجزاهما الله خيرا
السائح الهروي أبو عبد الرحمن و بيده كأس الشاي
( و نصيحة للآخوة بأن يأخذوا معهم إلى الحمام مايوه السباحة الشرعي فهذا أحسن شيئ و أستر للعورات و قد رأيت أخوين من المغرب فأعجبني صنيعهما )
و لا تنسوا شاي الزهورات اللذيذ
و أما وصف الحمام فالصور خير وصف لها لكنني بالتأكيد لم أدخل معي كاميرتي حيث يستحم الناس لكنه كما تعلمون يتكون كغيره من الحمامات المؤلفة من البراني المشلح والوسطاني الفاتر والجواني الحار ومن خزان للمياه وقميم لوقد النار من أماكن الخدمة ... ولمزيد من التفاصيل لمعرفة الأعمال التي يقوم بها العمال داخل هذا الحمامات و مسمياتهم فأنصحكم بكتاب العلامة جمال الدين القاسمي : قاموس الصناعات الشامية ...
و في الختام أشكركم جميعا لمتابعتكم و تشجيعكم و بارك الله لي و لكم في بلاد الشام
مع تحيات أخوكم و محبكم
السائح الهروي
أبو عبد الرحمن
