ميونيخ المسافرون العرب

أكتشف العالم بين يديك المسافرون العرب أكبر موقع سياحي في الخليج و الوطن العربي ، يحتوى على أكبر محتوى سياحي 350 ألف استفسار و نصائح عن السفر و السياحة, 50 ألف تقرير سياحي للمسافرون العرب حول العالم و أكثر من 50 ألف من الاماكن السياحية و انشطة وفعاليات سياحية ومراكز تسوق وفنادق، المسافرون العرب هو دليل المسافر العربي قبل السفر و اثناء الرحلة. artravelers.com ..
سدهارتا
17-12-2022 - 12:52 am
وقفتُ عند النافذة الزجاجيّة النظيفة في صالةِ المغادرين بمطار دبي ( 30 يوليو 2014 )
متأملا الطائرة العملاقة ذات الطابقين التي ستحملنا إلى ميونخ .! التفتُ لأبحث عن طائرات أخرى لأجل المقارنة .. اكتشفتُ أنّ طائرتنا هي الأكثر فخامة وأناقة .. وأيضا بطابقين .!
كنتُ مزهوا بهذه النتيجة التي توصّلتُ إليها .. اقتربتُ أكثر من النافذة الزجاجيّة .. وفكّرتُ بأن ألصق وجهي بها كما يفعلُ الأطفال .! وأن أترك بصماتي عليها كما يفعلُ الأطفال .. لكنّي تذكّرت أنّي أقترب من الخامسة والثلاثين .! وأنّ عليّ ألا أظهر مشاعري .. ارتديتُ قناعي سريعا .. وافتعلتُ الجديّة وبعد قليل شعرتُ بأنّ وجهي بات محايدا وجامدا .!
كان هو القناع المناسب لصالات المغادرين وفي المطارات !
ويمكنني استبداله لاحقا حسب الحاجة .!!


التعليقات (9)
سدهارتا
سدهارتا
وفي الطائرةِ ذات الطابقين .. قضيتُ ست ساعات مستمتعا بالأفلام والمسرحيّات التي تدورُ أمامي .. لقد تحوّلت طائرتنا ذات الطابقين إلى " مول " .. أطفال يتجولون في الطرقات والممرات ويمارسون هواياتهم ويتسابقون ويضحكون ويبكون .. وفي فتراتِ راحتهم يلعبون "الاستغماية" .!
يبحثون عن إخوانهم بين الكراسي فيتحول الركاب جميعا إلى مشتبه بهم .! قد يكونوا مشاركين في إخفاء الآخرين .!! يشكون في الجميع ويفتّشون الجميع .!! وعندما يتيقنوا من براءتنا يكون الحل في البكاء ..!
بعض الأطفال وجدوا تسليتهم في لعبة أكثر جديّة .. يقفون عند دوراتِ المياه وما أكثرها ليوجّهوا المحتاجين للحمّام الفاضي .!! مارسوا هوايتهم بإتقان شديد وأنا شاهد على ذلك .! هم بذلك قللوا من فتراتِ الانتظار والدّق على الأبواب وبالتالي قلّ الزحام .! كانوا بمثابةِ إشارات مرور بشريّة .!! فلهم منّا جميعا كل الشكر والتقدير .. وما جعل المشهد أكثر درامية وواقعيّة هنّ المربيات الآسيويات .. حيث قمن بالإشراف المباشر على الفعاليات والبرامج والمسابقات التي ينظمها وينفذها الأطفال في الطائرة .!
أتصدّقون .. وحشتني تلك الأجواء العائليّة الدافئة والأصوات الطفوليّة العابثة.! وحين اقتربنا من ميونخ هدأتِ الطائرة ذات الطابقين تماما أو تكاد .. لقد تخلى الأطفال عن سيطرتهم المطلقة على الطائرة بكل ممراتها وطرقاتها وطوابقها واستسلموا للنّوم .!
عدا الأطفال الذين تحملوا مسئوليّة تنظيم دوراتِ المياه .. لقد ظلوا في أماكنهم حتى النهاية .!!

سدهارتا
سدهارتا
كنتُ بعيدا بمقدارِ كرسيين عن نافذةِ الطائرة ..
كان ذلك محبطا ..
لكنّي لمحتُ قطرات المطرِ تبلّل النافذة الصغيرة ..!!
لم يكلّف شرطي الجوازات نفسه .. لم يرفع رأسه .!
فتّش في الصفحاتِ عن التأشيرة الصالحة للاستخدامِ وختم الجواز وسلّمني إياه .. فعل ذلك بشكل آلي .. يبدو أنّه ملّ من توزيع الابتسامات البلهاء والرسميّة .. فقرر أن يكون على طبيعته .!!
فكّرتُ في أنّ ذلك أفضلُ لي أيضا .. فما حاجتي لأن يتفحّص وجهي ويقارنه بوجهي الرسمي في جواز السّفر حيث الصورة لا تكاد تشبهني .!! فأنا هنا على الطبيعة .. أما هناك فأنا كما أريدُ أن أكون بعد التعديل والتنقيح .!
ولا تنسوا فرق السنين .!!

سدهارتا
سدهارتا
قطعتُ تذكرة بالقطار إلى وسطِ المدينة .. إلى المحطّة المركزيّة .! واسمها " Hauptbahnhof " وأضيفُ بأنّي لم أتمكّن ولأسبوع كامل من نطق الكلمة المذكورة أعلاه .!! حين السؤال عنها كنتُ أقول المحطّة المركزيّة .!! قال لي الموظف انزل هذا السلّم واركب أيّ قطار يصادفك .. وصادفني مسارين .! وذلك يعني قطارين .!!
ترددت قليلا .. لمحتُ خارطة لخط سير القطار ومحطاته بألوانها وتقاطعاتها .. لم أفهم منها شيئا لكنّي بطبيعةِ الحال كنتُ أرتدي قناعا يوحي للآخرين بأنّي أحسن قراءة خرائط القطارات .!!
أحيانا تكونُ أقنعتنا شفافة لدرجة أن أيّ متطفّل يدركُ المأزق الذي نحنُ فيه .. المهم أنّي قررت ركوب أول قطار يصل المحطّة .!
وهذا ما فعلته .! اتخذتُ لنفسي موقعا استراتيجيّا لمتابعةِ سلوكِ القادمين .. كانوا يتخذون المسار نفسه .. يتلفتون ويرتبكون ويذهبون للخريطة ذاتها ويرتدون الأقنعة ذاتها .. ثم يركبون القطار ذاته .!!
ثم ينظرون لبعضهم ببلاهة .. ويتساءلون بصمت هل أنت متأكد أنّه القطار الصحيح .؟!
وبعد مرور أكثر من نصف ساعة طويلة ومملّة اكتشفنا جميعا أنّنا على القطار الصحيح وأننا وصلنا المحطّة الصحيحة .!

فيصل
فيصل
اسعد الله مسائك
موعودون بتقرير رائع
متابع لك

سدهارتا
سدهارتا
فيصل
شكرا لك " فيصل " ..
لقد كانت رحلتي الأولى لميونخ ..
وأحببتُ أن أشارككم هذه الرحلة ..!

سدهارتا
سدهارتا
وحان الوقتُ لأن نفترق الوجوه .. ليبدأ كل منّا قصّته مع المدينة .! أخرجتُ المظلّة السوداء إيّاها التي رافقتني في رحلةِ إيطاليا .. رتّبتُ نفسي ووضعتُ كل شيء في مكانه لأبدو وأنا أدخل الفندق كمسافر محترف .. تعوّد على الترحال في هذه الدنيا .! كانت السّماء تمطر .. هل قلتُ لكم ذلك .؟! لكن أين هو فندق ميركور .؟!
توصّلتُ لإجابة وافية وشافية على هذا السؤال ولكن بعد ساعة كاملة .! لقد تهتُ في الشوارعِ والأزقّة .!!
سألتُ بائعا فوصف لي المكان وصفا دقيقا بكل الانحناءات والمخارج ..! وسألتُ آخر فشرح لي بشكل مختصر وواضح كيفيّة الوصول للفندق
كل واحد منهما يبدو واثقا من إجابته .! لكنّ فتاة جميلة في أحدِ الفنادق قالت لي بعد البحث في غوغل بأنّ الفندق على الناحية الأخرى من المحطّة .!!
هل كانوا يسخرون منّي إذن .؟! أم أنهم خجلوا من جهلهم فاخترعوا تلك الإجابات .!!
عندها توقفتُ عند ناصيةِ الشارع .. وقررت ألا أستسلم .. قلتُ في نفسي أنها مغامرة وسأستمتعُ بها .! لن أصلك ب" بالتاكسي " يا ميركور أبدا .!
إن ميونخ تلعب معي لعبة .. وأنا أقبلُ هذه اللعبة المثيرة .. كانت السماء تمطر .. ولم يكن بوسعِ المظلة المسكينة أن تحمينا جميعا .. أنا وحقيبتي ذات الأربع عجلات وأختها الصغيرة .!!
فتقاسمنا معا المظلّة والبلل .!!
على الجانبِ الآخر من المحطّة تكرّرت الأسئلة وتكررتِ الإجابات وتكررتِ الخيبات .!!
وفي النّهاية .. عثرتُ على ميركور ..!
كانت لحظة مثيرة .. اقتربتُ وعدّلتُ من نفسي لأبدو من جديد كسائح محترف ..! دخلتُ الفندق بلا مبالاة .. وكأنّ شيئا لم يحدث .!!
لم أقل لهم أن مشوار الثلاث دقائق استغرق منّي ساعة كاملة .!!
ضحكتُ على نفسي .. لقد أدخلتني ميونخ في الجو بلا مقدّمات ..

سدهارتا
سدهارتا
وبعد ساعتين كنتُ في الشارعِ ثانية .. كانت في حدود السادسة مساءا .!
ولن أنتظر حتى الصباح
ستكونُ جولة تفقديّة .. نظرة أولى يا ميونيخ .!
أنا لا أشترطُ الحب من النظرة الأولى .. لكنّي في النهاية أبحث عن الحب يا ميونيخ .!
وكانت لا تزالُ تمطر ..
لكنّ إحساسا بالألفة كان يتسرّب إلى قلبي ..
ميونيخ لا ترديك أن تظل بعيدا منزويا .. شارك في الرقصة وعبّر عن نفسك .. أنت لست بحاجة لمن يدعوك للحياة .! ستمنحك ميونخ سحر اللمسةِ الأولى .. والباقي عليك .! حاول أن تفهم قلبها الذي يتسع للملايين غيرك .. لقد قامت هذه المدينة من الموت .!
لذلك هي معنيّة بالحياة

سدهارتا
سدهارتا
سألتُ الموظّف المتجهّم سؤالا محدّدا عن قصرنيمفنبورج Nymphemburg Palace .! لم أتمكن من إكمالِ سؤالي لأنّه قاطعني وعدّل لي طريقةِ نطق اسم القصر .. فلا بدّ من ضمّ الواو والراء لتكون مفخّمة تليق بقصر ملكي ألماني .!! ردّدتُ وراءه الاسم بعد التعديل فهزّ رأسه موافقا .!! لقد أعدتُ للتاريخ الألماني اعتباره وهيبته .!!
ولأكون صادقا .. فإنّي لم أنطق الواو إطلاقا .. واستبدلتها بالياء .!! وربما هذا ما أزعجه !!
شرح لي بسرعة فائقة كيفيّة الوصول للقصر .!! ثمّ توقف عن الكلام ولم يكن من الوارد أن يقول شيئا آخر .! هززتُ رأسي ببلاهة وشكرته بدون نفس .!!
ما أتذكره هو أنّ عليّ ركوب الترام رقم17 ثم التبديل في محطّة ما .!! المهم هناك تغيير في مكان ما .!! ركبتُ الترام وجلستُ ولأسباب استراتيجيّة وتكتيكيّة بالقرب من سائحَين من اليابان أو كوريا الجنوبيّة .!! توقّف الترام ونزل كل الذين تتدلى من أعناقهم كاميرات .!! تردد اليابانيان أو الكوريّان فترددت معهما .!! ونزلا فتبعتهما .!! ركبا حافلة متوقفة ففعلتُ مثلهما .! ونزلا فنزلتُ معهما .. توقفنا جميعا عند إشارةِ المرور .!! إنها مغامرة صغيرة أخرى .. لقد تبعتهما معتمدا على إحساسي .!! توقعتُ أنهما يتجهانِ نحو القصرِ مثلي .!! اقتربتُ لأكون بموازاتهما ..!
لقد صدق إحساسي هذه المرة أيضا ..!
لقد لمحتُ لوحة على الناحيةِ الأخرى من الشارع .. تقولُ أننا على الطريق الصحيح .. مبروك .!!
مبروك هذه من اختراعي أنا ..!! عبرنا إشارة المرور معا .. وبعدها عدتُ وحيدا كما كنت .!!


سدهارتا
سدهارتا
لقد تجلّى لي القصر البديع ..!
من بعيد لاح جميلا .. غاية في الأناقة والرشاقة .!!
وقفتُ مذهولا .. وخاطرٌ يدعوني لأن أقترب ..!
فجأة توقّفت المدينة عن ممارسة عاداتها السخيفة
لا ضوضاء هنا .. لا سيّارات .. لا قطارات
لا شيء سوى الجمال .. والسكون .!!


خصم يصل إلى 25%