الهند المسافرون العرب

أكتشف العالم بين يديك المسافرون العرب أكبر موقع سياحي في الخليج و الوطن العربي ، يحتوى على أكبر محتوى سياحي 350 ألف استفسار و نصائح عن السفر و السياحة, 50 ألف تقرير سياحي للمسافرون العرب حول العالم و أكثر من 50 ألف من الاماكن السياحية و انشطة وفعاليات سياحية ومراكز تسوق وفنادق، المسافرون العرب هو دليل المسافر العربي قبل السفر و اثناء الرحلة. artravelers.com ..
نيرفانا
16-12-2022 - 07:02 am
كانت البدايةُ مع " جوا " .. بعد تردّد كبير ..!
موعد الطائرة لم يكن مناسبا على الإطلاق .. لا على طيران العربيّة ولا على الطيران القطري .. فالوصول سيكون في حوالي الرابعة فجرا ..!
لكنّي في النهاية حجزتُ على طيران العربيّة ..
ما استغربته هو أنّها المرّة الأولى التي لا أشعر فيها بعدم بالقلق حين يقترب موعد السفر .. فأنا كسول بعادتي .. والتغيير يتطلّب بعض الجرأة ..!
وتتهافت الأسئلة المحبطة لتثنيك عن اتخاذ قرارك بالسفر ..
لكن هذه المرّة .. لم تكن كالمرات السابقة ..
وكأنها مجرد رحلة داخليّة .. وصلنا قبيل الفجر ..
استقبلتنا جوا ببعض قطرات المطر المرتسمة على نافذة الطائرة ..
حين توقفت الطائرة كانت القطريّة تقف بالقرب منّا ..!
طائرة صغيرة .. إذن لا شيء يدعو للنّدم
إجراءات الدخول كانت سلسة .. وبلا أي تعقيدات ..
عبرتُ المدينة النائمة " باناجي " إلى شاطئ كلانكوت الشهير ..
سائق التاكسي أجرى اتصالا ليتمكن من الوصول للفندق المقصود ..!
حين أعلن سائق التاكسي وصولنا .. تلفت فلم أجد إلا انعطافة بسيطة وشارعا مهترئا وبعض الحفر الصغيرة الممتلئة بالمياه ..
الفندق كان في الداخل قليلا .. تغيّر المشهد حين وصلت قاعة الاستقبال المنفصلة عن بقيّة الفندق .. الإجراءات كانت باردة وسريعة وتتوافق مع زائر يأتيك في الخامسة فجرا ..
الغرفة كانت كبيرة جدا .. وأنيقة وجميلة ..
اطمأننتُ إلى حسن اختياري للفندق هذه المرّة .. وحاولتُ النوم لكنّي صحوتُ بعد ساعتين على وقع المطر .. كان المطر المنهمرُ غزيرا جدا.!
خرجتُ للشرفة متخليا عن النوم .. لاحقين على النوم ..!
نزلتُ لمطعم الفندق ..
كانوا لطيفين لكن حشريين لدرجة الإزعاج ..
تجوّلتُ في محيط الفندق .. الشارعُ كان بسيطا وفيه بعض الأناقة ..
شبه خال بسبب المطر الذي لم يتوقف إلا منذ قليل ..
ويبدو أنّ السياح الأجانب كانت لهم بصمتهم هنا .. محاولة لإرضاء الغرباء
ومباشرة توجهت إلى البحر .. الذي يبعد حوالي 600 متر كما قرأتُ في الانترنت.. كان الشاطئ بلا ملامح تقريبا .. فالجو مشبع ببخار الماء ..
والأودية الصغيرة تقطع أوصال الشاطئ .. والمكان شبه مهجور ..!
تجولت قليلا بلا متعة ..
وفي طريق عودتي انهمر المطر ثانية .. كان بحوزتي مظلة الفندق لكنها لم تحمني من البلل .. توقفت تحت الأبنية الملونة بلمسات غربيّة.. ألوان فاقعة لكنّها مقبولة وغير شاذة ..
أحيانا نحاولُ أن نزيد من شعورنا بالشيء لنستمتع به أكثر ..! وهكذا ..
كم مرّة توقفت تحت الأبنية منصتا لقطرات المطر وهي تعزف ألحانها على الأرصفة والأسقف الواطئة ..
خجلتُ حين وصولي الفندق .. لكنّ أحدا لم يلتفت لي ..
يبدو أنّ المشهد مألوف لديهم ..!
في محيط الفندق تتواجد مجموعة من المطاعم النظيفة ..
" الفلفل " فقط سيكون هو المشكلة التي ستظل تلاحقك في الهند ..
ذكّرهم دائما بألا يضيفوا الفلفل للطعام .. وكّرر ذلك مرات عديدة ..
إنها نصيحة لا تُقدّر بثمن يا صاحبي ..!!
بعض المحلات كانت مغلقة .. وظلت كذلك طيلة أيام تواجدي ..
وحين سألتُ عن السبب .. قالوا لي بأنّ أصحابها لا يتواجدون هنا .. يأتون فقط في الشتاء .. حين يتوافد السياح الغربيّون ..!
الأوربيون في هذه الفترة عملة نادرة جدا ..
لأنهم مصابون بالتخمة من المطر ..!
أحبّ دائما أن يكون يومي الأول استكشافيّا لمحيط الفندق ..


رحلتي الى الهند
التعليقات (9)
نيرفانا
نيرفانا
  1. يومي الثاني كان أكثر متعة ..

  2. وصلنا المدينة القديمة .. تجد نفسك فجأة في عالم مختلف ..

  3. وكانت مقرا مفضّلا للهبيين في ستينيات القرن العشرين ..!


يومي الثاني كان أكثر متعة ..

ذهبتُ للمدينة القديمة .. الطريقُ يتميّز كثرة تعرجاته وضيقه حتى على السيّارة الواحدة في بعض الأماكن !!
في إحدى المرات أوقفتنا سيّدة وطلبت منا العودة لأن الطريق مقطوع بسبب انهيار بسيط .. مجموعة من النساء يصلحن الأضرار بمعاونة بعض الرجال ..! جوا القديمة تحمل نكهة أوربيّة برتغاليّة واضحة .. مما يضفي على المكان جمالا خاصا ..!
وصلنا إلى " دونا باولا " .. وهو مكان جميل تنتشر فيه الأكشاك وهناك تمثال للأميرة البرتغاليّة التي ألقت بنفسها في البحر لأنها أباها حرمها من الرجل الهندي الذي أحبّته ..!
تمنّيتُ لو أقضي وقتا أطول في المكان .. لكنّ المطر كان لي ولغيري بالمرصاد..! وعموما فإن كل الصور اللي صورتها في هذا اليوم كانت من تحت المظلّة ..!
عبرنا إلى جوا القديمة على كورنيش جميل .. الشارع يطل على أحد الأنهار وتبدو بعض السفن الكبيرة متوقفة .. قال لي السائق بأنها ستعاودُ إبحارها بعض انتهاء فترة الأمطار الموسميّة ..!

وصلنا المدينة القديمة .. تجد نفسك فجأة في عالم مختلف ..

فهناك قصر الحاكم والمبني على الطراز الأوربي .. والكاتدرائيّة والكنائس .. كلها على الطراز الأوربي .. يبدو أنّ الغزاة كانوا يحاولون التواصل مع بلادهم البعيدة بأن ينقلوا إلى هنا بعضا من ثقافتهم وحضارتهم .. لكنّ البلاد لفظتهم في النهاية ..!
هناك العديد من الشواطئ الجميلة ذات النكهة المميزة .. لكنها كما يقول أهل جوا لا تفصح عن ذاتها ولا تتضح معالمها إلا في الشتاء ..!
فكلما قلتُ لأحد .. أريد زيارة الشاطئ الفلاني يبادرني فورا بأنّ كل الشواطئ متشابهة في الفصل المطير .. وكأنّه يدافع عن مدينته مقدّما إذا ما خاب ظنّي بالأماكن التي أتجول فيها ..!
وصلتُ إلى مكان جميل .. كنيسة بإطلالة نموذجيّة على جوا .. يمكنك من هنا أن تشاهد المدينة والأنهار والغابات .. والأبنية البيضاء التي تنبتُ من بين أشجار جوز الهند ..!
في اليوم الثالثُ استكملتُ زيارتي لجوا .. هذه المرّة كان خط سيرنا مختلفا .. كان الطريق جميلا أيضا .. وصلنا لقلعة " أجودا " البرتغاليّة والتي كانت عاديّة في تصميمها وكبيرة في مساحتها .. يحيطها سور يفصلها عن حافّة المنحدر ..! مكان آخر يستحق الزيارة في جوا التي يمكنُ القول أنّها تتفوق على غيرها في الإطلالات الجميلة ..!
وليس بعيدا عن القلعة أخبرني السائق بأنّ مكانا آخر يستحق المشاهدة .. بين الأشجار كانت هناك بعض الطواويس ولا أدري إن كان هذا موطنها الأصلي .. من هذا المكان يمكنُ النزول إلى أسفل المنحدر .. طريقا زلقا بعض الشيء .. فكّرتُ بالنزول لكنّي شككتُ بلياقتي .. أحدُ الصيادين كان يمارس هوايته ..! فوق الصخور التي تتكسّر عندها الأمواج ..!
كان واضحا أنّ السماء ستمطر .. حاولنا الوصول إلى السيّارة قبل المطر .. لكنّه سبقنا .. أبديتُ تذمّرا من ذلك .. لكنّه تذمّر ظاهري ..
لم نذهب بعيدا .. كنّا على موعد مع مكان آخر لا يقل جمالا ..
هذه المرّة بالقرب من فندق Vivanta .. حيثُ يمتلك إطلالة جميلة على شاطئ صخري .. ويمكنُ للزوار من أمثالي أن يسيروا بمحاذاة الفندق والتجوال على سور ضيّق تتقاسمه أنت والصيادين ..!
سألتُ السائق عن عدد الشواطئ التي يمكنُ ارتيادها في جوا .. فقال 24 شاطئا ..!! لا أدري مدى دقّة هذه المعلومة .. لكن بالتأكيد جوا مشهورة عالميّا بشواطئها الجميلة ..

وكانت مقرا مفضّلا للهبيين في ستينيات القرن العشرين ..!

يمكنني القول ومع كامل انحيازي للمدن المطريّة بأنّ غوا ستكون أجمل حين سطوع الشمس ..! خصوصا لهواة التصوير وعشّاق الغروب .. نادرا ما تحررت الشمس طيلة فترة وجودي من سطوة الغيوم الداكنة .. لكنّها كانت تطل ولو لدقائق .. فيكون للأماكن وجه آخر أكثر إبهارا ..!
زرتُ العديد من الشواطئ .. لا وجود للأجانب أبدا .. إلا بعض المقيمين ربما .. أو عشّاق الأمطار الاستوائيّة .!
الهنود يحاولون الاستمتاع بالشواطئ .. يمرحون بصخب ..
فيما تظلّ النساء مترددات في الاقتراب من الماء ..
ينزلن أحيانا ولكن بخجل ..
تظلّ الثقافة الشرقيّة حاضرة مهما اختلفت الأديان ..!
حتى العجائز يشاركن في المرح ..!
زرتُ مكانا آخر .. حوالي ساعة ونصف من شاطئ كلانكوت ..!
لا أذكر اسمه .. لكنّي تخيّلتُ المكان في فصل الشتاء ..
وقت الغروب تحديدا ..
مساء اليوم الأخير .. كنتُ على شاطئ كلانكوت ..
مجموعة من السيّاح الهنود متجمعين في جهة واحدة ..
وكأنهم في مظاهرة .. شعرتُ بألفةِ شاطئ كلانكوت للمرّة الأولى ..!
بقيتُ معهم حتى قبيل الغروب .. حين أمطرت السماء
فاختفوا فجأة ..

نيرفانا
نيرفانا
  1. في النهاية ..


في النهاية ..

  • جوا مكان جميل للاسترخاء في فصل الصيف .. وللاستمتاع بالمطر ..
  • أسعار الفنادق مقبولة في الصيف .. ومن الممكن الحجز عند وصولك فقط .. أما في الشتاء فالحسابات في كل شيء تختلف أسعار الفنادق والتكاسي والزحمة وحتى الحجوزات يجب ترتيبها قبل وصولك ..
  • البعض يلصق بها سمعة أنها مدينة متحررة لكثرة الأجانب فيها وهذا نصف الحقيقة .. فيمكن أيضا أن تكون مكانا مناسبا للجميع خصوصا في الصيف ..
  • لقد زرتُ كيرالا وغوا ورأيي أن جوا أجمل من كيرالا .. وعلى فكره هي أقرب من كيرالا بالنسبة لدول الخليج ..
  • تتميز جوا بشواطئها الجميلة والكثيرة .. ولذلك فإن الصيف غير مناسب لهواة الرياضات البحرية ولا لعشّاق الغروب .. وتتميز أيضا بإطلالاتها الجميلة .. وهي جميلة في الصيف وستكون أجمل بكثير في الشتاء ..!
  • لا تنتظر أن تجد في جوا منتجات الحضارة المعاصرة كالمولات الكبيرة ووسائل الرفاهية المتقدمة .. لكن الفنادق متعددة ومتنوعة وفيها منتجعات فخمة جدا ذات تنصيف عالمي ..
  • إذا كنت لمفردك فأظن بأن خمسة أيام كافية ..
  • الطرق في جوا متعبة كما هي في كيرالا .. ربما هي في غوا أقل ازدحاما ..!
  • يغلبُ على غوا الهدوء في فصل الصيف .. ويتحكم المطر في تجوال الناس .. فأحيانا لا تكاد تجد أحدا .. وعموما هي هادئة ونظيفة .. وتتجوّل الأبقار في بعض الشوارع وذلك يضعها في طابع ريفي لا يخلو من أناقة ..
  • شخصيّا .. أفكّر في العودة لجوا .. في فصل الشتاء ..وفي فصل الصيف أيضا ..


نيرفانا
نيرفانا
  1. غوا (الهند): براكريتي غوبتا


غوا (الهند): براكريتي غوبتا

يأتي موسم الأمطار الموسمية بالهند العام الحالي متأخرا شهرا عن ميعاده، لكن السماء تمطر بغزارة حاليا وهذا هو الوقت المناسب ليصطحب السياح من العالم العربي أبناءهم في زيارة يعرفون من خلالها ما هي الأمطار حقا. تكون غوا في أشهر الأمطار الموسمية التي تبدأ في يونيو (حزيران) ساحرة خلابة، حيث تظهر الطبيعة في أفضل وأكرم حالاتها. ورغم أن الكثير من السياح الغربيين يتدافعون إلى غوا طلبا للاستمتاع بشواطئها وملاهيها الليلية والعمارة البرتغالية التي تعود إلى فترة الاستعمار، يأتي الهنود، خاصة من السهول التي تقع في الشمال، إلى غوا خلال هذا الوقت من العام هربا من الحرارة والغبار. حتى السعوديون والقادمون من منطقة الخليج يأتون إلى غوا خلال هذه الفترة من أجل مشاهدة الأمطار. في الواقع تروج مؤسسة «تنمية السياحة في غوا» بالفعل ل«سياحة الأمطار» في بلدان الشرق الأوسط. ولدى هذه المؤسسة خطة برنامج سياحي رائع للعرب الذين يتمنون الاستمتاع بالأمطار الموسمية الهندية التي تهب في الفترة بين شهري يونيو وأكتوبر (تشرين الأول) من خلال وضع عرض خاص متكامل لرحلات الطيران بالطائرات المستأجرة. وقال مساعد رئيس الوزراء، ويلفرد دي سوزا، الذي عاد لتوه من جولته في شرق المملكة العربية السعودية، إن عددا من الشركات السياحية عبرت عن رغبتها في تدشين رحلات طيران إلى غوا. وقال الدكتور دي سوزا إن الأمطار ستكون استراحة مرحبا بها من قبل العرب والمغتربين الذين يتصببون عرقا في الخليج الحار. ورغم أن هذه ليست إجازة المدارس، هناك إجازات نهاية الأسبوع التي يمكن أن تستغلها الأسرة في السفر خارج البلاد. وتأتي الأمطار الموسمية في وقت لا تكون غوا مزدحمة فيه كثيرا، ويكشف جمالها عن نفسه أمامك. سواء كنت ممن يحبون الاستيقاظ في الصباح الباكر ويجلسون بجوار النافذة مع قدح من الشاي والباكورا الساخنة، أو كنت من محبي المغامرة الذين يجلبون معهم معطفا للمطر ويستمتعون بالمشي ورأسهم مرفوعة على الطرق المفتوحة، ففي جعبة غوا عجائب هائلة يمكن أن تقدمها لك خلال الموسم الحالي. أود هنا أن أشارك القراء تجربتي التي قضيت خلالها ثلاثة أيام وسط الأمطار الموسمية في غوا. لم أكن أفكر في غوا عندما كنت أخطط للقيام برحلة مع أسرتي خلال الإجازة في أغسطس (آب)، حيث ذهبنا لزيارتها قبل ذلك، لكن صدقوني الوجود تحت الأمطار في غوا مشهد ساحر. عندما وصلنا إلى غوا، رحبت بنا المدينة الممطرة الخضراء الغارقة في الشبورة بطرقاتها الضيقة. وكنا جميعا مسرورين على عكس ما تخيلنا. قادنا سعينا إلى منتجع جيد في غوا إلى جنوب المدينة التي يقل الازدحام بها عن شمال المدينة التجاري. وكان الطريق إلى المنتجع من المطار رائعا إلى الدرجة التي جعلتنا مفتونين به. كان مشهد الحقول الخضراء المنغمرة في المياه أخاذا، وكذلك كانت مناظر القنوات والروافد المائية والأنهار التي يرسو عليها يخت أو اثنان. تضفي المنازل البرتغالية ذات الألوان الزاهية طابعا ملونا على حياة سكان غوا. جدران كل منزل مطلية بألوان فريدة مميزة مثل الأصفر والأزرق والأرجواني والبرتقالي والزهري والأحمر وحتى الأخضر. لقد وقعنا في غرام غوا الممطرة. وساعدتنا الطرق الضيقة التي تتسم ببطء الحركة المرورية فيها وعدم التنافس بين السائقين على الاستمتاع برحلة خالية من القلق والتوتر. لهذا السبب تحديدا أتمنى أن أقيم في غوا. أنا أقف تحت مظلة من القصدير على مساحة تقترب من مساحة خزانة معاطف أتمرن على الصبر والسلوك الطيب مع الآخرين. لكم نحن ظرفاء، حيث نقف بجانب بعضنا البعض متلاصقين إلى درجة تجعل أنف كل واحد منا في إبط الآخر مختبئين من السيول تحت إحدى المظلات على جانب الطريق! لا يعني هذا أنه ليس لدينا معاطف للمطر تحمينا من السيول، بل على العكس نحن نبدو متشابهين إلى درجة الاستنساخ في معاطفنا المنتشرة في سوق مانبوزا باللون الأزرق الداكن والسحاب الأمامي والخط الفضي اللطيف الذي يمر على ظهر المعطف. ولا تهتم بنسيان المصنع التأكد من أن السحاب مضاد للمطر. أخبرني أحد السكان المحليين أنه منذ عشرة أيام كان هناك طريق تربته حمراء قاحل ظمآن للماء، لكنه أصبح الآن بحيرة بها أمواج ومد وجذر وبعض التيارات الصغيرة سريعة الجريان. وتنبت حولها تشابكات من نبات أذن الفيل فضلا عن أنواع أخرى من أوراق الشجر والعشب والزهور البرية. ورغم الأمطار التي تكون غزيرة أحيانا، تجد أشعة الشمس طريقها على نحو ما لتسطع على ورقة وحيدة من أوراق زهرة الزنبق أو عيش الغراب ولتصنع قوس قزح وسط الأمطار. وبينما نحن نشاهد عبر بعض الفتحات التي تفصل بين الكتل البشرية، حطت ثلاثة من طيور اللقلق على المياه وبدأت تسبح وسط القصب وكأنها منزلها منذ الأزل. أحاول أن أضايق إله الأمطار الموسمية، لكن العالم جميل إلى درجة جعلتني أحدق فيها مثل الجميع. وأخبر رجل طفلا يمسك بيده ويرتدي كلاهما المعطف الأزرق أنه «سرعان ما ستمتلئ البحيرة بالأسماك، لهذا تأتي طيور اللقلق. كذلك يمكننا أن نأتي لنصطاد بعد أن تكبر الأسماك». ويسأله الطفل: «كيف تدخل الأسماك، فنحن أبعد ما نكون عن المحيط أو أي نهر؟». لقد ظللت أتساءل عن هذا الأمر لسنوات، لكن ظل السؤال معلقا بلا جواب. الأمطار الموسمية في غوا مثل قصة حب، ومسرحية عاطفية بين الأرض والمياه، بين الطبيعة ونفسها. غوا ولاية فائقة الجمال طوال العام، لكن في أوقات الأمطار الموسمية، تكتم الأنفاس، حيث تكون نسيجا دراميا من الحقول الخضراء والغابات المليئة بالطحالب والأمواج والسماء الرمادية الغامضة. ستكون لديك فرصة للاستمتاع بالجبال الخضراء التي يكتنفها الضباب وكذلك بالوديان العميقة والغابات والشلالات والشطآن الرطبة والطرقات المبتلة والسحب المحملة بالأمطار في المكان نفسه. لقد ركن الصيادون قواربهم، وتخرج أسر بأكملها إلى الحقول من أجل العمل في زراعة الأرز، ويتناولون معا وجبة خفيفة ويحتسون الشاي من «الترامس» بين الحين والآخر. ويعاني سائقو السيارات الأجرة الذين يعملون لساعات طويلة وأصحاب الأكواخ التي توجد على الشاطئ من البطالة حاليا، لذا يتسكعون بفانلاتهم الداخلية وهم يراقبون الأيام وهي تمر. تحولت الحياة إلى سلسلة من الحكايات والنوادر غير المترابطة الحالمة وإن كانت واقعية على نحو ما. وقد تستمر الأمطار في الهطول لأيام وليال مما يمثل عذرا لعدم القيام بشيء سوى اللعب وتناول الطعام والقراءة والاستمتاع بغفوة والعناق. إنها تمطر كثيرا إلى الحد الذي يجعلك تتساءل حول ما إذا كان هذا هو الوقت المناسب لبناء سفينة نوح، وفجأة تتوقف الأمطار وإذا بغلالة شفافة من الجواهر اللامعة تنسدل على الحقول والأشجار. قضينا بعض الوقت على شاطئ أنجونا الصخري النظيف نحاول إبعاد بائعي الهدايا التذكارية والهروب منهم. لقد بدأت تمطر بمجرد وصولنا إلى حصن أغوادا الذي يقف شامخا على طرف البحر في مشهد يخطف الأنفاس من أعلى. كان الحصن أقل ازدحاما عن المعتاد بفعل الأمطار وقضينا أغلب الوقت في استكشافه. لقد تمكنا من الاستمتاع بالأرض الزلقة بفعل الأمطار التي تهطل على مظلاتنا ومعاطف المطر التي كانت تحمي آلات التصوير أكثر مما كانت تحمينا. الجزء المثير في الرحلة حدث على شاطئ دونا باولا.. لقد كنا نقف أعلى نقطة في قلب المشهد ويدور حوار ودود عندما رأينا زعنفة سوداء قريبة جدا من الشاطئ وتبين بعد ذلك أنه دولفين. ورغم أن المشهد لم يكن واضحا، استطعنا رؤية الدولفين وهو يسبح بسعادة ويتباهى بزعنفته. وأثار ابتهاجنا فضول الواقفين جوارنا وتمتع الجميع باللحظة إلى أن اختفت الدلافين تماما. لقد تعلمنا الكثير من الدروس في هذه الرحلة، فقد كنا منشغلين بسباق الحياة المحموم الذي نسينا في خضمه معنى الحياة الحقيقي. تسير الحياة في غوا على الإيقاع البطيء للسيارات والخدمة، فلا مكان للعجلة في هذه الولاية. كان الأمر يبدو وكأن أيام سكان غوا كلها إجازات. إن الطبيعة الثرية واستكشاف غوا لتجربة جديرة بالاهتمام حقا. موسم الأمطار هو الوقت الأنسب للقيام بمغامرات في الطبيعة، أو يمكنك التمشية على الشاطئ ومشاهدة البحر الغاضب، عندما تضرب أمواجه المتلاطمة الشواطئ بكل قوتها. ينبغي أن تشتري معطف مطر والسير تحت الأمطار أو البحث عن ملجأ عندما تبدأ الأمطار في الهطول. ستكتشف أماكن وأجواء لا يمكن أن تعرفها من الدليل السياحي أو المجلات. ما الذي يمكن أن يفعله المرء أيضا في غوا؟ الجلوس ومشاهدة الأمواج المتلاطمة واحتساء الشاي والاستمتاع بوجبة حريفة ساخنة. كذلك يمكن الذهاب إلى سباق السيارات الصغيرة. آخر مرة ذهبت فيها إلى هناك، كان مغلقا، لكن حالفنا الحظ هذه المرة ووجدناه مفتوحا. دخلنا ودفعنا ثمن التذكرة وملأنا الاستمارة التي نقر فيها بتحمل مسؤولية ما نقوم به كاملة. يا له من سباق مفعم بالحماس خاصة بالنسبة إلى الأطفال. لا تأتي إلى غوا في هذا الموسم إلا إذا كنت ممن يحبون التخطيط ويكرهون العفوية. ولا تأتي أيضا إذا كانت الإجازة المثالية بالنسبة إليك هي جدول مشحون بالأحداث، أو إذا كنت لا تستمتع برفقة من معك. ولا تأتي إذا كنت تبحث عن الاحتفال أو الحفلات الصاخبة والشواطئ شديدة الازدحام، فالأعلام الحمراء مرفوعة في كل مكان وغير مسموح بالسباحة في المحيط، و99 في المائة من الأكواخ على الشاطئ ستظل مفككة حتى الموسم المقبل. أما في ما يتعلق بالمطاعم والمقاهي العالمية التي سمعت عنها كثيرا، فأكثرها مغلق. إذا كنت تكره الطين ورائحة الغرف العتيقة المهجورة، وإذا كنت لن تدع أطفالك يلعبون في البرك الطينية، فهذا المكان ليس مناسبا لك لقضاء الإجازة. أما إذا كنت تصر على ارتدائهم لأحذيتهم الجديدة الرائعة، فأبشرك بأنها سوف تفسد في غضون ساعة. أيا كان المكان الذي توجد فيه، فسيكون من السهل المشي وسط الطبيعة، حيث توجد الحدائق الغناء والغابات والحقول في كل مكان حولك، وتوجد في الكثير من القرى برك من المياه في المحاجر القديمة حيث يمكنك السباحة. اكتشف شكل عيش الغراب الذي يمكن تناوله وحاول العثور على بعض منه. اشعر بملمس الطحالب الناعم على الأشجار. ابحث عن زهرة مليئة بالرحيق وامتصه. يوجد مخبز في كل حي في كل قرية تقريبا. ومتوفر بسوق مانبوزا أحذية المطاط ومظلات ومعاطف مطر. قد تكون نزهة على الشاطئ تحت المطر مبهجة وباعثة على النشاط، لكن احترم مزاج الطبيعة فلا تفكر في السباحة. لا توجد حياة على الشاطئ فهو شبه مهجور وباعث على الكآبة والهموم. مع ذلك يمكنك التمشية على الشاطئ ومعك بعض الأشياء التي تبهجك أو يمكنك البحث عن كوخ صالح للإقامة إذا كان هذا هو الخيار الوحيد أمامك. استقل سيارة أجرة وتعمق في الداخل. لا يهم إلى أين تذهب سواء كان ذلك بحيرة مايم أو كورلا غات أو بوندا أو ألدونا أو ديفار، فالمهم هو الاستمتاع بالنزهة وتغريد الطيور والألوان. كذلك يمكنك شراء وجبات خفيفة من أماكن بيع تلك الوجبات المنتشرة، والقيام بنزهة على الجسر أو تحت شجرة، أو كن شجاعا واستكشف مكانا جديدا في الطريق. اطلب من السائق المرور على معدية، ولا تبالي بوجهتها، حيث سترى على الأرجح رجالا يصطادون في البحيرات التي تكونت بشكل عشوائي بفعل الأمطار الموسمية، واسألهم كيف عرفت الأسماك طريقها إلى تلك البحيرات. يمكن أن تأخذك نزهة على الشاطئ بعيدا عن الجميع، فالرمال رطبة والمحيط يزأر مثل وحش جائع. ترتفع الأعلام الحمراء على الرمال كدلالة على خطر النزول، ولا بأس بالمشي إلى جواره، فوجودي إلى جانبه يمنحني الطاقة. زئير.. زئير! الأمواج تتلاطم وتضرب الصخور الحمراء وترتفع مكونة أبراجا من زبد البحر وتهدأ ثم ما تلبث أن تعود للهجوم مرة أخرى. وجدت مكانا أجلس عليه وأخرجت تفاحة من حقيبتي وقضمتها، لقد كانت حمراء جدا ورائعة، وكانت تحيط بي درجات اللون الرمادي من كل جانب. اختيار مكان الإقامة المناسب خلال فترة الأمطار الموسمية أهم من اختياره في أي وقت آخر من العام، حيث قد تضطرك الأمطار إلى قضاء الجزء الأكبر من الإجازة به لعدم قدرتك على الخروج. استئجار غرفة في المنازل أو الفيلات أمر رائع سواء كان يشمل ذلك الخدمة أو كان النظام هو خدمة نفسك بنفسك، حيث توجد مساحة كبيرة للمعيشة تناسب أيام مكوثك داخل المنزل الطويلة. وكثيرا ما يتم تقديم طعام جيد. تقدم الفنادق الكبيرة طعاما جيدا وتوفر مساحة كبيرة للمعيشة، وتكون الأسعار منخفضة خلال موسم الأمطار، لذا يمكنك الإقامة في مكان أفضل من المعتاد. وتقيم بعض الأماكن احتفالات وفعاليات مذهلة خلال موسم الأمطار، مما يجعله وقتا رائعا لزيارة الولاية بالنسبة للراغبين في عيش التجربة والانفتاح على الثقافة المحلية. يكشف الحال في غوا خلال فترة الأمطار الموسمية التي لا تعد موسما سياحيا عن أن بمقدورنا التركيز على أمور أكثر مما تقدمه سلطات الولاية بدلا من الاحتيال وتقديمها على أنها كوت دا زور أو ميامي الهند أو فقط مركز للحفلات الصاخبة الماجنة. مثل لندن أو باريس أو أي مكان صاخب آخر خلال الموسم غير السياحي، شعرت أننا تعرفنا على الوجه الحقيقي لغوا لا الوجه السياحي. ونحن نعتزم بالفعل قضاء إجازتنا المقبلة في غوا.. في موسم الأمطار بالطبع. جريدة الشرق الأوسط ..

حسن الحمادي1
حسن الحمادي1
الف الحمد لله على السلامة
سرد جميل و راقي
سجلني من المتابعين
تقبل تحياتي ""

T.R.A.N.Z.I.T
T.R.A.N.Z.I.T
تقرير رايق
بس ياخي جوا ماتصلح الا مواسم معينه نوفمبر وديسمبر وجانيوري وفيبروري وكيذا
اما المواسم الباقيه امطار ماتصلح

نيرفانا
نيرفانا

نيرفانا
نيرفانا

نيرفانا
نيرفانا

نيرفانا
نيرفانا


خصم يصل إلى 25%